حيثما يوجد الفساد ، لابد من وجود اناس نزيهين ، وحيثما يوجد اللامبالون ، لابد من وجود أناس مخلصين ..فلوخليت قلبت ، وبلدنا لايخلو من أناس خيرين يطمحون لبناء البلد وتعميره وتقدمه ..
في اغلب مقالاتنا ، لانجد غير الظواهر السلبية في مجتمعنا لنتحدث عنها ، لكن مهمة الكاتب هي تأشير مواطن الخلل والصواب في المجتمع لمعالجة الأول وتحفيز الثاني ،لهذا طاب لي أن أكتب عن خبرانجاز المرحلة الأولى من مشروع قنبر السكني في محافظة النجف لمنتسبي العتبة العلوية الذي يتكون من 959دار بمساحة 200 متر مربع وبمساحة بناء 120 متر مربع ، والذي تعثر انجازه منذ خمس سنوات من قبل احدى شركات المقاولات رغم تسديد العتبة لكامل المبلغ المتفق عليه وتذرع الشركة بحجج واهية ، حتى تم اختيار مهندس عاد من دبي بعد عدة سنوات قضاها هناك ليقدم جهده لبلده ، وهنا بدأت قصة الصراع الأزلي بين الفساد والنزاهة وبين اللامبالاة والاخلاص ، وواجه المهندس عقبات عدة واعتراضات وصلت احيانا حد التهديد لاثنائه عن مواصلة العمل بالمشروع ، لكن الصخور تسد الطريق أما الضعفاء ، أما الاقوياء فيستندون عليها للوصول الى القمة ، لذا اختار هذا المهندس وسيلة جديدة لحث كادر العمل على التعاون معه من خلال السعي الى بناء الانسان قبل الوحدات السكنية فعمل على تخليصهم من الافكار الفاسدة التي تعطل سير العمل وضخ دماء الحماس والوطنية في نفوسهم وتلقينهم الافكار الجديدة البناءة المؤدية الى تقديم منجز حقيقي ، وابتدأ العمل الفعلي لتواجهه عقبات جديدة تتمثل في اعتراضات ممن يتصيدون في الماء العكرلكن الادارة الجيدة تغلبت على العوائق وتم انجاز المرحلة الاولى وتسليم 238 دارفي وقت قياسي ورغم الأزمة المالية التي عصفت بالعراق ، وهو الأمر الذي يسهم في حل جزء من ازمة السكن في النجف ..
مع ارتفاع نسبة المواطنين الذين لم يحصلوا من حكومة بلدهم على قطعة سكن من أرض هذا البلد ، توقع المواطنون الذين كانوا يحلمون بالتغيير أن
تلبي لهم الديمقراطية الوليدة شيئا من أحلامهم وأولها قطعة ارض يغرسون فيها اقدامهم وسقف آمن يأويهم ، ولأن ذلك يحتاج الى بناء العديد من المجمعات السكنية وتوزيع الاراضي على مستحقيها فعلى المواطن أن (يمسح يده بالحائط) –حسب التعبير الشعبي –فبناء المجمعات السكنية يحتاج الى أموال ووزارة الاسكان كغيرها من الوزارات تشكو من الأزمة المالية التي اوقعنا فيها السياسيون ، وحتى المشاريع البسيطة التي انجزتها قبل ان يحل عهد التقشف خضعت لضغط الفساد والعلاقات الشخصية واستحوذ عليها من لايستحقها فعلا ، وتوزيع الاراضي السكنية يحتاج الى عدالة وحسن تخطيط واستغلال جيد للمساحات غير المستغلة في بغداد والمحافظات ، وماتم توزيعه منها خضع ايضا لنفس العوامل ، أما المشاريع الناتجة من استثمار خارجي فلاتناسب اسعارها المواطن العادي ..
يكمن حل المشكلة اذن في انتهاء الأزمة المالية أولا والتخطيط الجيد لاسكان المواطنين ثانيا ووجود اداريين ومنفذين مخلصين ووطنيين كالمهندس الذي نفذ مشروع قنبر ثالثا ..يبدو اننا بالغنا في مطالبنا فالازمة المالية في تصاعد ولاوجود للتخطيط الجيد في ظل الفساد كما ان العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة من المسؤولين والمنفذين ..اما الوحيد الذي لايتغير حاليا فهو حال المواطن العراقي المتعطش للحصول على قطعة من ارض بلده أوسقف آمن !!