ثروات الشرق الاوسط متنوعة وكثيرة جدا, كان من الممكن ان تجعل شعوب المنطقة الاكثر ثراء في العالم, لكن ابتليت دولة المنطقة بحكومات وانظمة لا تعرف كيف تستغل ثروات المنطقة, حيث ابتليت المنطقة بصراعات وحروب لا تنتهي, الامور جدا معقدة في ارض الشرق الاوسط, وهي تشمل العراق وسوريا ولبنان وفلسطين والاردن ومصر, وتدخل ايضا تركيا وايران ضمن نفس الدائرة, والملاحظ ان القوى العالمية داخله في كل ما يحدث في هذه البلدان من حروب وتقلبات سياسية ومحن.
ان احداث الشرق الاوسط اخذت بعدا دوليا, مع تدخل القوى العالمية (امريكا والقوى الاوربية) بكل صغيرة وكبيرة, وسيكون موضوعنا محدد عن اكتشافات الغاز وتأثيراتها الحالية.
في عام 2014 تم اكتشاف حقل “ظهر” في مصر والذي تقدر موارده ب 30 ترليون قدم مكعبة متزامن مع اكتشاف حقول غاز في دويلة اسرائيل تقدر ب 35 ترليون قدم مكعبة, اي ان خزين هائل في منطقة الشرق الاوسط فقط,, , ما تم التصريح به في مصر والصهاينة, وهذا احد اهم اسباب الاهتمام العالمي بالمنطقة, حيث اشارة هيئة المسحالجيولوجي الأمريكية أن حوض شرق المتوسط لديه موارد نفطيةتقدر بنحو 1.7 مليار برميل، و122 تريليون قدم مكعبة من الغازالطبيعي, اي انها ثروات لا تنتهي الا بعد عقود طويلة, ولها تأثيرعلى الاقتصاد العالمي والسياسة الدولية, وقد شرع المصريين مبكرا في استغلال الغاز عبر توفيره محليا ثم اتجهوا للخطوة الاكبر عبر تصدير الفائض, وها هم اليوم يجنون ثمار اجتهادهم المبكر في قضية الغاز.
غير ان العراق ولبنان وسوريا ماتزال متخلفة في خصوص استغلال ثروات الغاز, والاسباب بالأساس سياسية.
بعض دول المنطقة تنظر للأمر باعتباره طوق نجاة لها وهبة من السماء ويجب استغلالها على اكمل وجه, والا عد التهاون في هذا الموضع جهل وغباء, كحال بعض البلدان (كالعراق وسوريا) والتي من سوء حضها انها تحت قيادات لا تفهم اهمية الثروة وكيفية تنميتها والاستفادة منها! لذلك ظهرت اتفاقيات اقتصادية لتنظيم استغلال الموارد والغاز هنا بالخصوص, وسنذكر هنا اهم ثلاث اتفاقيات جرت في منطقة الشرق الاوسط:
اولا: اتفاقيات تصدير: بدأت دويلة اسرائيل بعقد الاتفاقيات بما تملك من قيادة اقتصادية تفهم الحاضر وتفكر للمستقبل بعكس ساستنا النائمون بالعسل, فكانت اتفاقية تصدير الغاز الخام الى الاردن ومصر لتلبية السوق المحلية لكليهما, او بغرض اعادة تصديره الى الاسواق الاوربية مستفيدة من منشات الاردن ومصر المتطور في مجال الغاز.
ثانيا: خطوط أنابيب نقل اقليمية: وبالتزام مع الاتفاقية الاولى ظهرت مقترحات عديدة تنظم عملية حركة الغاز عبر جغرافيا الشرق الاوسط كي يصل للأسواق المطلوبة, مثل خط انابيب بين تركيا ودويلة اسرائيل, واخر بين لبنان وقبرص, وخط انابيب عملاق ( ايست ميد) ويمتد بين دويلة اسرائيل وقبرص واليونان حتى ايطاليا.
الغريب.. ان العراق وسوريا ومصر بقيت بعيدة عن اتفاقيات لخطوط انابيب نقل الغاز!
ثالثا: منتدى غاز شرق المتوسط : اسست مجموعة من بلدان المنطقة بالتعاون مع دول اوربية وهي ( مصر ودويلة اسرائيل وقبرص واليونان وايطاليا والاردن والسلطة الفلسطينية ) منتدى غاز شرق المتوسط, ومقره الرئيسي في القاهرة, الهدف منه تدشين سوق مشتركة للغاز الطبيعي بين بلدان المنتدى, سوق مشتركة للغازالطبيعي، وتعزيز الاستخدام المشترك للبنى التحتية مع العلم أنالمنتدى يحظى بدعم من أطراف أوروبية متعددة وهذا ما يتضح فيمطالب فرنسا مؤخراً بالانضمام للمنتدى.
اهم التحديات اقتصادية:
هذه الاتفاقيات والمشاريع الاقتصادية تواجه تحديات كبيرة قد يكون اخطرها عدم استقرار المنطقة سياسيا مما يجعل الاستثمار فيها معرض لمخاطر كبيرة, ونعرض هنا اهم التحديات :
تعاني اسواق الغاز العالمية من فائض في المعروض في الوقت الراهن في وقت ازدياد مشاريع الانتاج والتصدير في مختلف بقاع العالم, مما يزيد من حد المنافسة بين المنتجين ويؤدي للضغط على اسعار الغاز لتتهاوى مستقبلا, وتحول كبار المستهلكين نحو الوقود الاحفوري مما يعني انحسار استخدام الغاز مستقبلا.
المهمة الاصعب امام المنتجين في الشرق الاوسط, هي البحث عن اسواق جديدة, كي يمكنهم تسويق انتاجهم من الغاز الطبيعي, فمن الصعب الدخول حاليا للسوق الاوربية بسبب وجود منتجين كبار مثل روسيا والنرويج, والتي تتميز بجاذبية اسعارهم مقارنة باسعار غاز شرق المتوسط, كما تواجه منافسة شديدة من عمالقة اسيا في انتاج الغاز ( الصين والهند) مع وفرة المعروض من منتجين اخرين مثل (استراليا).
تشير التقديرات إلى أن أسعار توريد غاز شرق المتوسط سترتفع عنالمتوسط العالمي للغاز في المستقبل، والأمر الذي يعود لاعتبارينوهما ارتفاع تكلفة استخراج الغاز من شرق المتوسط نظراً لوجودالموارد بالمياه العميقة، فضلاً عن ارتفاع تكاليف مشاريع نقلوتسويق الغاز.
اي ان جانب الاسعار مستقبلا لن يكون في صالح المنتجين من منطقة الشرق الاوسط.
في ظل الصعوبات الاقتصادية والفنية التي قد تلاقيها عملية تنميةموارد الغاز في شرق المتوسط، فلا غنى عن تعزيز التعاونالإقليمي, كخطوة جوهرية نحو تلبية احتياجات الأسواق المحليةفي المنطقة من الطاقة, بيد أن ذلك يتطلب تذليل العقباتالجيوسياسية, والصراعات القائمة بين بعض أطراف المنطقة, وعلى العراق وسوريا الاهتمام في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز بدل عمليات الهدر المستمرة للغاز, ولو تم الامر فه يصب في تكوين اقتصاد محلي رصين للعراق وسوريا.