تلقي الدراسة العلمية للدكتورة سارة عبابنة في المجلة الدولية لدراسات الشرق الأوسط، عن المشاركة النسائية في حراك العاملين في وزارة الزراعة ونساء أخريات يعملن بالمياومة، الضوء على جوانب جديدة ومختلفة عن الحركة النسائية الأردنية، وهي دراسة نوعية أجريت على مدى ثلاثة عشر شهرا في سبع محافظات بين عامي 2011 – 2013 ، ثم نشر مؤخرا موقع حبر ترجمة ملخصة للدراسة في حوالي 4000 كلمة أعدتها تقى مساعدة بعنوان “دروس عن تمكين المرأة نتعلمها من حركة عمال المياومة”.
مئات النساء اللواتي يعملن بأجور هي أقل من الحد الأدنى وفي بيئة وظروف عمل غير عادلة، لكنهن شاركن في احتجاجات واعتصامات متحديات الثقافة النمطية عن المرأة، وكان الملفت أنهن لقين تضامنا قويا من أسرهن وأقاربهن، ما يؤكد أن الإلحاح على تقديم الصورة المحافظة للأهالي والبيئة الاجتماعية يخالف الواقع والاتجاهات الاجتماعية الجديدة التي تؤيد مشاركة المرأة ونضالها لأجل حقوقها، وإنها لفكرة منطقية، فمن المؤكد أن المجتمعات التي ترسل بناتها للدراسة في الجامعات تؤيد أيضا أن تعمل المرأة وبأجور وبيئة عمل عادلة.
ما يزال أمام المهتمّين منّا بتمكين المرأة الكثير لنتعلّمه من نساءِ حركةِ عمّال المياومة. تقول عبابنة “فقد تمكّنت الحركة من جذب الكثير من النساء لأنها قدّمت خطابًا وبُنيةً مرنةً خاطبت النساء بصفتهنّ جزءًا من المجتمعات وأعطت الأولويّة لاحتياجاتهنّ الاقتصاديّة. يُمكن تعلُّم دروسٍ مهمّةٍ عن الإصلاحات المؤسسيّة المُدْمِجة للنوع الاجتماعي إذا ما درسنا خطابَ وبنية حركة عمال المياومة”.
لقد واجه الحراك العمالي إعراضا من المهتمين والمتابعين بالنظر إليه حراكا مطلبيا، وحتى المؤسسات الحقوقية النسوية لم تلاحظ في الحضور النسائي المكثف والملفت في الحراك ما يدعو إلى الاهتمام، وفي المقابل فقد أشار إلى هذه الحركة عدد من الكتاب مثل أحمد أبو خليل، وأحمد عوض، وفداء عدلي.
يعمل عمال المياومة لدى الحكومة والشركات الخاصة مقابل أجرٍ يوميّ، ويمكنهم أن يشغلوا أي وظيفة، كأنْ يكونوا مهندسين وفنّيين وموظّفي سكرتاريا وعمال نظافةٍ وصيانةٍ وميكانيكيين ومراسلين وسائقين وغيرهم. وما يجعلهم عمّال مياومة هو أنهم على خلاف غيرهم من العاملين يتلقّون أجرًا يوميًّا وليس شهريًّا. عمال المياومة الذين يعملون في القطاع العام ليسوا مصنّفين قانونيًّا كعاملين تابعين لديوان الخدمة المدنيّة، بمعنى أن تشريعات الخدمة المدنية لا تسري عليهم، وهم بالتالي لا يتمتّعون بأغلب الحقوق الممنوحة لموظّفي القطاع العامّ، كما يُميَّز ضدّهم في الرواتب والأحقّية في المزايا. وهذا يعني أن الكثير من عمّال المياومة مديونون باستمرار. وتعرض الدراسة حالات وقصصا وأمثلة عن نساء جامعيات اشتغلن في مؤسسات حكومية وخاصة كعاملات مياومة، وقد أثمرت عشر سنوات من النضال الدؤوب في تحسين ظروف وقواعد العمل والأجور.
بدأت حركة العمال في الأول من أيار (عيد العمال) 2006 باعتصام ثلاثة عشر عاملا بينهم سبع نساء أمام وزارة الزراعة، وحسب الناطق الرسمي باسم الحركة محمد السنيد فقد تجمع بعد أسبوعين ثمانية وستون شخصا من بينهم عشرون امرأة، ثم امتدت الحركة إلى المحافظات، وتواصلت الاعتصامات في أمكنة عدة وبوسائل مختلفة، لكن الحركة واجهت تحديا جديدا عندما أنهت وزارة الزراعة في أواخر 2009 عمل 265 عاملا الأمر الذي زاد من حجم الاعتصامات وعدد المشاركين فيها، وصارت تعقد بانتظام أمام وزارة الزراعة ورئاسة الوزراء، وفي العام 2010 اعتصم مائة عامل ثلثاهم من النساء امام الديوان الملكي، وأعيد الى العمل مائتا عامل من العمال المفصولين، وبحلول العام 2015 ثُبّت العمال وهم بالآلاف في المؤسسات حسب أنظمة ديوان الخدمة المدنية.
نقلا عن الغد الاردنية