23 ديسمبر، 2024 4:37 ص

مسيرة العاشقين الى معشوقهِم

مسيرة العاشقين الى معشوقهِم

كثيرةً هي القصص والروايات التي تتحدث عن العُشاق منذ ان خلق الله البشرية، لكن قصتنا هذه غير تلك القصص، عند التأمل بها والنظر بتفاصيلها، نجدها تختلف عمن سبقها وما تلاها من القصص والحوادث عِبر التأريخ، كليالي الف ليلة وليلة وقيس وليلى وعنتر وعبلة، وقصتنا هذه هي مسيرة الاربعين لسبط الشهيد “ع”.

واقعة طف كربلاء التي حدثت في العاشر من شهر المُحرم مطلع عام”61″ هجرية، التي وقعت فيها معركة بين الحق المتمثل بالحسين الشهيد “ع” والباطل المتمثل بيزيد إبن معاوية، انتهت تلك الحرب بأستشهاد الحُسين”ع” صاحب مشروع الاصلاح مع اهل بيته واصحابه في تلك الواقعة منتصراً رغم إستشهاده.

حادثة مضى عليها زمن ليس بالقليل فما يقارب الاربعة عشر قرناً مضت، لكن عند الوقوف على احداثها وتفاصيلها تجدها رضاً طرية كأنهُ اليوم الذي حدثت فيه “واقعة الطف”، وهذا بحد ذاته يعتبر إِعجاز وسر من اسرار خلود صاحب الذكرى السِبط الشهيد “عليه السلام”.

ربما يتسأل المرء ماهو سر الخلود للحسين إبن علي “ع” بالرغم من مرور زمن طويل على الحادثة الآليمة التي جرت على ارض كربلاء? الاجابة تكمن لاسباب عديدة نذكر منها؛ موقف الحُسين يوم عاشوراء احيا الامة الاسلامية ورسالة جده رسول الله (صلى الله عليه وآله)، التي اراد الامويين واعلامهم ان يُحرف الشريعة والامة عن مسارها الصحيح، وطمس معالم الدين الاسلامي، فدمائه الطاهرة كانت البلسم لِجِراح جسد الاسلام والمسلمين من التحريف، موقِف اخر نذكره لا للحصر وانما لتذكير الذي خلد ذِكراه “ع”، كان بأِمكان الحُسين إبن علي ان يبايع وياخذ ثمن بيعته ليزيد التي عرضت عليه من قِبل وُلات يزيد في المدينة، فقال مقولته التي صكت مسامع رجال السلطة الجائِرة “مثلي لا يبايع مثله”، لان الحُسين”ع” رآى في بيعته ليزيد محقٌ لدين جده المصطفى (صلى الله عليه وآله)، واعطاء الغطاء الشرعي ليزيد ولهذا اسس سيد أُباة الظيم قاعدة “لا اقِر ولا افر” هنا يشير باني لا اقر لكم لكونكم غاصبي للحق ومنتهكي للحرمات وسافكي لدِماء المحترمة، وبنفس الوقت لا افر بان ساواجهكم بما لدي رغم كل ما يلحق بي من اذى جراء عدم الانصياع لما تطلبوه مني بالموالاة لاهوائكم الضالة.
سر من اسرار الخلود الذي لعب دوراً مهماً في النهضة الحُسينية، الدور الاعلامي الذي تمثل بعقيلة الطالبيين شريكة الحُسين بالكِفاح اخت الحُسين السيدة زينب بنت علي “ع”، التي بصمودها وبصبرها وبدموعها استطاعت ان تُثبت اركان النهضة لاخيها الحُسين “ع” فكان لصوتها ولدموعها الاثر البالغ في بيان مظلومية الحُسين واهل بيته واصحابه.

مسيرة العِشق الى المعشوق، التي غيرت كل المعادلات الكيميائية والحسابات في عِلم الرياضيات، التي تحدت كل الظروف القاسية المؤلمة التي فُرضت على روادها، لمنعهم من الوصول الى هدفهم السامي ومعشوقهم الحُسين إبن علي “ع” الذي الهم الاحرار وعشاق الحرية والانسانية؛ المجد، والكرامة، والعنفوان، والصلابة، والثبات بوجة الطُغاة، لتحرير الانسان من قيود العبودية المقيتة التي استخدمها الامويين طيلة فترة سطوتهم بتكميم الافواه، ولهذا نجد كُل الطواغيت يخشون إسم الحُسين “ع” ومسيرة الاربعين لِما لها من اثر بالغ في نفوس الاحرار التي تبعث فيهم القوة والعزيمة من صاحب الذِكرى العطِرة التي تزلزل عروش الظالمين وهذا سر من اسرار خلود ذِكرى الحُسين الشهيد على مر العصور.