11 أبريل، 2024 6:12 ص
Search
Close this search box.

مسيرة الدم في العراق الجريح من المسؤول ?

Facebook
Twitter
LinkedIn

ملك فيصل الاول…نوري السعيد…عبد الكريم قاسم…ام البعث…وديمقراطية السيستاني…ام الشعب….
هذه الاسئلة المهمة ان لم توضع على طاولة النقاش والدراسة والبحث والتحليل,
وان يستوعب المواطن العراقي بوعي هذا التسلسل السياسي المضطرب,والذي اصبح يمثل قاعدة رئيسية في تحديد مرجعية بناء الدولة العراقية الحديثة,لن تقوم قائمة لهذا البلد,ولن يرى شعبه طريق الامن والاستقرار والسعادة الاجتماعية مرة اخرى.
انحدرت وتهاوت سياسة الاستقرار النسبية زمن ملك فيصل الاول ,عندما تدخلت العقليات العسكرية التسلطية في العمل السياسي,قبل وبعد حركة رشيد عالي الكيلاني او كما تسمى ثورة مايس 1941 وحركة الضباط الاربعة,ثم توالت سلسلة الاضطرابات الجماهيرية والسياسية,وتعامل الجيش الملكي بقسوة مع بعض تلك الاحتجاجات(انتفاضة الاكراد 1945
كوثبة كانون الثاني 1948وانتفاضة عمال النفط ,انتفاضة  1952 ,المطالبة بالاصلاحات السياسية ودعت الى الانتخابات,
وكذلك انتفاضة 1956الخ.),
هذه الاخفاقات السياسية في العهد الملكي,والتي ترجع بالاساس الى استيلاء طبقة فوقية (من الوسط السني تحديدا)من بقايا الاستعمارين العثماني  والبريطاني على الحكم ,مما تسبب بنشوب صراع اخلاقي واجتماعي وثقافي وسياسي بين الطبقة الحاكمة والقوى التحررية الشعبية المختلفة التوجهات والانتماء,فأصبحت منطلق مسيرة النزيف العراقي المستمر,وطريق مفتوح للتأسيس لدولة الانقلابات العسكرية ,وبداية لحكم العسكر بعد اسقاط النظام الملكي واعلان جمهورية قاسم1958 ,كل تلك التجارب العسكرية في الحكم لم تؤسس لمستقبل الدولة المدنية,بل كانت تؤسس لثقافة دولة الدكتاتوريات,مع الفارق النسبي بينها وبين تجارب البعث.
ثم جاءت جمهورية البعث 1968
,فكانت اعنف جمهورية عرفتها البشرية,مارست افضع واقبح الجرائم والافعال المنحطة,على الرغم من انها اسست لدولة المؤسسات والانظمة الشمولية,التي يبدوا انها افضل بكثير من الديمقراطية المعلبة
(والتي كنت اسميها ديمقراطية بريمر, لكن بمرور الزمن تحولت الى ديمقراطية السيستاني حفظه الله من كل شر)القادمة مع الامريكان,ديمقراطية السيستاني ليست استهانة او مس بكرامة هذا السيد الجليل,ولكنها بالفعل كانت تمر من خلال حجرته النجفية الفقيرة البسيطة,مشكلتها ان السيد السيستاني وقبل ابناء البلد الاصليين طالب بكتابة الدستور واجراء ا لانتخابات البرلمانية دون تأخير,بعد ان لمس حالة من المماطلة الامريكية لتأجيلها والتلاعب بمستقبل القوى الفاعلة فيها,وقد ايدته الجماهير بقوة, واتبعت اوامره الشرعية الملزمة لابناء الطائفة الشيعية,حتى اصبح مكتبه محط رحال اهل السياسة من العراقيين والعرب والاجانب,
ولكن الغريب وبعد ان غطست وتمرغت وجوه الحكم(الشيعي على وجه الخصوص) في بغداد في وحل الفساد ,تراجع وابتعد واغلق بابه بوجه دوامة الصراع السياسي في العراق,وانا شخصيا التمس العذر له,لانك عندما تجد اصحاب الجباه السود اكثر سقوطا من الملحدين واللادينيين والعلمانيين ,فعليك ان تقرأ السلام على هكذا شعب نتاجه السياسي بعد سنين المحن والكوارث والجرائم السياسية البشعة بهذه الضحالة.
مسيرة الدم تأريخ طويل من الحروب والصراعات والتوترات والمأسي الداخلية والخارجية,تخرج من مستنقع فتقع في اخر اكثر عمقا ,
دموية الارهاب الزاحف الى بيوت الفقراء والمسحوقين والمهمشين في عشوائيات الظروف البائسة,الكل يخرج منتشيا مبتسما في هيئة ومنظر البطل بعد كل كارثة,صدام كان يهتز من الضحك على جراحات الشعب ,ويتلذذ بمعاناتهم وجوعهم ومرضهم,
واليوم ثرثرة كلام منمق معجون بلغة مقدسة,بينما تمر المؤامرات من فوق وتحت طاولة المحاصصة السياسية,تعطل قوانين وارزاق الناس,تنهب الدولة في السر والعلن,تزور وتحرق وثائق وعقود ومعاملات الدولة,يهمل الامن ويترك الشعب اعزل في مواجهة الارهاب,مع الاستمرار في رفع حالة الترف السياسي للمتنفذين في الحكومة والبرلمان,كل هذه الامور والتجارب المرة التي مر ت بها بلادنا,نتاج تاريخ اجتماعي سيئ,محمل بموروثات تراثية دينية اكتسبت القدسية بمرور الزمن,
ماذا يعني ان يلطم الشيعة بعد سقوط النظام الدكتاتوري 2003بأيام,او ان تهب النساء والرجال والاطفال بمسيرة المشاية الى كربلاء بحجة مبايعة الامام الحسين ع سيد شباب اهل الجنة,وهم كانوا الى وقت قريب يغضون الطرف عن جرائم قطع الاذن واللسان والرؤوس وذبح الاطفال في سجون البعث,
وماذا يعني ان يستوعب السني همج الجاهلية الوهابية ليزجوه في تفجيرات مجنونة في بلادهم,بحجة ان حور العين في انتظار من يقتل شيعيا او شخصا يتعاون مع الحكومة,بينما يرون بأنفسهم بأن العمليات الانتحارية توقفت في اسرائيل منذ احتلال العراق,
هذه التشكيلة والبيئة الاجتماعية المريضة هي وراء كل مأساة هذا البلد الجريح,تارة تحت شعارات قومية طائفية فار غة كما كان عهد البعث البائد,وتارة اخرى هرولة مجانين في لعبة العمالة وبيع الضمائر في مجالس اللعناء من خونة الامة العربية .
لن يتوقف نزيف الدم الا بصحوة ضمير داخلية وطنية شاملة,تقوم بها لاجيال النظيفة ,تلك التي خرجت من رحم معاناة المراحل الاربع(حرب الثمان سنوات مع ايران1980
,وحرب احتلال الكويت1990-1991
,,والانتفاضة والحصار الاقتصادي,وحرب احتلال العراق عام2003)
,هذه هي الوسيلة والسبيل الوحيد لانقاذ البلد, بعد ان تتبخر حكومة المنطقة الخضراء,
وتبدأ الجماهير الواعية بتشكيل لجان وطنية في المحافظات ,ومن ثم يتم ترشيح النخب الاجتماعية والثقافية والاكاديمية فيها اشخاص من اصحاب الخبرة والكفاءة لكتابة الدستور العراقي الجديد,
والبدأ بعملية اصلاحية تأريخية وطنية تضع النقاط على الحروف,وتحدد بشكل شفاف وواضح مسؤولية الاشخاص والجهات والكتل السياسية المسؤولة عن التدهور الحاصل في عملية البناء الديمقراطي الحديث في العراق,وتوضح ايضا مسؤولية شرائح واسعة من مجتمعنا العراقي,كانت لها مواقف سلبية ادت بالنتيجة الى كل كوارث مسيرات الدم المتواصلة في بلادنا,تستبعد من خلال غربلة المواقف لكل انتهازيي مرحلة الازمة الحالية,الجهات الفاشلة والشخصيات النفعية المستغلة للوضع الامني المتدهور لبناء امبراطورية الفساد المالي والسياسي……الخ.
نقول مرة اخرى مسؤولية من?
المكون السني الذي لانعرف هل هو مع البعث الصدامي سابقا ومع جرائمه المتوارثة حاليا,هل هو مؤيد للارهاب ام قلة منهم يقفون معه بجرأة,وهل يؤمن بالدين الوهابي الخارجي,الذي يكفر المسلمين ويبيح ذبح اطفالهم وسبي نساءهم….الخ.
ام مسؤولية المكون الشيعي الذي فرط في ابسط قواعد بناء دولة المؤوسسات,وتهاون كثيرا في تعزيز سلطة الامن والنظام والقانون لدعم هيبة الدولة الديمقراطية,وانصرفت كتله الى صراعات جانبية,على مصالح ومنافع شخصية وفئوية رخيصة…الخ.
ام المكون الكردي الذي يلعب على اكثر من وتر حساس,عبر ممارساته الاستفزازية, وسياسة لعبة جر الحبل,تارة مع الوحدة الوطنية,وتارة  يلوح بحق تقرير المصير,واليوم يهدد اما قانون انتخابات يرضي نزواتنا ورغباتنا, او ننسحب من الحكومة,وكأنهم نصف الشعب العراقي, وليس مكون بنسبة اقل من10%بكثير…الخ.
ان التفكير الجدي بإيجاد مخرج وطني لعراق مابعد الديمقراطية الفوضوية,امر في غاية الاهمية,
بل هو امر مقدس ,لان مايضمر لهذا الوطن خطير جدا,ويعد التقاعس والسكوت عنه خيانة لتاريخنا وحضارتنا واجدادنا الاوائل,
فالنهضة اليوم نهضة شاملة لاتستثني احد اطلاقا,فالمصير واحد,ونتيجة الاهمال واحدة,اما شعب مهدد بالهجرة الجماعية ,والتقسيم الاثني الطائفي والعرقي,واستمرار جرائم الابادة والارهاب,واما بلد امن ينعم الجميع بخيراته وثرواته…..ليبقى الخيار خيار الشعب اولا واخيرا,هو من يحدد مصير هذا الوطن….

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب