قصص و روايات العشق، التي حدثنا عنها التاريخ كثيرة ومنذ الأزل، وقصتنا هذه غير تلك القصص..
عند التأمل بها والنظر بتفاصيلها، نجدها تختلف عما سبقها وما تلاها عِبر التأريخ، مثالاً على ذلك ليالي الف ليلة وليلة وقيس وليلى وعنتر وعبلة، وقصتنا هذه هي مسيرة العشق في الأربعين لسبط النبي الحُسين الشهيد “عليه وأله أفضل الصلوات”.
واقعة طف كربلاء التي حدثت في العاشر من شهر المُحرم مطلع عام”61″ هجرية، حيث المعركة بين الحق المتمثل بالحُسين الشهيد، والباطل المتمثل بيزيد إبن معاوية، وانتهت تلك الحرب بأستشهاد الإمام الحُسين، صاحب مشروع الإصلاح مع أهل بيته وأصحابه، وخروجه منتصراً رغم إستشهاده!
حادثة مضى عليها زمن ليس بالقليل، يبلغ ما يقارب أربعة عشر قرناً، لكن عند الوقوف على احداثها وتفاصيلها، تجدها رضاً طرية، كأنهُ اليوم الذي حدثت فيه، وهذا بحد ذاته إِعجاز وسر من اسرار خلود صاحب الذكرى..
يتسأل المرء ما هو سر الخلود للحسين، بالرغم من مرور زمن طويل، على الحادثة الآليمة التي جرت على ارض كربلاء؟ ربما الاجابة تكمن في اسباب عديدة نذكر منها؛ موقف الحُسين يوم عاشوراء احيا الأمة الإسلامية ورسالة جده، التي اراد الامويون واعلامهم، ان يُحرفوا من خلالها شريعة السماء، والامة عن مسارهما الصحيح، وطمس تعاليم الإسلام وتوظيفها حسب ما تقتضيه مصالحهم، لهذا تصدى السبط بالكلمة، وبدمائه الطاهرة التي كانت البلسم لِجِراح جسد الأمة..
موقِف اخر نذكره لا للحصر وانما لتذكير الذي خلد ذِكراه، فقد كان بأِمكان الحُسين ان يبايع وياخذ ثمن بيعته ليزيد، التي عرضت عليه من قِبل وُلاة يزيد في المدينة، فقال مقولته التي صكت مسامع رجال السلطة الجائِرة “مثلي لا يبايع مثله”..
الحُسين رآى في بيعته ليزيد محقٌا لدين جده المصطفى “عليه وأله آفضل الصلوات” واعطاء الغطاء الشرعي ليزيد ولمن سيخلفه، ولهذا اسس سيد أُباة الظيم قاعدة “لا اقِر ولا افر” وهنا يشير بانه لا اقر لكم، لكونكم غاصبين للحق، ومنتهكين للحرمات، وسافكين للدِماء التي حرم سفكها، وبنفس الوقت لا افر وساواجهكم بما لدي، رغم قلة العدد وخذلان الناصر، وما سيلحق بي من اذى، جراء عدم الانصياع، لما تطلبوه مني بالموالاة لاهوائكم الضالة.
سر اخر يكشفه الدور المهم في النهضة الحُسينية، كان بالجانب الاعلامي الذي مثلته شريكة الحُسين في الكفاح، أخته السيدة زينب بنت علي، التي أستطاعت بصمودها وصبرها، ان تُثبت اركان النهضة لاخيها، فكان لصوتها ولدموعها، الاثر البالغ في بيان أهداف نهضة الإمام، وبيان مظلوميته واهل بيته و أصحابه.
مسيرة العِشق الى المعشوق أيضاً كان لها الأثر في نشر تعاليم أهل البيت من جهة، ومن جهة أخرة بيان مظلوميتهم، هذه المسيرة التي تشكلت بعد أستشهاد ريحانة النبي، فواجهت التحديات والقيود، التي فرضت على روادها بشتى السبل، لمنعها من الوصول الى قبر الحسين، الذي الهم الاحرار وعُشاق الحق والانسانية؛ والمجد والكرامة والعنفوان والصلابة، والثبات بوجة الطُغاة، لتحرير الانسان من قيود العبودية المقيتة، التي استخدمها الامويون، ومن بعدهم العباسيون،
لحقهم في ذلك المتأخرون من البعثيون طيلة فترة سطوتهم بتكميم الافواه، لهذا نجد كُل الطواغيت، يخشون إسم الحُسين ومسيرة الاربعين، لِما لها من الأثر البالغ في نفوس الاحرار، فتبعث فيهم القوة والعزيمة، من صاحب الذِكرى العطِرة، التي تزلزل عروش الظالمين وهذا جعل ذِكرى الحُسين الشهيد على مر العصور، تصعد لعنان السماء