23 ديسمبر، 2024 11:00 ص

مسيرة الأربعين مدرسة الإنضباط

مسيرة الأربعين مدرسة الإنضباط

تعد مسيرة الأربعين من أكبر الفعاليات الشعبية, التي يمارسها شعب من شعوب الأرض, فهي مسيرة مليونية تعدت العشرين مليونا, وهي متواصلة على مدة تجاوزت العشرين يوما.
تمتاز هذه المسيرة بالبعد الروحي, والتعلق بالقدسية التامة للإمام المعصوم عليه السلام, وتحظى بأهمية بالغة في نفوس المؤمنين, فهي -زيارة الاربعين- تعد علامة من علامات المؤمن, كما عدّها الإمام العسكري عليه السلام.
دفع الشيعة وعلى مدى قرون, ضرائب باهظة, في سبيل الحفاظ على هذه المسيرة, وإستمرار ديمومتها, فأعطوا أموالهم, وأجسادهم, وأرواحهم في سبيل الوصول إلى قبر الحسين عليه السلام في يوم الأربعين, مواساة لآل البيت عليهم السلام, ورجوع سباياهم من الشام إلى كربلاء في هذا اليوم.
هذه المسيرة المليونية, رسمت لوحة جميلة من العطاء, ومن التنظيم الذاتي أو الإدارة الذاتية, فالتجمعات غالبا ترعاها دول وحكومات, ورغم وصول بعضها إلى مئات الآلاف, إلا إننا نرى إن تلك الحكومات تصرف الكثير من الجهد والأموال والحمايات الأمنية, ومع ذلك تحدثت بعض الخروقات, أو الإحتكاكات بين المتظاهرين أنفسهم.
في مسيرة الأربعين الكربلائية, لا نجد جهة معينة تشرف أو تنظم الزيارة, والأعداد المشتركة من الزائرين تفوق قدرة الدولة على أدارتها, ومع ذلك نجد إن المسيرة وعلى مدار أكثر من عشرين يوما, نجدها مسيرة منضبطة, يتخادم فيها الجميع, فلا صدام ولا صراع, ولا تخاصم ولا نزاع, بل هي مسيرة للسكون والهدوء والطمأنينة, يشعر بها السائر.
مسيرة الأربعين مسيرة عظمى, يجب أن تُخًلًد وتُدَرَس, وعلى من يريد أن يعرف التنظيم وحسن الإدارة, فلينظر لهذه الجموع الزاحفة صوب كربلاء, والتي أعطت صورة ناصعة للسلم والتضامن وحسن الإدارة والإنفاق.