لم يعد الظاهر مُفرطاً بتناقضاته إذ تولَت الأشياءُ البديلةُ محاكاة قاموسها القديم وبدأت بتخيله من خُرافة لخرافة ومن مسحٍ شاملٍ للحوادث التي لم تتكرر. أبقى ذلك: الفصول الثابتة ضمن تاريخها وبالتالي نُظر اليها بشيء من التروي ثم التودد بعد أن استجابت لانشقاقاتها المتكررة من أن كل معرفة دالة لا تدل على شيء.
راق التعبيرَ الموائدُ الخاليةُ إلا من القليل وتجسد مفهومهم السكوني من كفايتهم في تفسير القصد والاكتفاء بعُصبة واحدة من الشطح الخيالي.
بعدَ أن رَجَموا بعُلَبِ الكوكا كولا المعدنية من تقلّدَ بذوق كاردوشي كونهم تحرروا من مسند الأيدلوجيات في تفسير الجمال.
كان من الممكن وسط هذا الجمع أن يتم تبادل الرسائل الخفيّة أو تبادل رمزيات الرسوم التخطيطية.
صمتوا أو بالأحرى سكنوا حين قُرأ عليهم فصلٌ من(جين أير..)
ومن بين ذلك الصمت نهض أحدُهم مخاطبا الريح التي مرت:
لم أقبض أُجرتي.
أستعير من كل حقبة نمطا مفرطا في بيان تفاصيل حتمياته، وبانقضاء قرن ونصف بقي نفسُ المكان بنفس موائده وجلاسه، لكن هناك من نهض مُخاطباً نفسَهُ:
علينا أن نتصور ما يجري بعد انقضاء الغايات الهزيلة. لذلك كرروا الانتظار. تلاشى مسمى الشيطان، وتلاشى التخيّل الفردوسي للآخرة.
وما هي إلا المسافة التي يدور بها كوكبٌ عن كوكبٍ حتى سُرد على العامة مصيرهم المُلَخَص تلخيصاً لا يسمح لحرفٍ بالحركةِ.
أُجريت مسوحات جديدة على الخُرافة التي تعود لقصة الهدهد… وأجري مسحٌ آخر لطبول العفاريت التي تأتي بالمطر، ومسحٌ آخر لغواية آدم بغيرِ سيقانِ حواء.
لم يبق من الفصول الثابتة غير ترقيم الصفحات من أذيالها، ولم يشفع للذين أرادوا أن ينهوا قصصهم دون ذِكرٍ لآلة البخار، ولا للأجسام المعدنية التي تطير ولا حتى عن الشواهد العينية عن رحلة الإنسان بعدَ أن عاد من القمر.
لذلك فُسِّرَ التعبيرُ الذي لم يكتمل فُسّرَ من نقص في الشطوحات الخيالية،
رغم أن الجميع عاصروا ظهور التلفاز وأيقنوا من ذرتي الهيدروجين وذرة الأوكسجين ومن النترات وأوكسيد الكالسيوم وذرة وجزئيات البلتنيوم، في حين استمر تبادلُ الرسائل الخفية ورمزيات الرسوم التخطيطية وكل الأشياء التي شكلت معارف دلّت على معنى الكيان والمُكون والعلة والمعلوم والنطق الأول بمعرفة السببية وقد بقي ما بين لحظة وأخرى من ينهض ليقول:
هذا التناسب حديثُ في كوميدياته فوقَ الموائد.. وتلك المرآة مارست دورها المطَهِر للأشكال التي بقيت في أزقتها غائبة ووحيدة،، وكم من بعد ذلك مَن نهض ليقول، لكنهم بعد أن مَلّوا من رمي العُلب المعدنية،
انتظروا هذه المرةَ من يَرمها عليهم ويزيل عنهم غشاوة المعصومينَ من الخطأ.
وقد تمسكوا بالبخارِ العائم والآلة الموسيقية الحديثة استجابة لانشقاقاتهم المتكررة من أن كل معرفة دالة لا تدل على شيء حتى لو أعيد عليهم قراءة الكتب السماوية عشرين مرة أو حتى لو حضرَ العشراتُ من المعصومين كي يُقنعوهم بأن تلك الأشياء خُرافةُ أتت من خُرافة.