23 ديسمبر، 2024 9:37 ص

مسمار في نعش المحاصصة !!

مسمار في نعش المحاصصة !!

منذ ولادة الدولة العراقية الحديثة في مطلع عام 1920 تُركت ترسبات ومشكلات على جسدها, اخذت تنحو بها نحو بودقة التأزيم, الذي اطلق عليه اسم ( التوافق) وهذا التوافق الذي كان بطبيعته الواقعية, يمثل وجه من اوجه الاختلاف ما بين التنوع السياسي والفكري والعقائدي في العراق, وكانت كل محطة سلطوية تحكم العراق, تنجب بطبيعة الحال عملية سياسية “مريضة”.
حتى جاء زمن النظام البعثي المقبور, الذي كان يمثل الوجه الاكثر دموية في قمع الاختلافات السياسية والعقائدية والفكرية, والتنوع المذهبي في هذا البلد, لتستمر هذه الحركة حتى نهاية عام 2003, الذي كان عاما مفصليا بالنسبة لساسة وشعب العراق, ليعلن وقتها عن رحيم التعسفية والدكتاتورية, التي حكمت العراق على مدى ثلاثة عقود, على امل بزوغ شمس الامل التي انتظرها العراقيون لزمن طويل, وهكذا إذا أعلن عرابو العملية السياسية الحديثة عن بدء حركة التقويم السياسي الجديد, او ما بات يعرف بزمن ما بعد عام (2003), لينتجوا لنا عملية سياسية عرجاء, وليعود شعار “التوافق” من جديد ولكن هذه المرة كان بعبارات منمقة وشعرات جذابة كـ”الشراكة” و”المشاركة” وغيرها, وبواقع الحال ان كل هذه العبارات هي اسم لشيء قبيح اسمه (المحاصصة).
ولكن الشعب العراقي ادرك مكامن ضعف هذه العملية السياسية المشلولة, وقال كلمة الفصل في انتخابات مجالس المحافظات الاخيرة.
وعلى الرغم من ان النظام الانتخابي الذي اجريت به الانتخابات, كان نظام سيء.! يشبه نظام (عروة ابن الورد) امير الصعاليك في العصور الاسلامية القديمة الذي كان يقطع الصحراء ليسرق ما تحمله قوافل الاطعمة والاموال ويوزعها على الفقراء, معتقدا بأنه يحقق العدالة, ولكنه في الواقع كان سارقا.! وهذا ما ينطبق طبق الاصل على نظامنا الانتخابي الحالي الـــ(السانت ليكو), الذي يسرق الاصوات ويوزعها على القوائم الصغيرة معتقدا بأنه يحقق العدالة.!.
وعلى الرغم من هذا فأن الناخب العراقي قد عاقب القوى السياسية الحاكمة, وانتخب القوى التي يتوسم بها تقديم الخدمة, ووجه ضربة “مدمرة” لقوى السلطة هذه الضربة التي ربما لا تستفيق منها الى بعد دورتين انتخابيتين او ربما لا تستفيق نهائيا.
ان تشكيل حكوميتي البصرة وبغداد المحليتين التي هزم فيها ائتلاف دولة القانون هزيمة نكراء خير مثال على ذلك, وحكومة بغداد بالذات تعطي مؤشرا على ملامح ما سيكون عليه المستقبل, إذ أن تولي ائتلاف متحدون رئاسة المجلس ربما يسقط المشاريع الطائفية ويطفئ النار التي كان الطائفيون ينفخون في كيرها, ويكرس واقع سياسيا جديدا يقوم على مبدا الشراكة الحقيقية التي طالما بح صوت عمار الحكيم من اجلها..