استوقفتني نشاطاتُ أحدِ السفراءِ التابعِ لدولةِ ما تقعُ في البحرِ الكاريبي في أمريكا الجنوبية، المعتمدَ في إحدى العواصمِ القريبةِ منْ دولته، التي ينشرها يومياً على مواقعِ وسائلِ التواصلِ الاجتماع . يعدْ هذا النشاط، جزءاً منْ عملِ البعثةِ الدبلوماسيةِ بموجبَ القوانينَ الدوليةَ والوطنية.
تتناول هذه النشاطاتِ العملِ اليوميِ للبعثة، ولكنَ ما أثارني، اقتصارها أو تركيزها معَ المقيمينَ من أبناء دولته، في تلكَ العاصمةِ لمقرِ البعثة، في استقبالُ وتلبيةُ دعواتِ للبعض من شيوخِ العشائرِ، رجالِ الأعمالِ، رؤساءِ الشركاتِ التجارية ،والنوابِ السابقينَ، وبعضِ رجالِ الدين ، أعضاء الأحزابِ السياسيةِ، والمسؤولينَ السابقينَ الذي تحولوا إلى كبارِ رجال الأعمال، بفعلِ تبوئهمْ الوظيفةَ العامةَ لسنواتِ عدة، ليكونوا في مأمن في ضوء الفوضى الديمقراطية في بلدهم، وبعيدا عنْ أنظارِ السلطاتِ الرقابيةِ والقضائيةِ في دولِ البحرِ الكاريبي.
تتخللَ معظمَ تلكَ النشاطاتِ وجباتِ الغذاءِ أوْ العشاء، كما ينصُ الخبر،( حضرت وجبة غداء وحضرت وجبة عشاء، أقامها المدعو…..) . وإلله – عيب- عيب – وكأنَما السفارة، تمرَ بمرحلةِ قحط، بسببَ عدمِ سقوطِ الأمطار، مما أدى على عدمِ زراعةِ الحنطةِ والشعير، وإصابةُ رئيسِ البعثةِ وموظفيها بفقرِ دم، بديلاً عنْ كلمات المجاملةِ الدبلوماسيةِ معَ الضيوف لمدةَ عشرِ دقائقَ فقط، والعودةُ لإنجازِ العملِ الرسميِ للبعثةِ الدبلوماسي.
إنَ البروتوكولَ الدبلوماسي، في مثلِ هكذا نشاطات، عادةُ ما تنتهي، بتقديمُ هدية، إلى رئيسِ البعثة، تعكسَ النشاطَ التجاريَ لعملِ الضيف، أوْ من خلال إهداء لوحاتٍ فنيةٍ أوْ أقلامِ حبرٍ بارك، وربما تتجاوزُ بعضَ الهدايا الثمينةِ الخاصةِ لتصلَ إلى العقيلةِ المصونة، أوْ مراتٍ منْ بابِ الميانةِ الدبلوماسية، الطلبُ منْ الضيف في حالات نادرة، بتشغيلٍ المحروس، في أحدِ الأعمالِ العائدة للضيف فقطْ بالاسم، المهمَ استلامُ راتبٍ بالعملةِ الصعبة، مقابلَ بعضِ التسهيلاتِ التي تقدمُ لهُ في إنجازِ معاملاته، وتبيضَ صفحتهُ السوداءُ في أحدِ تقاريرِ البعثةِ المرسلةِ للجهاتِ المختصة.
قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم ( إذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا، وإذا خلوا إلى شياطينهم ، قالوا إنا معكم ، إنما نحن مستهزئون”). صدق الله العظيم .
إنَ المستغربَ والملاحظَ في تلكَ النشاطات، لمْ تتضمنْ مطلقا، استقبالُ أيةِ فئةٍ منْ الفقراءِ أوْ المحتاجينَ أوْ المشردينَ أوْ أصحابِ الأمراضِ المستعصية، أوْ منْ الذينَ انتهتْ مدةَ إقامتهمْ وعدمِ إمكانيةٍ دفعهمْ رسومَ التأخيرِ حتى يعودوا إلى بلدهم.
نتمنى من سعادة السفير، استقبالُ الفقراءْ إلى الله، أسوةً بالتجارِ والمسؤولينَ السابقين، في مقرِ البعثةِ أوْ دارِ السكنِ أو أسوةٌ ببعضِ الحيتانِ الملوثةِ أسماؤهمْ بسرقةِ المالِ العام، وتحولوا في ليلةِ وضحاها إلى رجالِ أعمالِ، وأصحابِ شركاتٍ كبرى، واستحصالَ موافقةُ الوزاراتِ المعنيةِ على صرفِ مبالغَ ماليةٍ بسيطةٍ تعينهمْ في حياتهمْ اليوميةِ لهمْ وفقَ القوانينِ النافذةِ في الدولة، وإعفائهمْ منْ الرسومِ القنصليةِ خلالَ مراجعتهمْ السفارةِ بعد موافقةِ المراجعِ المختصةِ.
ولنتذكر قوله- سبحانهُ وتعالى- ( إنما الصدقاتُ للفقراءِ والمساكينِ والعاملينَ عليها، والمؤلفةَ قلوبهمْ وفي الرقابِ والغارمين، وفي سبيلِ اللهِ وابنُ السبيل، فريضةٌ منْ الله، واللهُ عليكمْ حكيم) صدقَ اللهُ العظيم.
اعتقدَ وصلتْ الرسالة أيها الزملاءُ الأعزاء.

أحدث المقالات

أحدث المقالات