لم يكن مسمار اميركا الذي دقته في العراق ، مسمارا عادياً، وانما هو مسمار مدروس، وقد افتتحت لاجله مركزاً للدراسات الستراتيجية، يخص العراق بمفرده، اخذت عينات من مجتمعه ونوازعهم، ايمانهم، ماذا يكرهون، ماذا يحبون، كم صلاة يصلون في اليوم، ولماذا اختلفوا، فقسم منهم يصلي خمسا في اوقات الصبح والطهر والعصر والمغرب والعشاء، في حين ان البعض الاخر يصلي خمس صلوات في ثلاث اوقات فقط، ماذا يقولون في اذانهم، عشاؤهم باية ساعة يتم، كيف من الممكن اختراق هذا النسيج وتمزيقه بسرعة او ببطء، احتلت البلاد وتركت كل واحد يفعل مايراه مناسبا، واتت بسياسيين هم عبارة عن دمى تحركهم متى تريد، اوقفت كثيرا من مذكرات القبض بحق قتلة يتصدرون المشهد، وشاهدت اللصوص عيانا وهم يسرقون العراق، فصمتت لغاية في نفس يعقوب.
المسمار الذي دقته اميركا، دقته في قلب العراق، وزرعت فيه الفوضى والقت الحبل على الغارب، راعي البقر الاميركي رأى ان يترك اللصوص براحتهم، وعندما ينتهي كل شيء وتصبح الاموال بحوزتهم، يخرج عليهم بمسدسه الذهبي، مع موسيقى مؤثرة، فتكون الثروة حصته، وراعي البقر الجديد هو مرشح الجمهوريين لرئاسة اميركا، هذا الرجل صرح علنا في سفينة حربية تعود الى الحرب العالمية الثانية، ان اميركا ستستولي على نفط العراق وتبيعه لتعطي ريعه للمحاربين القدامى الاميركان، هي نهاية اللعبة والرجل قد جاء من الآخر كما يقول اخواننا في مصر.
كان في السابق مسمار اميركا في العراق هو صدام، والديكتاتورية التي تم حصار الشعب من اجل تحطيمها 13 عاما، فقامت باقتلاعه وايقن العراقيون ان مأساتهم انتهت، لكنها وما ان خرجت من العراق، حتى عادت لتدق مسمارا آخر اكثر عذابا للشعب العراقي، واكثر تسلية لها، انه مسمار داعش التي تريد اقتلاعه بعشرات السنين، وهي تحافظ عليه وكأنه وليد اميركا المدلل، تنادي في العلن انها ضده وتعمل على ازاحته من العراق، وفي السر تزوده بالسلاح وتجند من اجل ادامة زخمه الآلاف من الرجال، اعتماداً على ايديولوجية النطع والسيف التي تمسك بها الاسلام في مراحل تاريخية عديدة.
ومسمار اميركا لايشبه الى حد كبير مسمار جحا، فقد باع جحا بيتاً لرجل آخر، ولكنه طرق مسماراً في احد زواياه، واشترط على المشتري ان المسمار غير
مشمول بعملية البيع، فوافق الرجل ظاناً انها مزحة من مزح جحا، ولكن جحا جاء للرجل صباحاً يطلب رؤية مسماره، فوافق الآخر، وظن انها مزحة ثانية، وفي الصباح التالي جلب عمامة، وطلب من الرجل ان يدخل ليضع عمامته على مسماره، فوافق المسكين، وبعدها صار جحا يدخل براحته، من دون ان يأخذ اذنا من صاحب الدار الجديد، مدعياً انه يدخل من اجل مسماره، فمرة يعلق قميصاً واخرى يعلق جبة.
ضجر صاحب الدار ورأى فيما رأى ان الامر لن ينتهي، وانه سيطول زمناً وجحا يختلق الاعذار عذرا تلو الآخر، وفي ساعة غضب شديدة، قرر الرجل الرحيل وترك الدار لجحا الذي انتصر في النهاية مع مسماره، وانا ارى ان اميركا تريد العراق، وستأخذه بجهود ابنائه الذين صاروا كالغربان ينعقون ، ويبحثون عن الخرائب والخراب، وطليعتهم وصلت بعيداً في اوربا ولسان حالهم يلعن الوطن، داعش لن تنتهي وستتمدد، هذا القول تقوله داعش واميركا معاً، تتمدد باتجاه الجنوب، والاميركان يبحثون عن ممر لها الى السماوة او البصرة، او يعاودون الكرة على جرف الصخر، اهم شيء بغداد تكون بمعزل عن الاحداث، لتكون داعش في الوسط والجنوب والغرب والشمال، وربما بعد عشرين سنة تقلع اميركا مسمار داعش، كما اقتلعت مسمار صدام.