18 ديسمبر، 2024 7:47 م

مسعود على خطى صدام.. حماقات تدمر شعوبا

مسعود على خطى صدام.. حماقات تدمر شعوبا

لحق رئيس اقليم كردستان، المنتهية ولايته منذ سنتين، بالطاغية المقبور صدام حسين، من حيث التشبث بالسلطة عنوة من دون تشريع دستوري وفق انتخابات ديمقراطية، يحدوه الى التمسك بمقاليد الحكم قسرا، جنون العظمة الذي ينسيه حجمه الطبيعي، فتتعاظم شخصيته متسرطنة، ترتكب حماقات هوجاء، تدمر شعبا كاملا.
فصدام الذي اوهم نفسه والعالم، بالقدرة على مواجهة أمريكا ولوي ذراعها باسلحة دمار شامل، اتضح ان لا وجود لها عنده، جر على العراقيين حروبا و”عقوبات دولية – حصار” ادت الى ارهاب وفساد.. تواليا لا فكاك منه للعراقيين الذين لولا حماقات صدام ما بلغ بهم الفقر حد التشتت لجوءا الى اصقاع الارض، تسومهم ذل الهوان؛ فالغربة لا ترحم، في حين يمكنهم التمتع بثراء ثاني احتياطي نفطي في العالم وزراعة ومياه وسياحة دينية وأثرية وطبيعية، تبدا من زاخو وتنتهي بالفاو.. فضلا عن الزجاج والفوسفات وموقع تجاري مهم عالميا، وسواها.

كل ذلك بدده صدام تحت هاجس الدولة القومية العظمى، من دون وعي ولا تخطيط، في زمن لم يعد فيه للقومية موطئ قدم في مساحات السياسة، الا في اوهام الطغاة، ومنهم كابوس مسعود بدولة “كردستان” الكبرى، التي دمرت القومية الكردية وحرمتها من كل النعم التي اسبغت عليها في العراق… لكن اضغاث حلم الدولة القومية، طاش بعقل مسعود تخابثا، مثل ثمالة كأس سكرى، حثه على التورط باستفتاء فشل وزوره لانفصال ألحق ضررا جسيما بالكرد الذين ستنتزع منهم كل الميزات التي اضفيت عليهم، بعد سقوط صدام.

لذا آن وقت محاكمة مسعود على جرائمه بحق الشعب الكردي، الذي كشف جناحه امام حرس صدام الجمهوري حاسرا المصدات عن مقاتل المعارضة التي اعدم منها الطاغية مئات الابطال شهداء.. ضحايا خيانة البرزاني، وما حصل في 1996 مجرد حلقة سابقة من سلسلة جرائمه القديمة، اما اللاحقات فكثر ومنهن تبديد ثروات الاقليم في الارصدة الشخصية لعائلته، انتهاء بورطة الاستفتاء الذي إخترق به الشرعية الدستورية متمردا على كيان العراق بالتآمر مع دولة اجنبية.. اسرائيل.. لتمزيق وحدة البلد وتفرق قواه بددا بين أمارات تشبه مرحلة انهيار الدولة العباسية، في آخر ايامها، تحت هاجس الوطن القومي للكرد.. ذريعة اوهى من خيط العنكبوت.

مقاضاة البرزاني الان، تستحضر إزهاق عشرات الارواح الكردية الطاهرة؛ جراء سعيه لتحقيق وهمه بالتطلع لنزعات العظمة البراقة وهما، يسحق الشعب ويدمر الدولة! لذا وجبت مقاضاته.

نصحه الايرانيون ولم يكف ووجهه الاتحاد الاوربي فلم يصغِ وحذره الاتراك وتحدى! بمن؟ لا أحد يدري! سوى صدام الذي اطاحت به حماقات جنون العظمة، مسفرة عن إخراجه مكبلا بالاصفاد من حفرة في الفلاة الى حبل المشنقة، وهذا هو المصير المتوقع لإقدام مسعود على خطوة غير مدروسة وتصرف اهوج؛ لن يستطيع بعد تورطه اعادة كردستان الى نعيم المكتسبات التي حققوها من خلال دستور كتبوه بايديهم من دون رقيب العام 2005.

التبعات المترتبة على العراق جراء هوس صدام، اوهن مسعود اقليم كردستان بنظيراتها.. حماقات جردت الكرد مما بلغوه من مكانة وطنية صنعوها بدماء المقاتلين الافذاذ الذين كمنوا في سراديب الجبال، معارضين.

ثبتت خيانة مسعود واستيلاء عائلته على السلطة، من تلاشي ريع عائدات النفط.. لا احد يدري به أين يؤول، ساقطا في الحسابات الشخصية لعائلة البرزاني، التي تتعامل مع الشعب الكردي وعموم العراقيين بما يفوق “البوناصر” إبان حكم صدام.

تقصى مختصون، صندوق النفط، فلم يجدوا له موضعا، انما اصطدموا بدخول عائدات التصدير الى حسابات بنكية باسماء افراد اتضحت برزانيتهم! انه نفط العائلة وليس الشعب! بينما مسعود يعيد رسم خطوط فجائع الماضي، اسوة بجمهورية مهاباد التي اسسها قاضي محمد ورفاقه، وكان الملا مصطفى.. والد مسعود، يشغل منصب وزير الدفاع فيها، العام 1945، ما ان سحب السوفيت دعمهم لها؛ استجابة لمساومات من قبل ارادات كبرى تخدم مصلحتهم، انهارت جمهورية مهاباد فاعدمت ايران قادتها وفر الملا مصطفى، متخليا عن اخوة السلاح، عائدا بنفسه العام 1974 ليقود حربا ضد حكومة البعث المنحل.. لكنه توقف بعد اتفاقية الجزائر بين صدام حسين.. وكان نائبا حينها، وشاه ايران، العام 1976؛ فتخلى الملا مصطفى مرة اخرى عن رجاله فارا ينجو بعائلته الشخصية.

واليوم يدفع مسعود بالمجتمع الكردي من حافة الهاوية الى التلاشي اللانهائي في الفراغ بددا، نحو التهلكة، خاسرين كل ما تحقق، ولن يعود كردي لما كان عليه من رفاه بعد استفتاء مسعود ومباهلته بالانفصال.. تلويحا غير قادر على بلورته.. ولو اقتدر فسوف يجر على كردستان انهار دم وعيون بكاء، تغمر الوديان وتداهم قمم الجبال باغراقها.

لكن احيي الاتحاد الوطني وعائلة جلال الطلباني ونجله بافل والمناضلة هيرو ابراهيم احمد والنائبة الشجاعة آلا الطالباني تضامنوا مع “حركة التغيير – كوران” متصدين لفكرة الانفصال ولجؤوا الى لغة العقل.. فتحية الى النائبة التي صنعت بطولة بوقوفها جبلا شامخا بوجه طغيان البارزاني سروة عبد الواحد.. تحية للسليمانية التي تحدت طغيان مسعود واجهزته القمعية، التي لم تتوانَ عن القتل بدم بارد.. ورحم الله الصحفي سردشت عثمان، الذي وجد مقتولا في اليوم التالي ردا على ما كتبه ضد مسعود، فتلك بمجموعها جرائم كافية لتعليق مسعود واركان طغيانه، بحبل المشنقة الذي اعدم صدام واتباعه به.