23 ديسمبر، 2024 11:25 م

مسعود البارزاني يعود لسياسة الابتزاز والتهديد

مسعود البارزاني يعود لسياسة الابتزاز والتهديد

من يتابع سلوك مسعود البارزاني سيكتشف من دون أي معاناة أنّ هذا الرجل لم يكن في يوم من الأيام معنيا بهموم العراقيين ومشاكلهم , بقدر ما هو منهمك باستثمار كل الخلافات والصراعات بين الشيعة والسنّة من أجل ابتزاز الحكومة الاتحادية والمضي قدما في تحقيق الانفصال التام عن الدولة العراقية , وبين فترة وأخرى يعود لهوايته في الابتزاز والتهديد باللجوء للانفصال عن الدولة العراقية , وكأنّ حكومة الإقليم غير منفصلة حاليا حتى يهدد الحكومة الاتحادية بشكل جديد للعلاقة بين بغداد وأربيل .

فعندما يصف السيد مسعود المحادثات الجارية بين حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية والتي بدأت قبل شهر في بغداد بأنها محادثات الفرصة الأخيرة , هو يعرف جيدا إنّ الخلاف حول النفط والأرض معقد جدا وغير ممكن حسمه بجولة أو جولتين من المفاوضات , ويحتاج إلى جهود مضنية وتشريع بعض القوانين المهمة كقانون النفط وقانون ترسيم الحدود الإدارية بين المحافظات من أجل التوّصل لحلول لهذه المشاكل المعقدّة , وهذا ما تمّ الاتفاق عليه في جولة مفاوضات بغداد الأخيرة .

ولكن في المقابل ماذا عن إشكالات الحكومة الاتحادية حول سياسات حكومة الإقليم الخارجية والنفطية المنفصلة عن سياسات حكومة بغداد ؟ فهل ستستمر هذه السياسات بعيدا عن سياسات حكومة بغداد ؟ وهل سيلتزم مسعود بهذه السياسات , أم أنّ هذه السياسات غير ملزمة لحكومة السيد مسعود البارزاني ؟ ولماذا هذا التهديد بالانفصال بين فترة وأخرى , أليس الانفصال حقيقة قائمة ؟ , وما معنى التهديد بشئ هو أصلا واقع على أرض الواقع ؟ فهل ستنظر الحكومة بجدية لمثل هذا التهديد ؟ أم انه إمعان في ابتزازها وإذلالها ؟ .

وإذا كان مسعود حريصا فعلا على إنجاح هذه المفاوضات فعليه أن يعطي للحكومة الاتحادية بقدر ما يأخذ منها , وأن يتخّلى نهائيا عن سياسة الابتزاز التي يمارسها ويتوقف عن سرقة نفط العراقيين وتسليمه للحكومة الاتحادية , وأن يضع حدّا لسياسة كل شئ مقابل لا شئ , فاستمرار هذه السياسة اصبحت تستفز مشاعر كلّ العراقيين شيعة كانوا أم سنّة , ونفط كردستان ليس ملكا لمسعود وحكومته حتى يتصّرف به من دون رقيب .

فنجاح المفاوضات من عدمها بنظر مسعود البارزاني هو مدى استجابة حكومة بغداد لمطاليبه وشروطه التعجيزية , فحين تقبل حكومة بغداد بهذه المطالب والشروط , حينها سيتراجع السيد مسعود ولن يفكر بشكل جديد للعلاقة بين بين بغداد وأربيل .

ومن هذا المنطلق أصبح لزاما على رئيسي السلطتين التشريعية والتنفيذية التفكير جدّيا بمستقبل العراق والعلاقة بين حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية , فبقاء الوضع على ما هو عليه لن يكون في خدمة الاستقرار , فا لإقليم أما ان يكون جزء لا يتجزء من من الدولة العراقية وسياساتها العامة , أو دولة منفصلة لها سياساتها ومؤسساتها الخاصة بها , فوضع الدولة داخل الدولة يجب ان لا يستمر أكثر من هذا , وقد آن الأوان لمواجهة الحقائق والواقع بشجاعة ومسؤولية وعدم الاستمرار بخداع النفس وتحميل الشعب تبعات هذه السياسة الخاطئة .