مسعودبارزاني زعيم كردي سياسي مخضرم رئيس حزب الديمقراطي الكردستاني اكبر الأحزاب الكردية واشدها بأسا في مقارعة الحكومات العراقية الشوفينية المتعاقبة وابرزها دفاعا عن مصالح القومية الكردية وهو نجل الزعيم الكردي الأسطوري مصطفى بارزاني ، نشأ وترعرع في جو السياسة والمقاومة وتشبع بروح الوطنية والقومية والدفاع عن الحقوق الشرعية للشعب الكردي ، ولم يحدعنها قيد انملة.. وهو دائما يصف نفسه بالجندي الكردي “البيشمركة” المرابط في جبهات القتال للدفاع عن القضية الكردية العادلة . حمل السلاح وهو ابن 14 سنة برفقة ابيه ، وحمل السلاح وهو شيخ ابن سبعين سنة للدفاع عن أربيل العاصمة في ناحية “بردي” في 16 أكتوبر من عام 2017 عندما غزت القوات العراقية وميليشيات الحشد الشعبي مدينة كركوك وتقدمت نحو أربيل العاصمة على اثر انسحاب الخونة الكرد من جبهات القتال في اللحظة الأخيرة!
اطلق عليه لقب “المرجع” السياسي لحكمته في إدارة البلد ومهاراته القيادية والميدانية وتجاربه السياسية الطويلة …وهو مراقب ذكي للاحداث الساخنة في المنطقة ، ويعلم استراتيجية توازنات القوى والمصالح الدولية والإقليمية ، وعمل كلاعب كبير وسط اللاعبين السياسيين الكبار في المنطقة ونسق معهم اللعبة ، المرة الوحيدة التي خالف فيها اللاعبين الكبار وخرج عن القاعدة ، عندما ايقن ان القادة الشيعة من خلال تهديداتهم وتصريحاتهم المعادية للإقليم ، يضمرون النية لغزو الإقليم ومهاجمته بعد اخراج قوات”داعش” من مدينة الموصل التي تم تحريرها في ( 10 يوليو 2017) ، فلم ينتظر” بارزاني” حدوث ذلك ، حيث اعلن في قرار استباقي عن اجراء عملية استفتاء( 25 سبتمبر 2017 ) بعد شهرين من تحرير الموصل ، وذلك لعدة أسباب منها ؛
أولا ؛ التخلص من الحصار الشديد الذي فرضه نوري المالكي على الشعب الكردي منذ 2014 .
ثانيا ؛ تجاهل بغداد تنفيذ المادة 140 من الدستور التي تعالج ازمة المناطق المتنازعة التاريخية بين أربيل وبغداد والتي بموجبها عاد الإقليم الى العراق وشارك في العملية السياسية في عام 2003 بعد ان كان منفصلا عنه منذ 1991.
ثالثا ؛ عدم الوفاء بالعهود والمواثيق السياسية المبرمة من قبل هؤلاء القادة الطائفيين ولجوئهم الى الكذب والخداع!
فقد تعرض الشيخ الى ضغط نفسي هائل لايتحمله الا الرجال الأقوياء نتيجة تجاوزات حكام الشيعة المستمرة على حقوق الكرد وعدوانهم على شخصه وعائلته طوال سنوات حكمهم العجاف مدعومين بدول إقليمية وجحوش الكرد التابعين لهم ، وقد رأى ان الحل عن طريق الحوار والاتفاقات مع هؤلاء لن يفضي الى شيء وقد جرب كل الطرق الدبلوماسية الهادئة وعقد اتفاقات لاحصر لها معهم ولكن لافائدة!
الحل الوحيد للمشاكل العالقة والأزمات القائمة هو الافتراق والانفصال ويذهب كل واحد الى حال سبيله ويختار الحكم الذي يناسبه مادام التوافق معدوم بينهما ولاتوجد اي بارقة امل لالتقائهما على ارضية مشتركة ..وكثيرا ما عبر الشيخ عن اسفه وخيبة امله من هؤلاء القادة الطائفيون للقنوات الإعلامية العالمية ، وقد نقلت قناة BBC البريطانية بعض معاناته الثقيلة مع هؤلاء عندما تساءل بحسرة كيف اعطوا “.. لانفسهم الحق في قطع خبز عن مواطني كردستان وكيف اداروا ظهورهم للتعهدات والقرارات والاتفاقيات!”
ملخص القول ..
لولا وجود رجل قوي ومحنك وذا تجارب واسعة يعرف كيف يتعامل مع الحكومات العراقية المتعاقبة مثل “بارزاني” لما صمد إقليم كردستان كثيرا امام المؤامرات والدسائس التي حاكها ضده نوري المالكي طوال وجوده على سدة الحكم ، ولكن ماذا بعد رحيله وهو قدر كل انسان؟ هذا السؤال يجب ان تطرحه كل كردي على نفسه ، حتما سيكون إقليم كردستان في وضع لا يحسد عليه ابدا ، وسيعتوره الضعف والوهن وربما سيصل الى اضعف حالاته امام الأعداء الداخليين والخارجيين وهم كثر اكثر من الهم على القلب!