عندما يكون العطاء بلا حدود، والإخلاص بلا قيود، فإن الجسد يكون مختاراً من قبل الباريء عز وجل، لنيل مكرمة ما بعدها مكرمة، ألا وهي الإلتحاق بالرفيق الأعلى عند مليك مقتدر، في عليين مع الشهداء والصالحين، كيف لا؟ وهو مَنْ وهب الغالي والنفيس، دفاعاً عن الأرض والعرض، ويردد في نفسه: الوقت ليس وقت الإنتصار للذات، لأبحث عن منصب، أو نفوذ، أو جاه وسلطة، إنما نداء المرجعية يناديني فأجبتها: لبيك يا حسين.
التأريخ يصنعه الرجال وأي رجال هم؟ إنهم قوافل تحمل العقيدة الحسينية في ضمائرها، والتي لا تبرد حرارتها أبداً، عندما لبى النداء نجح مع إخوته في الحشد المقدس، بإنشاء جيش رديف منضبط يساند الجيش والقوات الأمنية الأخرى، مهما حاول المأزومون تشويه صورة هذا الحشد، وإفراغ الفتوى من محتواها الجهادي والإنساني، لكن أمثال الشهيد السعيد السيد صالح البخاتي، من المجاهدين الأحرار، أبوا إلا أن يناديهم الملائكة:”قيل الجنة قال يا ليت قومي يعلمون”.
الحشد الشعبي المقدس سيكمل طريق الإنتصار حتى النهاية، وكأني بظهيرة يوم (15/رمضان/1437)، والسيد البخاتي يخاطب زجاج السيارة التي تقله، وقد كسرتها شظايا الإرهاب ليقول: لم يحل بيني وبين الشهادة، إلا زجاج السيارة الأمامي، وأنا في صراع وجداني أفي كوني غير مستحق لكرامة الشهادة، أم أن الباريء عز وجل، هو الذي أبطأ عني لعلم ربي بعاقبة الأمور، وبالفعل كانت الصقلاوية وأهله،ا على موعد مع النصر والشهادة، بدم السيد البخاتي (عليه الرحمة).
مسرح الشهادة المقدس في المعارك، التي شارك فيها السيد صالح البخاتي(رضوانه تعالى عليه)،أعطاه فرحتين: الأولى عندما أصيب في سوريا، للدفاع عن فخر المخدرات(مرقد السيدة زينب عليها السلام)،وقد مر بتجربة اللقاء المبارك بالشهداء لحظة إصابته، لكنه تماثل للشفاء، ليعود لمسرح الدفاع عن الأرض والعرض في الأنبار، تلبية لنداء الجهاد الكفائي، وهذه المرة قدم عرضه الكريم، بأن وهب حياته من أجل العراق، إنه قامة حكيمية محط فخر وإعتزا،ر فسلام عليه يوم إستشهد.
الوقفة النوعية الصادقة للسيد صالح البخاتي، كانت تتمثل في أنه إستمر في خط القتال والجهاد، بدءاً من مسيرة حركة المجاهدين في الأهوار، لمقارعة الطغيان البعثي، مروراً بحركته الجهادية الطويلة، مع شهيد المحراب وعزيز العراق(قدس) وأضاف لسفره الخالد علامات مضيئة، في الدفاع عن المقدسات في سوريا والعراق، فكان صادقاً مع خالقه، ووطنه، وشعبه، فمضى يبحث عن شهادته، حاملاً بندقيته فييمينه، وروحه في شماله، وآيات الشهادة في قلبه، فكان والله من الفائزين.