19 ديسمبر، 2024 12:56 ص

مسرحية مناجاة غزة نداء حقيقي للمجتمع الدولي

مسرحية مناجاة غزة نداء حقيقي للمجتمع الدولي

ضمن فعاليات مهرجان ( أيباك ) المسرحي الذي نظم مؤخرا ً في مدينة ( كتشنر ) الكندية والذي أسسه الفنان اللبناني المغترب مجدي أبو مطر قدمت فرقة مسرح عشتار مسرحية مناجاة غزة والتي هي عبارة عن  مجموعة مراسلات كتبت من قبل أكثر 1500 شاب وشابة من ابناء الشعب الفلسطيني من أولئك الرازحين تحت نير الاحتلال الإسرائيلي وقد تم ترجمة المراسلات لأكثر 17 لغة وذلك العام 2010 والعرض المذكور من إخراج أيمن عون وتمثيل نخبة من أعضاء فرقة عشتار ، وتحاكي فكرة المسرحية أحداثا ً واقعية شهدنا فصولها عبر الإعلام المرئي من خلال قناة الجزيرة الفضائية والقنوات الأخرى التي كانت تنقل الحدث وتوثقه ، حيث القصف الوحشي اليومي الذي إستهدف البشر والحجر فكانت المسرحية رسالة تدين إستخدام الآلة العسكرية ضد المدنيين العزل في غزة وتستنكر أداء المجتمع الدولي الذي لم ينصف شعب فلسطين يوما ً عبر هيئآته السياسية لذلك أخذت المسرحية مسارا ً مشابها ً للمسرح التسجيلي
( الحقيقة على لسان الرواة ) فبالرغم من الحصار الخانق الذي يتعرض له قطاع غزة وبالرغم من الإجراءات التعسفية الجاثمة على صدور الفلسطينين إلا أن عزيمتهم لم تثنهم عن إيصال رسالتهم على خشبة المسرح الكندي عبر أربع ممثلين حالمين يمثلون شرائح المجتمع الفلسطيني ويحملون حقائق الواقع المر الذي عاشه أخوانهم وأخواتهم صغارا ً وكبارا ً وكأنهم يحاكمون المجتمع الإنساني من جهة الذي تقاعست شرائح واسعة منه عن التفاعل مع مأساتهم ، ومن ثم المجتمع الدولي الرسمي الذي تخلى عنهم مفضلا ً حالة الصمت السلبي حيال ما يحدث ، فكان التعبير عن هذه الفكرة هو نقطة الصراع التي تبدأ بطرح الكثير من المشكلات ، التي عبرت عنها أنامل الاطفال بخطاب رسائلي ، إستفهامي مفاده ، هل من حقنا نأكل ، نشرب ، نرقص ، نحلم ، نتزوج كباقي البشر ، ألخ من التساؤلات الإنسانية المشروعة ، وجاء تجسيد هذه التساؤلات عبر خطاب مسرحي بصري ينحو في بعض مواضعه نحو كوميديا الموقف إيمانا ً منهم بمقولة ( غاندي ) الشهيرة ( لولا ميلي إلى النكتة لكنت ُ قد إنتحرت ُ منذ زمن ) وهنا ساعدت أجساد الممثلين المرنة التي تراقصت للتعبير عن مجمل الحالات المختلفة التي طرحها العرض عبر إستذكارات جمعها فريق العمل من وحي الماضي والحاضر المدجج بالهموم والتجويع ونقاط التفتيش المرابطة في معابر القطاع والضفة ، وحاول المخرج تصوير الواقع اليومي بخطاب خالي من الغموض والتعقيد ، حيث استخدمت اللهجة الشعبية المحلية الفاقدة للتأثير الدرامي والممزقة الأوصال لأنها إعتمدت على الرسائل المجردة التي كتبت بلسان كاتبيها ، وهنا كان يمكن لفريق العمل الإستعانة ( بدراما تورج ) قادر على مسرحة ماورد في الرسائل وإخضاعها لمعادلة النص الدرامي المسرحي من حيث توفير  الوحدات الثلاثة المتمثلة ( المكان ، الزمان ، الحدث ) لان ذلك سيطلق العنان أمام أفاق جديدة لنص العرض بإتجاه تفعيل آلة التجريب والتحليق في مديات الحداثة المسرحية ولاشك أن ذلك سيعمق من مضمون وشكل العرض المذكور بيد أن ذلك لم يحدث الأمر الذي جعل النص يفتقد للحبكة الدرامية ، وظلت إشتغالات المخرج تتباين في رسم مشهدية المكان معتمدا ً على عامل التجريد ، حيث وظف قطعة قماش بيضاء في أكثر من مشهد وأكثر من دلالة فتارة جاءت ( بيتا ً ، آلة موت ، وسيلة إختفاء ، حاجز إنفصال ) وتعززت هذه الدلالات بفعل فعالية أجساد وأصوات الممثلين الذين أدوا بكامل طاقتهم الفنية وبرز لديهم عنصر التركيز والخيال ، والمخرج بعمله هذا حاول التأكيد على الجانب الوجداني والإنساني عبر الحلم الذي كان ويزال هاجس الفلسطينين في حياة حرة كريمة ، ولكنه لم يتمكن من خلق التوازن المطلوب في رسم بعض الحركات في المساحة الممنوحة له ونقصد هنا خشبة المسرح التي كانت أضيق مما كان يحتاج ، ومن النقاط التي أثرت سلبا ً العرض المذكور هو عنصر التكرار والسرد الطويل التي خلقت نوعا ً من الرتابة والممل في بعض المشاهد ، ولكن ساعدت عناصر الإضاءة والموسيقى في ترميم فضاء العرض وجعله ديناميكيا ً في نقل واقع الحياة في غزة ، ولان العرض المذكور قدم ضمن مهرجان دولي كان بالإمكان إعتماد اللغة العربية الفصحى في كتابته لتأكيد الحضور العربي الثقافي في هذا المحفل الدولي لاسيما أنه يتحدث عن قضية جادة لشعب يعاني الاحتلال علما ً أنه العرض العربي الوحيد المشارك في المهرجان المذكور .