19 ديسمبر، 2024 11:59 ص

مسرحية الحكم في العراق بين المالكي وبعض القيادات السنية

مسرحية الحكم في العراق بين المالكي وبعض القيادات السنية

يبدو من الاحداث الجارية حاليا  ان  الفصل الجديد من مسرحية الحكم في العراق  ، والذي بدأ منذ فترة وجيزة بأعتقال عدد من مرافقي وزير المالية رافع العيساوي بتهمة الارهاب الجاهزة ،  سوف لن ينتهي كما انتهى الفصل الذي سبقه عندما اعتقل ايضا، وفي ذات الايقاع والنغم ، عدد من مرافقي السيد طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية بتهمة الارهاب ايضا وسيقوا الى محاكم ” التفتيش العراقية ”   وصدرت احكام الاعدام بالعشرات دون نشر قرارات الحكم او اطلاع الرأي العام على ما يحصل سوى ان هؤلاء محكومين بتهمة 4 ارهاب سيئة الصيت  
    السبب في اختلاف نتيجة ما حصل ، وصول الطائفة السنية ( نقولها بصراحة وامتعاض من التسميات المذهبية ) الى اعلى درجات  الشعور  بالظلم ، الذي ان دام دمر ، والتهميش والاقصاء والشبهات وتطبيق مادة ( 4 ارهاب ) التي اصبحت تسمى تهكما في مناطق غرب العراق بمادة ( 4 سنة ) .
    اذا فالتظاهرات والاعتصامات ومايحصل من حراك الان في مناطق عديدة من العراق لها ما يبررها ويسندها ، ولكننا واخرين لانعلم حقيقة كيف ستنتهي طالما ان اصحاب السلطة والممسكين بها وولاة الامر وفي مقدمهم السيد رئيس الوزراء نوري المالكي يراها هكذا وبكل بساطة ” مخالفة للدستور ” ومن لايصدق فعليه اللجوء الى القاضي الجاهز دوما  مدحت المحمود ليزوده بالخبر اليقين .
     لا نريد ان نذهب بعيدا ونطلق الاحكام جزافا ووفقا لنظريات المؤامرة التي يبرع بها العراقيون حيث حلت ، عند الكثير من مثقفي الشعب العراقي ، محل التحليل العلمي المنطقي للاحداث ولكن حسبنا نقول ونتساءل لماذا وقت المالكي هذا الفصل من مسرحيته الان واصدر الاوامر كونه القائد العام للقوات المسلحة بأعتقال عدد من مرافقي العيساوي الذي اصبح منذ عام 2010 صديقه واحد مؤيديه ولاسيما عن اجراءاته الاقتصادية ، بل وسكت العيساوي سكوت الجبال تجاه اي فعل مخالف قام به المالكي واعترض عليه قادة العراقية ؟؟ . نعم نتساءل ماذا جرى ؟؟ علما بأن الجميع يشهد بأن السيد المالكي يمتلك براعة فائقة في اخفاء السجلات والوثائق والاثباتات والادلة الجرمية على الاشخاص ،  يخفيها ان كان الاخفاء يتوافق مع مصالحه ويبرزها ويظهرها ويتباكى على مصالح الشعب العراقي عندما يعتقد ان في ذلك فائدة له .  .
     وحتى لا نبتعد كثيرا عن قلب الحدث الذي قد يغير الخارطة العراقية ، ولأن الامور ترتبط الواحدة بالاخرى ، نقول ان ” صولة المالكي ” الجديدة لها بعدان ووجهان الاول خارجي يرتبط بما يحدث في سوريا وتوقع قرب سقوط النظام الاسدي الموالي لطهران وهذا يعني استطرادا تأثر المنطقة بشكل عام  والوضع العراقي بنتائج ما سيحصل لذلك حتم على المالكي العودة الى نظرية ” ايقاظ الشعور بالخطر” لدى الطائفة الشيعية لمنع العودة الى حقبة والمقابر الجماعية (!!!)  وهكذا اجهز على مرافقي العيساوي مظهرا اياهم  بأنهم شعلة الخطر على الطائفة وهو امر قابل للتصديق لدى الجموع ” او القطيع ” كما تسمى في علم الاجتماع، والتي تمتلك القابلية للتصديق والاندفاع والتقلب والغضب  والمتأثرة والمنحازة عاطفيا وعقليا الى المذهب دو النظر الى اي شيء اخر .
    اما البعد الثاني فمرتبط بقرب حصول انتخابات مجالس المحافظات في بداية الشهر الرابع من العام الحالي وضرورة استحواذ قوائم ” دولة القانون ” على مجالس محافظات بغداد والوسط والجنوب واسقاط حتى اقرب المقربين للمالكي ذلك لأن هذه الانتخابات تعتبر المؤشر المهم والحاسم لما قد يحصل عند بدء الانتخابات البرلمانية في عام 2014 حيث يرغب المالكي ، رغم تكراره انه زاهد برئاسة الوزارة ، الترشح مرة ثالثة بقائمة قوية جدا لايمكن ان تباريها لاالقائمة العراقية التي اصبحت حاليا منقسمة على نفسها ولا القوائم الكردية . .. هدف المالكي من ذلك نوال الاغلبية ، بعد سيطرته التامة على مفوضية الانتخابات وتشكيل حكومة اللون الواحد لون دولة القانون لاغير .
    ورغم ان بلاشفة حزب الدعوة المحيطين بالسيد المالكي من امثال سوسلوف الحزب عزت الشاهبندر وياسين مجيد والرفيق التائب علي الشلاه يصورون للمالكي ان صولته الجديدة تسير بالاتجاه الصحيح وانه وسع من دائرة مؤيديه وجلهم من الطائفة الشيعية طبعا ، فأن الحقائق على الارض تثبت عكس ذلك فبفعلته هذه اشعل عود ثقاب في جبل من البارود القابل للاشتعال بالاضافة الى انه خسر الحلفاء الجدد الذين منحوه تأييدهم بعد انفكاكهم من القائمة العراقية ذلك لأن هؤلاء ، مهما حصل ، فأنهم لايستطيعون الخروج من جلدهم ومناطقهم وما حادثة صالح المطلك في الانبار ورميه بالحجارة وغيرالحجارة  سوى دليل على ذلك ، فهذا الرجل الذي وصف المالكي بالدكتاتورثم اصبح احد رجالاته  بعد ان كان احد رجالات الماجدة ساجدة خير الله طلفاح ، لقاء مزرعة مهداة من المالكي ووعد ليصبح نائبا لرئيس الجمهورية ، خسر قاعدته الانتخابية في منطقته وكاد ان يخسرحياته لتذهب الى حيث قد القت رحلها ام قشعم اما ما يدعيه بأن ماحدث هو محاولة اغتيال فهذا الامر لايصدقه حتى الاطفال الرضع . ان ما حصل وبوضوح تام هو رفض جماهير غرب العراق لمسيرة المطلك السياسية ذات الاوجه الانتهازية والمصلحية  وان حسابات الحقل لدى المطلك لم ولن تنطبق على حسابات البيدروسيأتي يوم قريب يجد فيه ان وعود المالكي له ما هي الا الكتابة على الرمال فالمالكي المؤمن بنظرية ميكيافيللي يستسهل اطلاق الوعود يمينا وشمالا عند حاجته ويمتلك الكثير من الاجوبة والحجج الجاهزة عند رغبته في عدم تنفيذها. 
     ولأن الشيء بالشيء يذكرنشير هنا الى ما حصل قبل نهاية عام 2010 اذ استذكر احد نواب دولة القانون تبجحا وكنا في فندق الرشيد قبل ايام ان الحاج ابو اسراء – المالكي – كان خلال ايام تشكيل وزارته الثانية يتصل بشكل مستمربالسيد رافع العيساوي ويسأله ان كان زعيم كتلة العراقية – علاوي – قد وقع على قائمة وزراء العراقية لترسل اليه قبل انقضاء المهلة القانونية لتشكيل الوزارة  وكان العيساوي يقول للمالكي ساجعله يوقع يا دولة الرئيس وفعلا نجح في ذلك . اغلب الظن ان السيد اياد علاوي كان يعلم ان لم يوقع القائمة في ذلك اليوم العصيب فأن العيساوي  وغيره سينفصلون عن الكتلة العراقية وفعلا فعلوها بنهاية الامر فاصبحت الكتلة العراقية كتل متفرقة  وما تبجح حيدر الملا مثلا قبل ايام من وقوع عملية طرد المطلك من الانبار واسماها ” اغتيال زورا وبهتانا ” بوجود ” القائمة العراقية العربية ” برئاسة صالح المطلك الا دليل على ذلك  فيما اعلن العيساوي قبل فترة ايضا انه سيرشح مع كتل في الانبار سياسية ستدخل انتخابات مجالس المحافظات في الانبار .
      الوجه الاخر الذي لايمكن الا ان نتذكره والموجود في الدياسبورا التركية هوالسيد طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية المطرود من قبل المالكي ، لقد بدأ بداية طيبة في عمله السياسي ووصل الى نيابة الجمهورية في المرحلة الاولى وكان الكثيرون يعلقون عليه وعلى تصرفاته الايجابية الكثير من الامال ولكن وياللاسف بدأ يفقد توازنه السياسي في المرحلة الثانية  بعد ان لاحت في الافق اشارات قد تستبعده عن منصبه فبدأ يبذل الجهد لايجاد السبل الكفيلة ويعطي التنازلات الواحدة تلو الاخرى ليبقى مسمرا في كرسي نيابة الرئاسة وكان دفاعه المستميت وتوسلاته هنا وهناك  لتعيين خضير الخزاعي نائبا ثالثا لرئيس الجمهورية وهو الوزير الفاشل والمتهم بعشرات تهم الفساد والسرقة ، سبيلا ليضمن بقاءه هو في منصبه ضمن صفقة محاصصة كريهة كانت على حساب الشعب العراقي وعلى حساب العراق المحتاج الى الكفاءات والقدرات وليس الى العمائم والنذور والادعية الكاذبة .
       ينقص الطائفة السنية ، كما الشيعية ايضا ، زعماء من الوزن الوطني الثقيل ، فالهاشمي و المطلك والعيساوي لايمكن اعتبارهم يمثلون الشارع السني المتطور وكل ما في الامر ان الظروف غير الطبيعية التي يمر بها العراق والفرز الطائفي الذي اوجده التخلف الفكري داخل المجتمع العراقي  والاستعمار الامريكي جعلت من هؤلاء قادة بمحض الصدفة ولكن هذه القيادة لم ترتق الى مصاف الزعامة الوطنية الحقيقية . ان الزعيم الوطني لايمكن ان يكون زعيما لطائفة معنية كما هو الامر مع نوري المالكي ايضا   بل هو الذي يحتضن الجميع تحت جناحية سواء كان المواطن  شيعيا ام سنيا ،  مسلما ام مسيحيا  صابئيا ام شبكيا وهذا ما لا يتوفر لدى الزعماء الصغار الحاليين جميعهم وبمجموعهم .
      ان التظاهرات الحاصلة حاليا في مدن غرب العراق ، وقد تمتد الى وسطه وجنوبه تمثل الوعي الجديد للعراقيين فهي رفضت اولا ان ترفع  الصور الشخصية وهذا ما يدلل عدم الاعتراف بمن يعتقد انه الزعيم والقائد وطردت من حاول اللعب بمصالحهم وهذا دليل اخر على الوعي المتجدد لديهم برفض من يلعب على الحبلين .. كل ذلك ينبئنا بأن هناك مستقبل للعراق مستقبل يعود فيه بلدنا الى ماضيه التليد وتعود اليه الحضارة التي حاول المغول الجدد تدميرها .

أحدث المقالات

أحدث المقالات