اراء سياسية كثيرة، تضاربت حول التدخل الأجنبي بالشأن العراقي، خلال هذه الفترة الحرجة، وما يتعرض له البلد من هجمة إرهابية ممنهجة.
بعضهم يرى؛ إن الغرب يمتلكون العدة، والسلاح، والتخطيط اللازم لمواجهة الإرهاب التكفيري، والقضاء عليه، ومنهم من رفض الدعم الدولي للعراق، في محاربة التنظيمات المتطرفة.
ما أخذ الحيز الأكبر، من الصدى الإعلامي في الآونة الأخيرة، هو رفض التيار الصدري للتدخل الأجنبي، وتهديده الصريح لكل من يقف بصفهم؛ مانحاً إياهم الضوء الأخضر، في توجيه ضرباتهم العسكرية للقضاء على داعش، عبر ما صرح به زعيم التيار، بإعادة إحياء ما يطلق عليها “مقاومة المحتل”، لمواجهة قوات “ألبيت الأسود”، فيما أسماه هجومهم على الأراضي العراقية المقدسة، وسحب الفصائل الجهادية المسلحة، من مناطق تدخل تلك القوات، براً أو بحراً، مطالبا بخروج تظاهرات شعبية تعبر عن رفضها لذلك التدخل.
تصريح زعيم التيار منطقي، من ناحية حفاظه على حرمة الأراضي العراقية المقدسة، وحماية أهلها، لكن؛ يجب أن يكون الرفض مدعوم باستراتيجية فعالة، لمواجهة الخطر المحدق بالعراق، وعدم اللجوء إلى الخيارات البديلة، هل لديك ما يكفي من السلاح؟ هل لديك جيش يشعر بولاءه للعراق، وليس لشخص معين؟ هل لديك مستشارين جيدين؟ هل يمتلك العراق قيادات عسكرية، تتمتع بالإدارة الجيدة، والخبرة الكافية لقيادة حرب ضروس ضد التكفيريين، أمثال (عبود كنبر وعلي غيدان)؟!
غرب وشمال العراق، لم يمانعوا بتدخل التحالف الدولي (أميركا وبريطانيا وفرنسا واستراليا) كأفراد أو جيش أو قوة عسكرية، وتحرير مناطقها المسلوبة من قبل المتطرفين، كما يجب أن نفهم إن التدخل الأمريكي؛ لا يعني إعادة نشر قواتهم، لأن هذا الأمر غير مرغوب به في داخل الكونغرس الامريكي، وبالتالي؛ ستكون المساعدة للعراق لوجستية، من خلال إرسال مستشارين وخبراء، وضباط، وإسناد جوي، وكل ما يفتقر العراق وحكومته له، للقضاء على الارهاب.
الصراعات المفتعلة؛ ألتي فجرها رئيس الحكومة السابق والمقربون منه، مع الفرقاء السياسيين من الشيعة والسنة والكورد، خلطت الحابل بالنابل، هي أبرز أسباب معاناة العراق في الآونة الأخيرة، ولعل ما بان للعيان؛ إن أمريكا لم تندم على انسحابها، وإنما اقتنعت بعد تعرضها لضغوطات الدول الإقليمية، ان انسحاب قواتها وتسليم الملف الأمني للحكومة العراقية؛ هو امر يصب بصالحها، فيما يخفف وطأة حدة العلاقة الامريكية-الإيرانية، لكن؛ أن نرى الاهتمام الكبير بالرفض قد فاق حد التصدي لهجمات داعش، هو أمر لا يمت للمنطقية بصلة.
حقبتين من الفشل، انتهج خلالها المغالاة، والتجاوزات، والاعتقالات العشوائية، ساهمت في تحويل الكثير من المعتقلين الأبرياء إلى إرهابيين، داخل السجون والمعتقلات، بسبب إهانته وإساءته وتعذيبه لهم، ما جعلهم يرون إن الإرهاب الحقيقي أخف وطأة عليهم من الحكومة الظالمة، كما قام أتباعه من قادة وضباط أمن؛ بتسهيل عمليات تهريب وهروب أخطر الإرهابيين من السجون العراقية، وأضحى كل أبناء العراق من جراء عهدي حكمه المثقلين، ينتظرون أدوارهم في طوابير المجازر والإبادة الجماعية.
أواخر أخطاء رئيس الحكومة السابق قبل نهاية حقبته الثانية، كان فادحآ، فتنصيبه للقيادات الفاشلة، الذين ولدوا الأزمات الداخلية الطاحنة، والأوضاع الامنية المتردية، وسلموا ثلث العراق، جريمة سيخلدها التأريخ بصفحة المجازر العالمية، لما ازهقت بسببهم ملايين الأرواح البريئة، وما خلفوه من دمار شامل لتلك المناطق.
ازدياد وتيرة العنف الطائفي، وإستشراء التخبط والفسادان المالي والإداري، وإنعدام الثقة بين العراقيين، وفشل التوافق السياسي، وباتت الهوة بين الفرقاء أعمق من ان تحل بفترة وجيزة، ووصل العراق الى منزلق خطير، سالت وتسيل فيه دماء ابناءه الغيارى، اهم ما اتسمت به حقبتيه السابقتين، لكن الإرهاب استغل كل ذلك؛ ليستقوي به ويصبح منظماً، ويعمل بوتيرة متصاعدة، في التنظيم والإعلام والعمليات الإرهابية.
لذلك؛ كفوا عن المهاترات التي لم ننل منها الا دماراً، وفكروا بما بقي من العراق وشعبه، واتركوا الامر لهم؛ فداعش صنيعتهم، و “جحا أولى بلحم ثوره”.