5 نوفمبر، 2024 8:50 ص
Search
Close this search box.

مسخ العراق !

“لعل السيارات المفخخة٬ الخطف ٬القتل على الهوية٬ انهيار الدولة ٬الظلم ٬الطائفية المقيتة لم تكن أبشع ما مر بالعراق٬ كلها انتكاسات كنا نمني النفس ان تنتهي ليعود العراق عراقا٬ لم يخيفنا الموت الذي كنا نلتقيه في كل لحظة فالعراقي منذ بدء الكون رفيقه الفقدان حتى يخيل الي انهما عقدا صحبة طويلة الامد ٬ما يرعبني حقا هو خراب النفوس الذي وصلنا إليه . فقدنا حتى أخلاقيات الحرب لم يعد للموت حرمة ولا للنساء تقدير ولا للكبير توقير فقدنا بوصلة الأخلاق فباتت الغابة اقرب لأرض الحضارات بل حتى للغابة كبير يحكمها بشروطه٬ نجحوا في زراعة الكره في نفوسنا وذاك خراب سيحتاج إصلاحه لأجيال إن حاولنا ترميمه لنعود كما كنا٬ سرقوا منا حتى ذكريات الفرح ٬ بياض ماضي العراق ٬يحاولون قتل أي ضوء متبقي في داخلنا ليحل الظلام ٬ اااخ يا احمد كم يشبه قبرك حال حبيبي العراق” بهذه الكلمات علق أحد الأصدقاء وهو يبكي اللاعب احمد راضي ٬ الذي أسماه العراقيون النهر الثالث بعد دجلة والفرات وأصبح أيقونة رياضية يفتخرون بها لما عرف عنه من كياسة واخلاق عالية ٬ بكاه العراقيون ٬ الذين صدموا بشكل كبير لخبر “موته” خاصة انه ظهر في فديو قبل ذلك بيوم ولم تكن تبدو عليه علامات مرض بل كان كما يقول الطبيب الذي اشرف عليه بصحة جيدة. ونشرت عائلته خبرا يشرح كيف تمت معالجته في المستشفى موضحين اهمالا كبيرا في إعطائه “العلاج” غير المناسب وتأخير مغادرته للعلاج في الأردن حيث أرسلت له الحكومة الأردنية طائرة لنقله وإجراءات أخرى غريبة معه ما عزز الشك بقتلة وليس وفاته بشكل طبيعي خاصة بعد الموت الغريب للرياضي علي هادي قبله الذي ذهب للفحص فقط لكنه توفي في ظروف غامضة جدا أثارت غضب الشارع العراقي الذي أجمع قبل أيام على ان موت الرياضي علي هادي لم يكن موتا طبيعيا وانما قتل بسبب تصريحاته حول استمرار اهمال المهجرين العراقيين في المحافظات الغربية الذين يصل عددهم الى اكثر من مليوني شخص من نساء وأطفال ومسنين لا يجدون أي عون بل ان هناك قرار حكومي بأبعادهم عن مدنهم ليبقوا في العراء كذلك تكلم علي هادي عن ما يحصل للجنوب العراقي وتفقير مدنه واغراقها بالمخدرات الإيرانية واهمال المسؤولين الحكوميين لما يحصل للشعب العراقي.

وتسبب قيام بعض أقلام السلطة الطائفية بنشر مقالات او التصريح لقنوات تلفزيونية يتشفى أصحابها بموت احمد راضي لأنه ترك مذهبه بردود أفعال قوية خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي فغالبية العراقيين استهجنوا مقالات وتصريحات اعلامي المنطقة الخضراء من حاشية نوري المالكي وحزب الدعوة بالتهجم على “الميت” لان ذلك ليس من عادات واخلاق المسلمين “الذين يذكرون محاسن الموتى ” ولا يتهجموا عليهم لان للموت حرمته ” التي يدوسها من يسمي اليوم نفسه “بأتباع ال البيت” ليس بأحذيتهم بل بالسلاح والقتل والخطف والتعذيب ونشر الفساد في كل مرافق الحياة وبطرق وأساليب خبيثة لا علاقة لها بالعراق وعاداته وتقاليده ليمسخوا كل ما هو عراقي وعربي وجميل في هذا البلد ٬ يمسخوا كل شيء اسمه العراق العربي ليؤسسوا لصفوية ولائية تتبع الفقيه الإيراني الذي يعتبر العراق جزءا من امبراطورية فارس.
المسخ الذي يجري في العراق بأشكال متعددة أهمها هو ما يدور في مستشفيات العراق منذ سنوات والذي تفاقم بشكل واسع ومخيف وهو الذي يتسبب عمدا في موت المراجعين من ضمنهم احمد راضي وعلي هادي لأسباب صحية مختلفة وبأعداد هائلة لا يتم الحديث عنها بل يتداولها الناس الذين فقدوا مرضاهم. عقب موت الرياضيين ٬ خرج الطبيب حامد اللامي بفديو يكشف فيه ان مجموعة اشخاص جاؤوا الى عيادته وبرفقتهم مندوب من نقابة الأطباء لمنعه من معالجة مرضى الكورونا وقاموا بتصوير عيادته والمراجعين له في سابقة غريبة لم تحدث ابدا في العراق الا تحت حكم المليشيات الولائية والأحزاب التابعة لإيران. وفضح الدكتور اللامي ما يجري في المستشفيات واوضاعها المتدهورة وتخبط الأطباء ووزارة الصحة حول مواجهة جائحة كورونا مشيرا الى عدم صحة البروتوكولات والأدوية المعطاة للمرضى التي تسببت بموت عشرات ممن دخل الى المستشفيات وعدم اتخاذ الإجراءات اللازمة للوقاية في المستشفيات ويشمل ذلك الأطباء والكادر الصحي ويقول بأن بعض المستشفيات لا تستقبل أصلا المرضى وخاصة مرضى الكورونا مثل مستشفى الامام الحجة في كربلاء ويقول انه يتحمل مسؤولية كلامه بالكامل. الطبيب اللامي يؤكد الالاف الشهادات من هذا النوع ومنذ ان تم قتل أطباء العراق وهجرة من تبقى منهم ليحل محلهم أبناء واقرباء الأحزاب واصدقائهم الذي قال عنهم وزير الصحة قبل عدة أسابيع وبمناسبة الحديث عن إجراءات وزارة الصحة لمواجهة كورونا : ان الممرضين لدينا هم افضل من الأطباء الذين لا يعرفون أي شيء” .تصريح الوزير هذا هو اعتراف كاف بما يحدث في المستشفيات العراقية.
وما فاقم الوضع الصحي هو الحكومة الجديدة التي على ما يبدو هي احد أسباب التخبط الكبير الذي ساد المشهد الصحي في العراق اذ أرتفعت وبشكل مفاجئ اعداد المصابين بكورونا من الف وبضعة مئات الى اكثر من ثلاثة وعشرين الف حالة يتناقض هذا الرقم مع الحالات المعلنة في العاصمة بغداد والمحافظات الأخرى مما حدا بشباب التظاهرات والمواطنين الى اعتبار هذه الأرقام تخويفا للعراقيين ومنع عودة التظاهرات والاحتجاجات التي منعتها الحكومة بحجة كورونا . فحكومة عادل عبد المهدي لم تتخذ أي اجراء في بداية انتشار المرض وامتنعت عن غلق الحدود مع ايران مستمرة باستقبال الوافدين الكثر منها رغم احتجاج الشارع العراقي واستمرت حركة الطيران اليومية معها بينما عمدت جميع الدول إيقاف الرحلات ٬كما استمر مقتدى الصدر وغيره من العمائم وبعض النواب بدعوة الناس للزيارات والتبرك بالأئمة. بينما تصرف شباب التظاهرات كدولة حقيقية حيث التزموا بالتعليمات حرفيا وقاموا بتعميم التعقيم وتقليل التواجد في الساحات واهتموا بالنظافة وقاموا بنشر الوعي الصحي لدى المواطنين وهذا ما لم تفعله لا حكومة عبد المهدي وحتى حكومة مصطفى الكاظمي لا يبدو بأن الامر مهم لديها الا بخصوص منع التجمع والتظاهرات وانهائها لان العراقيين لم يشهدوا إجراءات حقيقية تتخذ على مستوى وزارة الصحة بل ان الوضع يسوء اكثر واكثر ٬ فشكاوى المواطنين الكثيرة تشير الى اهمال وموت مجاني للمراجعين والمرضى الذين يتلقون أحيانا العلاج من موظف التنظيف البنغالي بحسب شهادات بعض المرضى مع استمرار تسلط ولصوصية وفساد المليشيات التابعة لإيران. في شهادة لاحد أقارب شخص توفي هذه الأيام بوفاة طبيعية يقول :عندما طلب ابناءه شهادة الوفاة ليتسنى لهم اخراج جثمان والدهم اتصلت احدى المليشيات بهم وعرضت عليهم استلام ثلاثة ملايين دينار مع نقل جثمان والدهم الى أي مقبرة وبعرباتهم وتم رفض هذا العرض من العائلة فأخبرتهم المليشيات بأنهم لن يستلموا جثة والدهم الا بدفع مليون دينار. هذا الابتزاز ليس حالة عرضية او استثنائية في وقت كورونا بل هي القاعدة في عراق المليشيات التي لا تبتز الناس فقط في تسليم جثث موتاهم بل تسرق حتى مخازن الادوية لتبيعها بالسوق السوداء بمباركة الوزير التابع لنفس المليشيا.
امام مسخ العراق هذا الذي يعيشه المواطن العراقي لحظة بلحظة ويعاني منه ويدفع ثمنه من حياته وحياة أبنائه واستقرار بلده لا بد له ان يعترف ويقارن بحال العراق اليوم مع الكورونا ويقارنها بفرضية حصولها قبل الغزو فكتب أحدهم: لو نفترض حصول وباء كورونا في عهد صدام حسين ٬أتوقع ان يقضى عليه بأسبوعين فقط بالإجراءات التالية: حظر تجوال تام في العراق لمدة أسبوعين لن يخرقه أبناء شعبنا٬سيتم توفير الحصة التموينية فورا بكل أنواعها مع حليب لاطفال ومبلغ من المال والاستلام عبر الوكيل في المنطقة٬ غلق الحدود مع كافة الدول دون استثناء٬سيتم الالتزام بتعليمات وزارة الصحة وطرق الوقاية وتنظيف كل المناطق صباحا ومساء كما ستقوم وزارة الصحة في الحال بالتنسيق مع باقي الدول ومنظمة الصحة العالمية لغرض الحصول على العلاج بأسرع وقت. سيخصص الرئيس قطع أراض لجميع العاملين في القطاع الصحي عربات ويمنح من عمل في الخط الأول انواط الشجاعة ويحاسب المقصر بشدة. بعد الأسبوعين سترى الموقف الوبائي في العراق على هذا النحو:
بغداد: صفر٬ المحافظات: صفر ٬ عدد المصابين: صفر ٬ عدد الوفيات: صفر.
انها نوستالجيا العراق الأصيل الذي عرفته أجيال بهذا الشكل رغم كل شيء والدولة المفقودة وليس العراق المسخ بالفوضى الخلاقة للاحتلال الأمريكي الإيراني التي تديرها حكومات المنطقة الخضراء .
ففي مقابل نظرية الفوضى الخلاقة التي ابتدعها مهندسو غزو العراق اعتمدت ايران على التغلغل الصفوي افقيا في الدولة والمجتمع وتوسعت بخطى حثيثة خاصة في عهد باراك أوباما لتسيطر على كل مرافق الدولة عبر أحزاب العملية السياسية واتباعها الكثر

أحدث المقالات

أحدث المقالات