23 ديسمبر، 2024 4:57 م

مسخرةُ تدريبِ الجيش ..!!!

مسخرةُ تدريبِ الجيش ..!!!

يؤسفني , واُقِرُّ واعترف أنّ فحوى الموضوع ” ادناه ” ليست FRESH ولكنها ايضا ليست EXPIRED , وقد مرَّ الإعلانُ عن هذه الفحوى نحو اسبوعٍ , لكنّ زخمَ الكتابة الصحفية وما يمرُّ بها من مطبّات , وحواجزٍ غير كونكريتية , بالأضافةِ الى التوقّف القسري أمامَ ” سيطراتٍ ” سيكولوجية او سوسيولوجية والممتزجة ” الى حدّ النخاع ” مع التفاعلات السياسية والأمنية التي يشهدها البلد , كلّ ذلك قد قادَ الى التأخّرِ في تناول هذا الموضوع وهضمه , وكلُّ شيءٍ في العراق متأخّر اصلاً ..
 نعرفُ كلّنا او بعضنا أنَّ مجموع الدول المشاركة في التحالف الدولي لمقاتلة داعش قد فاق الخمسين دولة ! وهذا العدد قد يوحي نفسياً أنّ داعش سوف لن تبقى على قيد الحياة سوى دقائق , كما أنّ هذا العدد من الدول قد بلغَ نحو او قرابة الضعف من ال 33 دولة التي هاجمت العراق في عام 1991 . لكنّ واقع الأمر أنّ مشاركة هذه الدول قد تركّزت غالبيتها على ” التدريب العسكري ” للقوات العراقية , وعلى المساعدات الأنسانية للنازحين , وبعض الدول المشاركة اقتصرَ دورها على المعلومات الأستخبارية , والبعض الآخر على الدعم اللوجستي , فضلاً عن أنّ دولاً تشارك بمقاتلاتها ” ذات العدد المتواضع والخجول ” في قصف مواقع داعش , والى ذلك ايضا فأنّ دولاً اخرياتٍ قد ارسلت كميّات من الذخيرة والأسلحة , وفي الحقيقه , فأنّ الجزء الأكبر من هذه الأسلحة قد تمّ ارساله الى قوات البيشمركه , والبيشمركة تقول : < هل من مزيد .! > .
  وبقدرِ تعلّق الأمر بالتدريب العسكري , فهنالك فرقٌ شاسع بين التدريبِ على اسلحةٍ جديدة ” لمْ يستخدمها الجيش من قبل ” , وبين التدريب على اساليب القتال وقواعد الأشتباك والخطط الهجومية في المعارك . ولا شكّ انه طوال السنوات الماضية كانت الولايات المتحدة وبعض الدول القليلة الأخرى قد قامت بتصديرِ انواعٍ عدّة من اسلحتها اشتملت على دبّابات ” ابرامز ” وانواع من المدفعية المتعددة المديات بالأضافةِ الى اسلحةٍ متوسطة وخفيفة , كما زوّدت العراق بأجهزةِ رادارٍ حديثة , وكان لابدّ ” بالطبع ” من ارسالِ خبراءٍ وفنيين امريكان لتدريب منتسبي الجيش العراقي عليها , وكذلك الأمر بالنسبة للدول القليلة الأخرى التي زوّدت العراق بالأسلحة الجديدة التي تصنعها وخصوصا الطائرات المروحيّة القتالية وغيرها من ناحيةِ ارسال خبراء التدريب او ارسال طيارين عراقيين الى تلك البلدان للتدرّب عليها “ولغاية الآن ” فلا ذرّةَ غبارٍ على ذلك , ولكنّ ما يجري في هذه الأيام , والأيام التي سبقتها والتي شهدت ارسال مستشارين عسكريين وآخرين بمسمّياتٍ اخرى لتدريب الضباط والمقاتلين العراقيين على اساليب القتال والمناورة فأنّ ذلك سيصطدمُ بأكثرِ من علامةِ استفهامٍ لا تقودُ إلاّ الى المداخلات والفوضى في المفاهيم العسكرية العراقية , فعلى الرغمِ من أنّ الجيش العراقي كان قد تأسس وتبنّى نظام الهيكلية الأدارية البريطانية في تشكيلاته العسكرية منذ تأسيس هذا الجيش في عشرينيات القرن الماضي , لكنه وبعد انبثاق النظام الجمهوري في 1958 والسنوات التي تلته , فأنّ العسكرية العراقية قد تبنّتْ العقيدة السوفيتية القتالية , وقد ترسّخت هذه العقيدة في ذهنية ومنهجية القادة والضباط العراقيين , وقاموا بتطويرها من خلال دراسة الكثير من الضباط في كليّات الأركان الغربية ” وخصوصا البريطانية ” بالأضافةِ الى الدورات العسكرية التي شاركوا فيها في دولٍ غربية , وبذلك فأنّ العديد من هؤلاء القادة والضباط قد استفادوا استفادةً قصوى في انشاء وتكوين عقيدة عسكرية عراقية بلورتها سنوات الحرب العراقية – الأيرانية والخبرة التي نتجت عنها , وما ادلّ على نجاح هذه العقيدة العسكرية العراقية < هو ما قام به الجيش العراقي من انتزاع واحتلال ” مدينة الخفجي السعودية ” من ايدي 33 دولة و28 من الجيوش المشاركة في قتال القوات العراقية آنذاك > , وخلاصة القول في ذلك أنّ الجيش العراقي لا يدرّبه إلاّ ضباطه < وهذه المسألة لها ابعاد سيكولوجية واجتماعية وغيرها ايضا > , فضبّاط الجيش العراقي ” وخصوصا القدامى منهم والذين غالبيتهم مستبعدين من الخدمة في هذا الجيش , يتمتّعون بكفاءة قتالية وخبرات عالية  قلّ نظيرها < وتجدر الأشارة هنا الى أنّ الأردن كان يرسل العديد من ضباطه للتدرّب في ” معهد الدروع العراقي ” برغم انّ الجيش العراقي كان منهمكاً في المعارك اثناء حرب السنوات الثمان > لكننا وبعد الأحتلال الأمريكي غدونا نرسل افراد الشرطة الجديدة للتدرب على استخدام السلاح في الأردن .!! > وكأنّ ضباطنا يجهلون تدريبهم على كيفية استخدام السلاح .!! , ومن خلالِ ذلك , فأنّ ارسال العديد ” المنوّع ” من الضباط الأجانب ومن دولٍ عدّة لتدريب القوات العراقية لخوض المعارك مع داعش سوف يقود الى إرباكٍ وتشتّتٍ في اذهان الضباط والمقاتلين العراقيين وسوف يجرّدهم من المنهجية القتالية والحربية التي تربّوا عليها ومارسوها < ولا نعرفُ هنا القصد والهدف من ارسالِ مستشارين عسكريين من دولٍ مختلفة ومتعدده , وكُلٌّ منهم لديه رؤىً عسكريةً مختلفة عن غيره من الدول الأخرى .
  الطريفُ في هذا الأمر” وهو ما اشرنا اليه في بداية المقال من انّ مضمونه يعودُ الى نحو اسبوع ” , فأنّ دولة او مملكة النرويج قد ارسلت الى العراق قرابة 120 من افرادِ جيشها لغرض تدريب الجيش العراقي على اساليب القتال !!! وأنّ ستّين من هؤلاء سوف يتوجّهون الى كردستان , وهنا لابدّ من التأكيد او إعادة التأكيد على مقولة ” شرُّ البليّةِ ما يُضحك ” بل وما يُقهقه ! , فالنرويج هي اصلاً من الدول الأسكندنافية المحايدة , وهي لمْ تدخل حرباً او معركة منذُ نحوِ قرنٍ من الزمن , وجيشها المقدام بسيط العدّةِ والعدد , ونحن في العراق لانمتلك اية اسلحةٍ نرويجيةٍ مفترضه ” ولا حتى مسدّسٍ نرويجيٍّ اذا ما كانوا يصنعوه ” , فعلامَ قدوم هؤلاء السادة الأقحاح النرويجيين ؟ وماذا سيقدّمون وماذا سيؤخّرون .!؟ وإنّ جيشهم المتواضع البسيط هو مخصّصٌ اصلاً لحماية النظام الملكي النرويجي , وقدومهم الى العراق ليس سوى استخفافٌ بقٌدُرات قادة و ضباط الجيش العراقي , كما لا اُبالغ في القول أنّ قُدُرات وكفاءة الشرطة الأتحادية العراقية التابعة لوزارة الدفاع هي اكبرُ واكثرُ من قادة هؤلاء المائة وعشرون نرويجيٍّ من المقاتلين الأشّداء ..!!!
 المعضلةُ الكبرى للحكومات العراقية التي تعاقبت بعد الأحتلال الأمريكي ” وخصوصاً رؤساءُ الوزراءِ فيها ” هي انهم يمتلكون او تتملّكهم عقدةٌ نفسيةٌ مريضة تجاه ضبّاط الجيش العراقي السابق وقادته , وبعكسِ ذلك فما كانَ لداعش أن تتمادى الى هذا الحد ” على الرغمِ من الأطراف الغربية التي تدعمها ” , وكان من السهولةِ لضباطنا والقادة السابقين حصرَ النشاطات الداعشيةِ في داخل الأراضي السوريةِ فقط , على الرغمِ من توجّهاتنا القومية بأن لا يكون لها موطئ قدمٍ في ايِّ قطرٍ عربي ..