أي محبة ناصعة بين إمام البلاغة وسيد نهجها علي بن ابي طالب (ع) وبين كميل بن زياد الذي اقترن اسمه بذلك النثر الفني الباذخ ، صاغه علي ّ الحق (ع) والمعرّف بدعاء كميل بن زياد..ومن انساق دعاء كميل بن زياد ينهض صرح بلاغي مشّيد من رؤيا خضلة .. علّم الامام كميلا هذا الدعاء.. وكان كميل من سادات قومه و لكميل منزلة خاصة لدى الامام..ولم يتنصل كميل عن الامام ،كان كميل مسؤلا عن بيت المال في خلافة علي بن أبي طالب، ثم جعله والياُ على هيت وحين تولى الحجاج على العراق امر بقتله في 82 بتهمة المشاركة في الفتنة ضد عثمان ..استعمل الامام علي عمره دفاعاً عن انسانية الانسان ،ليخلّص الانسان من ذل التشيوء والاغتراب الوطني..(الفقر في الوطن غربة) بهذا المنظور الاقتصادي الثر نظر الامام الى بؤس الفقراء ولهذا سبب تمنى مقاتلة الفقر (لوكان الفقر رجلا لقتلته) وهو يعرف ان الفقر صراع غير متكافىء ..
ينقلنا الدعاء نقلة معرفية مِن (ماهذا؟) الى (مَن انا؟) وهي نقلة نوعية من البراني الى العمق الجواني ..من رؤية العين الى عين العقل هي نقلة اعتماد من علم الوجود الى مغايرة المفهوم ..وحركة النقلة تختلف عن حركة الاعتماد فهذه حركة كيفية يكون فيها الجسم مدافعا لما يمانعه عن الحركة الى جهة ما ،حسب الشيخ الرئيس ابن سينا..
في دعاء كميل كأن العقل يحاور نفسه ويتساءل عن كيفيات الوجود وهكذا تصاغ المعرفة والعرفانية والتعارف : مفتاحا انسانيا لفتح اوسع الابواب واغزرها طراوة..اعني باب المحبة اللانهائية..وفي هذا الصدد يرى السهروردي المقتول (رابطة ضرورية بين مقدمات البرهان وبين نتيجته /ص29/ دكتور غلام حسين الابراهيمي الدياني/ الفكر والشهود في فلسفة السهروردي..والامام في نهجه البلاغي وفي مكابداته مع خصومه المدججين ،يسعى لتحرير الانسان من جهالته .أليس هو القائل (كفى بالمرء جهلا ان لايعرف قدره)؟..لايمكن الاحاطة بنهج سيد البلاغة وامام نهجها على بن ابي طالب عليه السلام فالاحجار الكريمة كلها مفرادت بلاغته واعجازها..