18 ديسمبر، 2024 10:13 م

مستقبل النظام: إما التجديد أو الهلاك!

مستقبل النظام: إما التجديد أو الهلاك!

بين اختلاف وتخلف، برزت ظواهر تحقق النبوءة المتوقعة؛ جيلٌ شعبي ومجتمعي يفكر بطريقة تختلف عن طريقة أسلافه، ومنظومة سياسية معظمها لا تفكر إلا بطريقة الأسلاف! وبين هذا وذاك، يعاني النظام من أعراض تشبه إلى حد ما أعراض الكورونا عند من يعانون من أمراض مزمنة.

تكون البلدان أحياناً، في علاقة طردية مع أنظمتها، حيث ان استقرار الثاني يؤدي لاستقرار الأول، وتصدعه كذلك، و في أحيانٍ أُخرى؛ تصبح البلدان بعلاقة عكسية مع أنظمتها، حيث يصبح تصدع النظام بشرى للتخلص منه ومن سلبياته، واستقراره يُعدُّ تهديداً لمستقبل البلاد، و يُحدَد ذلك من نوع النظام وفلسفته، والأمثلة كثيرة.

باعتقادي أن الحالتين أعلاه، نفعهما كبير، حيث يمكن تمييز الطريق الأنسب للإصلاح، وتحقيق المنفعة، لكن المشكلة تكمن، في حالة عدم التمكن من تحديد العلاقة بين النظام والبلد، ولا الخيار الأنسب، مثلما يحصل في العراق، حيث لا تفضيل -عند الناس- إلا بين سيء و أسوء.

بـ “صفنة” بسيطة لتأريخ العراق طوال القرن السياسي، وبلا حاجة للفحص و البحث، سنعرف أنه لم يكن منسجمًا مع نظام يوماً، برغم تعاقب الأنظمة واختلافها طوال هذا القرن، لم ينسجم لا مع الأداء ولا الفلسفة ولا الإيدلوجية، على اختلافهن، ولأن أغلب الأنظمة مرت على العراق، ونالت حصصًا عديدة في حكمه، لن نتمكن من تحديد العلاقة بين العراق وأيٍّ من أنظمته.

لكن بنظرة علمية للأنظمة السياسية عمومًا، وباتفاق يشبه الإجماع، لا نظام -حتى الآن- أفضل من النظام الديمقراطي، وإذا أردنا أن نقارن كما يفعل العراقيون، فإن النظام الديمقراطي، مهما بلغت سيئاته، فهو ليس بأسوء من أي نظام ديكتاتوري مهما بلغت حسناته.

و في رجعة سريعة إلى “الصفنة”، سنعرف أن كل عمليات التغيير الشامل التي حدثت في العراق، لم تحقق ما تمناه شعبه ولا زال، وذلك يقودنا إلى نتيجة بسيطة، شعارات [الشعب يريد إسقاط النظام] ما عادت نافعة، ولا هي ذكية، ولا تحقق أمنيات الشعب المقهور، ان كان الحديث عن نظام ديمقراطي.

إذن فأين الحل؟

بالطبع لا يعني ذلك أن النظام مثالي أو جيد حتى، بل إن الكوارث التي تحل على مختلف الأصعدة، لا يمكن إنكارها، لكن التجارب توضح عدم الفائدة من إسقاطه، مثلما سردنا، لكنه بلا شكٍ يحتاج إلى تطوير بحجم هائل، حتى ينسجم مع متطلبات العصر والشارع.

بنية النظام بحاجة إلى تغييرات جوهرية وكبيرة، الدستور بحاجة إلى تعديل، القوانين الإدارية، الأداء وأساليب التعامل، الإدارة والقيادة، عمل الأحزاب، الإنتخابات، الاستراتيجيات والرؤى، كلهن يحتجن إلى تجديد ينسجم مع عصر السرعة، ومع أسلوب التفكير الذي يتخذه الجيل الجديد.

إن كان “المتخلف” من المنظومة السياسية حريصاً كما يدعي، على حفظ النظام وبقاءه، فإن المسؤولية الأكبر على عاتقه؛ في أن يترك تخلفه، ويتنازل عن بعض مصالحه، ويلتفت إلى خطر حقيقي يهدد بقاءه فضلاً عن بقاء النظام، مثلما يحتاج الى استيعاب المختلفين و الإستماع لهم والانفتاح عليهم.

كما يتوجب على المختلف أن يدرك حقيقة عدم منطقية بعض الشعارات والمطالب، لكي يعمل وفق رؤية ذكية وصحيحة، ويسهم بتطوير النظام لينسجم مع متطلباته وحداثته.

أخطر الخيارات التي يمكن أن نمر بها -لا سمح الله-، هو الاختيار بين حفظ النظام، وحفظ العراق! حينها لن ينفع ندم، ولا استجابة متأخرة.