اعداد / الدكتور أنمار نزار هاشم الدروبي
الخلاصة باللغة العربية:
برزت الصين كقوة اقتصادية صاعدة بعد نهاية الحرب الباردة، حيث تحولت الصين من قوة إقليمية آسيوية إلى قوة عالمية تستند إلى نمو اقتصادي كبير، هذه القوة وفرت لها الخيارات والفرص، وتوسيع قدراتها الدبلوماسية، والانتقال من سياسة الحياد السلبي إلى سياسة أكثر فاعلية واستجابة وتحديدا في منطقة الشرق الأوسط. من هنا أصبح للصين تواجد في كل مناطق العالم، إفريقيا، أمريكا اللاتينية، منطقة الشرق الأوسط، لاسيما أن الصين ترتبط بمنطقة الشرق الأوسط بمصالح حيوية، أبرزها تأمين الطاقة إضافة إلى مصالح إستراتيجية أخرى. وعلى الرغم من أن الصين والعالم العربي يرتبطون بعلاقات تاريخية، إلا أن المنطقة العربية لم تكنمحور الاهتمام في الاستراتيجية الصينية كما هي عليه اليوم، حيثظل الدور الصيني يقتصر على التبادلات التجارية والثقافية، ولم تسعى الصين لوجود فعلي في المنطقة.
وفي ظل المتغيرات الدولية الراهنة، فقد تغيرت التوجهات الصينيةفعليا تجاه التحديات الدولية والأزمات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط عموما والمنطقة العربية بصورة خاصة، وما انتجته تلك التحديات من تفاقم الأزمات جعلت المنطقة العربية برمتها في حالة عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي. من هذا المنطلق فقد بلورت الصين محددات سياستها الخارجية تجاه المنطقة وفق ما يخدم رؤيتها وتوظيف ما يحدث في المنطقة من أجل تحقيق مصالحها كدولة عظمى. من هنا يمكن لنا أن نفهم ما هي العوامل الدافعة لدور ونفوذ صيني كبير في المنطقة العربية وانعكاسه على الأمن الإقليمي العربي، لاسيما أن العالم العربي يشكل عمق استراتيجيا للقوى الكبرى الطامحة للتنافس على قيادة العالم.
الخلاصة باللغة الإنكليزية:
China emerged as a developed economic power after the end of the Cold War, as China transformed from an Asian regional power to a global power based on significant economic growth. This power provided it with options and opportunities, expanding its diplomatic potential, and moving from a policy of negative neutrality to a more effective, responsive and specific policy in the Middle East. Therefore, China has a presence in all regions of the world; Africa, Latin America, and the Middle East, especially as China is linked to the Middle East region with vital interests, most notably energy security in addition to other strategic interests. Although China and the Arab world have historical relations, the Arab region has not been the focus of attention in Chinese strategy as it is today, as the Chinese role has remained limited to trade and cultural exchanges, and China has not sought an actual presence in the region.
Coping with the current international changes, Chinese trends have actually changed towards the international challenges and crises in the Middle East region in general and the Arab region in particular, and the escalation of the crises caused by those challenges made the entire Arab region in a state of political and social instability. Accordingly, China has developed the determinants of its foreign policy towards the region in accordance with what serves its vision and employs what is happening in the region in order to achieve its interests as a superpower. Thus, we can understand what the driving factors for a major Chinese role are and influence in the Arab region and its impact on Arab regional security, especially as the Arab world constitutes a strategic depth for the major powers aspiring to compete for the leadership of the world.
مقدمة:
ظهرت الكثير من المتغيرات السياسية على الساحة الدولية خلال الفترة ما بين نهايات القرن العشرين وبدايات القرن الواحد والعشرين، وأبرز هذه المتغيرات هي الخلل فى التوازنات بين القوى الدولية، والذي نتج عنها انهيار الاتحاد السوفيتي، وانفراد الولايات المتحدة الامريكية بالهيمنة على العالم. بالرغم من ذلك برزت بعض القوى التي تحاول ان تنافس الهيمنة الامريكية، ومنها الصين التي جذبت الكثير من الانظار حولها باعتبارها قوة اقتصادية عظمى، بعد أن أصبحت الصين أحد أكبر المراكز الصناعية في العالم، وثاني أكبر اقتصاد من حيث كمية الإنتاج.
وفيما يخص الدول العربية، التي ترتبط مع الصين بعلاقات تاريخية تمتد لعقود، ترى الصين ان الدول العربية تشكل ميدانا حيويا لتحقيق طموحاتها وأهدافها طويلة الأمد في منطقة الشرق الأوسط خاصة في موضوع الطاقة. من هنا بدأت الصين بالتحول اتجاه العالم العربي، والعمل على بناء شراكات استراتيجية مع الدول العربية، حيث تركز استراتيجية الصين على العلاقات الاقتصادية مع كل دولة منفردة، بمعنى هي ليست استراتيجية إقليمية واحدة مع جميع الدول العربية. لاسيما أن الصين تعمل على حماية مصالحها الاقتصادية في المنطقة العربية بعيدا عن الخلافات الإقليمية. في الوقت نفسه أنها تحرص على ألا ينظر إليها وكأنها تتدخل في الشؤون المحلية للدول العربية أو إنها تتخذ موقفا منحازاً بشأن بعض المسائل العربية المثيرة للخلافات.
في السياق ذاته تحاول الصين أن يكون دورها، دور الموجه الذي يدعم سبل تحقيق السلم والأمن في المنقطة، لا أن تؤدي دور الهيمنة وبسط النفوذ والسيطرة. لذا نجدها تتبع سياسة تقوم على مساعدة رفع المستوى الاجتماعي والاقتصادي لدول المنطقة. وفي ظل ما تشهده المنطقة العربية من تغيرات جذرية على الساحة السياسية، فإنها تعمل على تفعيل أسلوب الوساطة الدبلوماسية، وتوسيع المشاركة في حل القضايا الساخنة في منطقة الشرق الأوسط، والقيام بدور بناء في دعم التهدئة والسلام، وحماية الأمن والاستقرار. ومن خلال تجارب التاريخ المعاصر كانت مواقف الصين في تعاملها مع متغيرات الوضع في المنطقة العربية تعكس قدرا من السلبية، لأنها دبلوماسيتها كانت تعاني من بعض التأخير في استغلال الفرص، كما أنها تتعامل مع الجهات الرسمية في الدول العربية فقط. بالتالي فهي تدعم استقرار البنية السياسية للدول العربية، إذ أنها لا تهتم بطبيعة الأنظمة السياسية الحاكمة في المنطقة، ولم تسعى مطلقا بترويج أيديولوجيتها.
أولا: أهمية البحث:
بلا شك قد احدثت الصين طفرة هائلة فى جميع المجالات، واصبحت تتمتع بالاقتصاد المستقل الضخم. من هذا المنطلق بدأت الصين تغير فى ميزان القوى العالمي، واصبحت لها نفوذها القوي كدولة من الدول التي تسعى للحصول على الهيمنة الإقليمية والعالمية، حيث تركز الصين في علاقاتها مع الدول العربية التي تمتلك ثروة نفطية هائلة وتحديدا فى الخليج العربي. ونلحظ في الوقت الراهن الكثير من الدول العربية اصبحت حليفة للصين، على سبيل المثال لا الحصر مصر، والتي تتمتع اليوم بعلاقات قوية وهامة مع الصين، وذلك لإدراك الصين بأهمية قناة السويس كممر مائي وتجارى عالمي. من هنا تسعى الدراسة لبحث وتعزيز سبل التعاون الاقتصادي من خلال فتح الأسواق العربية، وتطبيق أنظمة الإعفاءات الجمركية بين الأسواق الصينية والعربية، مع استفادة الصين من النفط والغاز العربي (الطاقة)، مع دعم الصين كقوة دولية اقتصاديا وسياسيا، إضافة إلى تقوية وتوسيع التبادل الثقافي والفكري بين الصين والعرب ضد ما يسمى بصراع الحضارات.
ثانيا: أهداف البحث:
تهدف الدراسة إلى تعرف محددات مستقبل العلاقات الصينية العربية وانعكاسها على أمن المنطقة العربية، وكذلك الاعتماد على تحديد مرتكزات السياسة العربية تجاه الصين، مع تبني الصين لرؤية خاصة لحل مشكلات الدول العربية تقوم على اعتماد التعاون الإقليمي كأساس للسياسة الأمنية، مع التزام الصين باعتماد القنوات الدبلوماسية في تطبيق سياساتها في المنطقة.
ثالثا: مشكلة البحث:
تنطلق الدراسة من إشكالية، هي أن المتغيرات التي يشهدها الشرق الأوسط منحت الصين فاعلية وتأثيرا أمام اختبار جدي للصين في كيفية التعامل مع هذه التطورات بما يخدم الطموح الصيني اتجاه تعزيز دورها في المنطقة، تلك المنطقة التي تشكل أهم المناطق تأثيرا في النظام السياسي الدولي.
رابعا: أسئلة البحث:
1. ما هي نظرة الصين اتجاه المتغيرات التي عصفت بالمنطقة وما مدى تأثير ذلك على الطموح الصيني كقوة اقتصادية وسياسية عظمى، ومتى يمكن للصين أن تستثمر هذه المتغيرات بما يخدم طموحها الدولي؟
2. إلى أي مدى أصبحت الصين في علاقتها مع الدول العربية تنافس العلاقات الأمريكية العربية؟
3. ما هي ملامح وأبعاد مستقبل العلاقات العربية-الصينية في ضوء المتغيرات الإقليمية والدولية؟
4. ما هو الدور التي اتخذته الصين اتجاه الازمات في المنطقة العربية؟
خامسا: منهج البحث:
لتحقيق أهداف البحث ارتأينا استخدام مناهج علمية متداخلة بين المنهج التاريخي، والمنهج الواقعي الذي يقوم على دعامتين، المصلحة القومية، والقوة، باعتبار أن مفهوم هذا المنهج يرتبط إلى حد كبير بنظرية القوة. إذ تظل القوة هدفا السياسة الخارجية، وهي هدف رئيس من أهداف الدولة في علاقاتها الخارجية مع الفاعلين الدوليين.
سادسا: الإطار النظري والدراسات السابقة:
مقارنة بالدراسات السابقة حرص الباحث على وضع رؤية علمية منهجية متوازنة أكثر اقترابا من واقع مستقبل العلاقات الصينية العربية وأثرها على أمن العربي.
ومن أهم الدراسات التي تناولت موضوع البحث وبطريقة مهنية وموضوعية هي:
1. دراسة الدكتورة (عنود عبد الرحمن الحباشنة) بعنوان: السياسة الخارجية الصينية تجاه المنطقة العربية: رؤيا مستقبلية ().
هدفت هذه الدراسة إلى تقديم صورة دقيقة ومفصلة بالرصد والتحليل عن مراحل تطور العلاقات الصينية العربية سياسيا واقتصاديا وعسكريا، وعن أسباب سعي الصين لطرح مبادرة الحزام والطريق. كما تناول الكتاب التبادلات الثقافية بين الصين والدول العربية، ومستقبل السياسة الخارجية الصينية تجاه المنطقة العربية، وماهي التحديات التي قد تواجه هذه العلاقة.
2. دراسة كل من الدكتور (حسن يوسف، أسامة السيد علي) وآخرون بعنوان: العلاقات العربية الصينية: التاريخ والحضارة ().
لقد تناولت هذه الدراسة نبذة تاريخية عن التجارة العربية الصينية في العصور الوسطى. كما تطرقت الدراسة إلى موقف الصين من الصراع العربي الإسرائيلي، مع شرح مفصل عن العلاقات الثقافية بين مصر والصين في العصر الحديث. وأهم ما ذكر في الدراسة هو العلاقات الثقافية بين الصين ومؤسسة الأزهر في مصر.
3. دراسة كل من (بكر البدور، جواد الحمد) وآخرون بعنوان: اتجاهات تطور العلاقات العربية الصينية ().
وقد تناول هذا الكتاب جوانب متعددة من العلاقات العربية-الصينية، ويقدم أيضا مجموعة من الرؤى والأفكار حول مجالات العلاقات العربية-الصينية وآفاق تطورها، ومشروع الحزام والطريق، والعلاقات الاقتصادية العربية-الصينية بشكل عام، كما يبحث الكتاب الدور السياسي الصيني في الشرق الأوسط من خلال الأزمة السورية.
4. دراسة (حكمات العبد الرحمن) بعنوان: الصين والشرق الأوسط: دراسة تاريخية في تطور موقف الصين تجاه قضايا المنطقة العربية بعد الحرب الباردة ().
وهي دراسة تاريخية في تطور موقف الصين تجاه قضايا المنطقة العربية بعد الحرب الباردة، تناولت الدراسة حالة فهم الصين من خلال القضايا العربية الحساسة على المستوى العالمي، والأهم في الدراسة هو استشراف مستقبل العلاقات العربية -الصينية وتأثيرها في موقف الصين من القضايا العربية المصيرية، وسبر التناقضات التي رافقت طموحات الصين التجارية.
5. دراسة (مصطفى كامل السيد، ودينغ لونغ) وآخرون بعنوان: العلاقات العربية الصينية: بحوث ومناقشات الندوة الفكرية التي نظمها مركز دراسات الوحدة العربية بالتعاون مع معهد دراسات الشرق الأوسط، جامعة شنغهاي للدراسات الدولية-الصين ().
هذه الدراسة تناولت بشكل خاصة العلاقات العربية -الصينية،وأبعادها التاريخية وسبل الإفادة منها وتطويرها وتعميقها بما يواكب التحولات الكبرى في النظام الدولي، خاصة في ظل المكانة التي باتت الصين تحتلها في الاقتصاد العالمي.
6. دراسة الدكتور (محمد الصقور، والدكتور عدنان أبو عودة) وآخرون بعنوان: آفاق العلاقات العربية الصينية في القرن الحادي والعشرين ().
لقد تناول هذا الكتاب أفاق تطوير العلاقات العربية-الصينية، وتقديم منظور جديد للعلاقات بين الصين والدول العربية، من خلال عملية التنمية. كما تطرق الكتاب إلى سبل توسيع التعاون التجاري والاقتصادي الصيني العربي في المراحل القادمة وتحديدا في مجال الطاقة، مع صياغة استراتيجية خاصة للنفط قائمة على الاعتماد المتبادل بين الدول العربية والصين.
تعقيب على الدراسات السابقة وماهي الإضافة العلمية التي سيقدمها الباحث:
يحاول الباحث في موضوع (العلاقات العربية الصينية وأثرها على الأمن الإقليمي العربي) إلى التوافق مع الدراسات السابقة المذكورة آنفا، حيث يهدف إلى دراسة هذه العلاقة بكافة أبعادها السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية، مع تقديم المقترحات والحلول المناسبة لتعزيز وتطوير العلاقة بين الدول العربية والصين، ودراسة فهم الدور الصيني في العالم العربي للفترة المقبلة. في السياق ذاته سيتم تقديم رؤيا كامنة عن مبادرة الحزام والطريق، وتركيز الصين في العالم العربي على قضايا التنمية أكثر من القضايا السياسية، وأهمية الاستثمارات الصينية في المنطقة العربية.
سابعا: تقسيم البحث
تم تناول الموضوع من خلال مبحثين، المبحث الأول، العلاقات العربية الصينية مدخل تاريخي، وسيتضمن مطلبين، المطلب الأول، الجذور التاريخية للعلاقات العربية الصينية. المطلب الثاني، الابعاد السياسية والعسكرية والاقتصادية للعلاقات الصينية العربية. المبحث الثاني، الاستراتيجية الصينية تجاه الدول العربية وتأثيرها على الأمن الإقليمي العربي ويتضمن مطلبين، المطلب الأول، مبادرة الحزام والطريق من خلال وثيقة سياسة الصين تجاه الدول العربية. المطلب الثاني، رؤية مستقبلية لمحورية التعاون الاقتصادي والتنموي بين الصين والعالم لعربي.
المبحث الأول
العلاقات العربية الصينية مدخل تاريخي
ترتبط الصين والدول العربية بعلاقات قديمة أخذت بالتطور مع اليقظة والنهضة القوميتين في العصر الحديث، وقد أخذت العلاقات الثنائية بين الطرفين تتطور وتدخل مرحلة مهمة ترتبط بمصالح مشتركة بعد حصول الدول العربية والصين على الاستقلال. حيث أنالموقف العربي الحالي تجاه القضايا الصينية المختلفة يرتكز على خلفية تاريخية تمتاز بالإيجابية لما يربط الطرفين من علاقات ووشائج حضارية. إلا أن الصين ظلت محافظة على طابعها الآسيوي،وملتزمة بمذهبها الذي مازال سائدا في الصين هو الكونفوشيوسية ().
في السياق ذاته شهد النصف الثاني من القرن العشرين تطورا كبيرا في العلاقات العربية الصينية، مما ترك الأثر الكبير في تبلور صور التضامن بهدف إنهاء السيطرة الأجنبية بكافة أشكالها وصورها، والعمل على إرساء دعائم الوحدة الوطنية، وتكثيف الجهود لإقرار السلام العادل والتنمية الاقتصادية والاجتماعية المتوازنة في ظل ظروف دولية بالغة الصعوبة والتعقيد ().
وسيتضمن هذا المبحث مطلبين، المطلب الأول، الجذور التاريخية للعلاقات العربية الصينية. المطلب الثاني، الابعاد السياسية والعسكرية والاقتصادية للعلاقات الصينية العربية
المطلب الأول
الجذور التاريخية للعلاقات العربية الصينية
يُعد طريق الحرير الواصل من أوروبا الشرقية من حدود ألمانيا والمجر عبر آسيا الوسطى حتى المحيط الهادي فى الصـين ثم تفرعه حتى كوريا واليابان من أهم الطرق التي كان لها الأثر في توطيد العلاقات العربية الصينية. لاسيما أن البضائع والإرساليات كانتتنقل إلى آسيا عبر طريق الحرير ().
لقد مثلت العلاقات غير الرسمية التي جمعت الصينيين والعرب قبل الإسلام وخلال فترة استخدام طريق الحريـر القـديم، الأطر التي نشأت فيها وتطورت بين الشعبين العريقين، وكان ثمة تواصل إنساني بـين التجار الصينيين والعرب، قد عمق روابط المصاهرة والشراكة التجارية والتبادل المعرفي والدخول فى عقيدة الآخر، مما أدى إلى ظهور الصينيين المسلمين ().
وبما أن مدينة كانتون أولى المدن الصينية التي استقبلت الجاليات الإسلامية بسبب موقعها المهم كميناء على بحر الصين، من هنا”فإن جميـع المصادر التاريخية تؤكد وتجمع على أن المسلمين عاشوا هناك فترة طويلة وقاموا ببناء المساجد فيها، وكان من أهم تلك المساجد ذلك الذي بناه المسلمون فى مدينة كانتون عُرف باسم (مسجد الشوق أو الحنين إلى النبي) حيث قاموا التجار المسلمين بتشييد تلك المساجد”().
العلاقات التجارية بين شبه الجزيرة العربية والصين:
ارتبطت شبه جزيرة العرب بعلاقات مختلفة مع محيطها القريب والبعيد، وكانت التجارة على رأس الصلات التي ربطتها مع جنوب شرق آسيا، وتحديدا مع الهند والصين، حيث احتلت منطقة الشرق الأدنى القديم أهمية بالغة في تاريخ البشرية، وتكمن هذه الأهمية في بروز حضارات عريقة مهمة كانت هي الأبرز في حضارات العالم عموما. بالمقابل تعتبر منطقة شمال شبه جزيرة العرب هي الأبرز في مجال نقل التجارة من الهند والصين إلى موانئ البحر المتوسط وبالعكس ().
في الوقت نفسه تتميز العلاقات العربية الصينية بأنها علاقات قائمة على الود، والتعاون منذ القدم، وإن هذه العلاقات خالية منالرواسب والأحقاد الاستعمارية، فالصين لا تمتلك نوازعا وأطماع عدوانية اتجاه العرب، لاسيما أن جذور هذه العلاقة مستندة إلى عدة من المرتكزات أبرزها كالآتي:
1. المرتكز الحضاري: الذي يشكل جسرا للتعارف والتفاهم،وزيادة أواصر العلاقات والتفاهم بين الطرفين.
2. المرتكز السياسي: ساندت الصين العرب في قضاياهم العادلة وعلى رأس ذلك القضية الفلسطينية، حيث دعت الصين ضرورة التزام الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني بطرق المفاوضات ونبذ العنف، واحترام الشرعية الدولية، والعمل على تنفيذ قرارات مجلس الأمن دولي، وتحقيق مبدأ الأرض مقابل السلام. من هذا المنطلق، فقد خلقت هذه السياسة نوعا من الانسجام بين العرب والصين.
3. المرتكز الاقتصادي: نظرا لكبر حجم الاقتصاد والسوق في الصين، فإن الصين منذ عقود تنظر إلى العرب كمجموعة إقليمية يمكن لها أن تخدم مصالح الطرفين ().
وبالرغم من أن الصين تاريخيا تسعى إلى دعم اقتصادها وحل مشكلاتها الإقليمية والانفتاح في المجالين الدبلوماسي والاقتصادي على الوطن العربي، بهدف خدمة سياستها الجديدة ودعمها في مواجهة التكتلات الاقتصادية العملاقة، غير أن هذا التوجه الصينيقدم اصطدم بتنامي العلاقات الصينية الإسرائيلية في المجالات الاقتصادية والعسكرية والدبلوماسية، الأمر الذي أدى إلى تذبذبفي العلاقات العربية الصينية في مراحل مختلفة.
المطلب الثاني
الابعاد السياسية والعسكرية والاقتصادية للعلاقات الصينية العربية
تعد المنطقة العربية محور اهتمام في الاستراتيجية الصينية، ومع ذلك، فأن دول المنطقة من جانبها لم تنظر إلى الصين كلاعب دولييمكن الاعتماد عليه، فقد ظل الدور الصيني محدودا، وهامشيايقتصر على التبادلات التجارية والثقافية. بيد أن الصين كانت دائما تنظر إلى الدول العربية بثرواتها وموقعها الاستراتيجي باعتباره (منطقة تشابك) في الصراع المحتوم بين القوى الدولية المتنافسة على مناطق النفوذ. ومع تطور أساليب الهيمنة الأمريكية، اتجهت الأنظار للبحث عن قوة دولية يمكن أن تكون المنافس لتلك القوة المهيمنة على النظام العالمي، فكانت الصين هي القوة التي يمكن أنتكون صاحبة مكانة دولية لها ثقلها السياسي إضافة إلى قوتها الاقتصادية.
كما أن الصين تحتفظ بثاني أكبر احتياطي عالمي من العملات الأجنبية، وعلى رأسها الدولار الأمريكي، ومن الناحية التجارية، فقد أصبحت البضائع الصينية تشكل قلقا للدول الصناعية الكبرى بسبب أسعارها المنافسة مع سهولة وصولها إلى الأسواق المستوردة، لاسيما أن الصين تفتح أسواقها بأفضلية خاصة لمنتجات الدول العربية، وتشجع دخول هذه المنتجات إلى أسواقها، وترفع القيود الجمركية عنها وتسهل انسيابها إلى أسواقها ().
وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي وبروز نظام عالمي جديد” ظهر تحد جديد من الدول العربية والصين، وقد تجلى ذلك بعد حرب الخليج الثانية التي وضعت منطقة الشرق الأوسط تحت الهيمنة الأمريكية والوجود العسكري الأمريكي في منطقة الخليج، مما أدى بالصين إلى السعي لإيجاد توازن في العلاقات الدولية القائمة على تعدد الاقطاب، فهي ترفض أن يبقى العالم تحت هيمنة أمريكا، وتسعى لأن يكون لها دور رئيسي فيه”().
وفي ظل هذه الاعتبارات الاستراتيجية يحاول العرب رسم مستقبل أفضل لعلاقاتهم مع الصين، حيث ينظر العرب إلى الصين كدولة صديقة تربطهم بها علاقات خالية من التوتر بالرغم من بعض التحفظات الأيديولوجية التي كانت لبعض العرب على انتشار الأيديولوجية الشيوعية في الوطن العربي، إلا أن ذلك لم يحل دون تنامي هذه العلاقات على كافة الصعد. لاسيما أن الصين قدتراجعت عن استخدام السياسة الخارجية لنشر الفكر والأيديولوجيا الشيوعية خلال العقود الثلاثة الماضية، حيث اتجهت الصين الجديدة نحو التنمية الاقتصادية من أي مصدر، وبأية وسيلة، ووفقا لأي منهج اقتصادي سواء كان منهج (كارل ماركس) أو منهج (ريكاردو)أو منهج (كينز)، وسواء جاءت المساعدات الاقتصادية من الاتحاد السوفييتي السابق، أو جاءت من اليابان، أو من أمريكا، فالهدف هو التنمية والسعي من أجل بناء قوة الصين بغض النظر عن الوسيلة ().
من هنا أصبحت الصين تبدو اهتماما متزايدا بدعم اقتصادها، وحل مشكلاتها الإقليمية والانفتاح في المجالين الدبلوماسي والاقتصادي على الوطن العربي لخدمة سياستها الجديدة ودعمهما في مواجهة التكتلات الاقتصادية العملاقة. ومع النمو المتسارع للاقتصاد الصيني، واتساع رقعة المصالح الصينية في الخارج وبروز مصطلح (أمن الطاقة) كأحد أهم مرتكزات الأمن القومي الذي يضمن استمرار عجلة الاقتصاد الصيني، وبما تشكله الدول العربية كأهم مصادر الطاقة في العالم، وكواحدة من الأسواق الاستهلاكية الهامة. بدأت الصين بتوسيع رؤيتها لمفهوم الأمن القومي، ومن ثم التفكير بشكل أكبر في المنطقة العربية، لكن دون الانخراط الفاعل في قضاياها السياسية، وإنما هيمنت العلاقات الاقتصادية على معظم تحركات الصين وسلوكها الدبلوماسي ().
وتجدر الإشارة إلى أن بكين كانت حذرة في تحديد مواقفها السياسية تجاه الدول العربية، إذا ما اضطرت تحت وطأة ظروف إقليمية، فإنها تقوم بذلك وفق خطوات حذرة وقلقة، وغالبا ماكانتتتمسك بدعوة الأطراف المعنية بأية أزمة إلى الحوار والتفاوض دون الخوض بأية تفاصيل أو تقديم أية مبادرات أو حلول غير سلمية، فالمنطقة ومن الرؤية الصينية، تعج بالمتناقضات الدينية والعرقية وبؤرة خطرة في الصراع والتنافس الدولي، وأن التدخل السياسي أو العسكري فيها محفوف بالتحديات والمخاطر، ويحتاج إلى الكثير من الأدوات السياسية، والعسكرية، والأمنية، والاقتصادية، والثقافية().
وتأسيسا لما تقدم تقوم الرؤية الصينية الخاصة بالدول العربية على ما يلي:
1. عدم الرغبة بالتورط عسكريا في المنطقة.
2. وفقا للفقرة (1) تلتزم الصين باعتماد القنوات الدبلوماسية في تطبيق سياساتها في الشرق الأوسط.
3. تسعى الصين إلى تقديم الحلول الناجعة والمساعدة في مكافحة الإرهاب بالمنطقة العربية، من خلال التعاون الثنائي والمتعدد، وبناء التنمية الاقتصادية.
4. اعتماد التعاون الإقليمي كأساس للسياسة الأمنية في المنطقة، وكذلك حث الشعوب العربية على تحقيق الأمن القومي وامتلاك مقومات الإرادة الوطنية التي تكسبها نوعا من القوة وتحقيق سبل الأمن والأمان.
5. وبحسب كثير من الاستراتيجيين الصينين، أن اعتماد السياسة الصينية الحالية على المصالح الاقتصادية يلزمها الأمن والاستقرار إقليميا ودوليا، والابتعاد عن أي إجراءات أو سياسات تتسبب في عدم الاستقرار ().
وفي موضوع القضية الفلسطينية، فقد كان للعلاقات العربية الصينية بعدا سياسيا في هذه القضية، حيث تم تحديد خمسة آراء رسمية لعملية السلام في الشرق الأوسط وخاصة مع الدول العربية من قبل الصين في أثناء زيارة نائب رئيس الوزراء الصيني لخمس دول عربية وهذه الآراء هي:
1. استمرار التفاوض السلمي في الشرق الأوسط فيما يخصالقضية الفلسطينية على أساس قرارات الأمم المتحدة ووفقا مبادلة الأرض بالسلام حسب ما جاء في مؤتمر مدريد.
2. تنفيذ الاتفاقات التي تم التوصل إليها وتجنب التصرفات الضارة بعملية السلام.
3. نبذ أي تصرف إرهابي، وعنيف للمحافظة على أمن الدول وحياة الشعوب.
4. مع استمرار عملية السلام، يتم دعم التبادل والتعاون الاقتصادي في المنطقة، ويجب على دول الشرق الأوسط ومنها الدول العربية وإسرائيل، أن تقيم الثقة المتبادلة وأن تزيل العداوة كي تحقق تنميةوازدهارا مشتركا.
5. ينبغي على المجتمع الدولي أن يبذل جهود مع أطراف الشرق الأوسط المعنية من أجل تحقيق سلام شامل وعادل ودائم ().
والواقع أن أمن الطاقة من حيث المصادر وطرق الإمداد سيظل المحرك الرئيس للسياسة الصينية تجاه المنطقة، خاصة أنها انتقلت من دولة مكتفية بقدرتها الإنتاجية لمصادر الطاقة إلى دولة مستوردة لهذه المصادر، وأن الدول العربية يمكن لها أن تسد حاجة الصين للاستمرار بمشاريع التنمية الاقتصادية. بالتالي فهناك احتمالات كبيرة لتوسع التعاون الاقتصادي بينهما على أساس المساواة والمنفعة المتبادلة.
وبما أن النفط من أهم السلع الاستراتيجية التي تساهم مباشرة في بلورة القوة العسكرية لدول الشمال، خاصة بعد تعرض النظام الرأسمالي لهزات عنيفة نتيجة للحروب المتتالية، وهذا الاهتمام يدفع تلك الدول للحفاظ على حماية المصالح الاقتصادية والتجارية الخاصة بها. من هنا أصبح نفط الشرق الأوسط من أهم الاستراتيجيات الدفاعية الصينية. لاسيما أن الصين أصبحت اليومثاني أكبر اقتصاد في العالم من حيث الحجم بعد الولايات المتحدة الأمريكية، وتمثل منظومة متكاملة من القوات البرية والبحرية والجوية، ومع النمو الكبير المتوقع في حاجة الصين إلى الواردات من النفط والغاز، خاصة تلك الواردات الآتية من مناطق النطاق الحيوي الاستراتيجي الممتد للصين ().
وتأسيسا لما تقدم، يعد الوطن العربي بالنسبة للصين المحور الاستراتيجي الثاني بعد الاتحاد الأوروبي في علاقاتها الخارجية. لاسيما أن هذا الترابط بين الصين والدول العربية يمثل أحد العوامل التي تجعل الصين مناصرة للقضايا العربية وحقوقها السياسية في مواجهة التوسع الاستعماري الغربي. من هنا تسعى الصين إلىاعتماد سياسة خارجية تقوم على مبدأ الاستقلالية الاستراتيجية، بمعنى عدم الارتباط الاستراتيجي مع القوى الكبرى فيما يخص قضايا الدول العربية.
وخلال السنوات الماضية أصبحت الصين تولي اهتماما كبيرا للعالم العربي، ففي حين تسعى بكين إلى نمو متزايد لتوسيع دائرة نفوذها حول العالم، فإن بعض المناطق العربية تحظى بأهمية استراتيجية خاصة، لأن منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي تعتبر من أهمالمناطق في العالم بالنسبة لبكين خارج منطقة آسيا والمحيط الهادئ. بسبب موارد الطاقة الوافرة فيه وموقعه الجغرافي الاستراتيجي، خاصة مع ظهور التوترات بين الصين وجيرانها في شرق آسيا.
بالمقابل نجد أن الدول العربية تحرص على توسيع آفاق التعاون مع جمهورية الصين الشعبية، من خلال بلورة رؤى مشتركة إزاء القضايا الإقليمية والدولية المختلفة، وذلك في إطار احترام ميثاق الأمم المتحدة والمواثيق والمعاهدات، والأعراف الدولية وتعزيز السلم والأمن الدوليين، وخدمة مصالح الجانبين، وفي ظل التحولات السياسية المحورية التي تشهدها المنطقة العربية حاليا، وما لها منانعكاسات مختلفة على الساحتين الإقليمية والدولية، أصبحت الحاجة إلى المزيد من التنسيق والدعم المتبادل بين الدول العربية والصين، لتحقيق التوافق الدولي حول طرق المعالجة السياسية للأزمات القائمة، ودعم تطلعات الشعوب العربية نحو الحرية والكرامة والتنمية ().
المبحث الثاني
الاستراتيجية الصينية تجاه الدول العربية وتأثيرها على الأمن الإقليمي العربي
بدأت الصين تتكيف مع بدء النظام العالمي الجديد الأحادي القطبية، حتى تتمكن من بناء قوتها الذاتية التي تفرض عليها سياسة انتقاء الأصلح بخاصة فيما يخدم مصالحها الحيوية. وقد تميزت هذه الفترة بظهور قضايا جديدة في العلاقات العربية الصينية، وباهتمام متبادل، لاسيما أن الصين قد استفادت من تجربة الاتحاد السوفيتي السابق بعلاقتها مع الدول العربية، واستخلصت الدروس والعبر في ضرورة الاعتماد على عقلانية التصرف، لا الانقياد خلف العقيدة ().
وبما أن الصين من الدول العظمى، وهي عضو في مجلس الأمنالدولي الذي تهيمن عليه الدول الغربية، لكنها تنتمي إلى دول العالم الثالث بحكم موقعها الجغرافي، وهذه الخصوصية تعد عاملا محددا في سياستها الخارجية. إذن تفسير سلوك الصين كدولة كبرى في علاقاتها الدولية، وتحديدا في المنطقة العربية ومواقفها من القضاياالحيوية في السياسة الدولية، يبدأ بتحديد الابعاد الاستراتيجية التي تمثل القواعد الثابتة والتي تؤثر في تشكيل مصالح ومبادئ سياستها الخارجية وأهدافها.
وهناك ثلاث عوامل أساسية تحدد استراتيجة الصين اتجاه الشرق الأوسط والدول العربي هي:
العامل الأول: البعد الاستراتيجي
العامل الثاني: البعد الايديولوجي
العامل الثالث: البعد الاقتصادي: وقد تطرق له الباحث في المطلب الثاني، المبحث الأول ().
أحداث 11 سبتمبر 2001 وأثرها في سياسة الصين الخارجية تجاه قضايا المنطقة:
ساعدت أحداث 11 سبتمبر 2001، الصين على تعزيز قدراتها واتخاذ موقف الحياد بالنسبة إلى قضايا الأمة، حيث أصبحت قضية الإرهاب الدولي هي القضية المحورية في المجتمع الدولي بعد هذه الاحداث. بالتالي فقد انعكست نتائج أحداث 11 سبتمبرومآلاتها على العلاقات العربية الصينية، والتي أدت إلى البحث عن أطر جديدة لتحسين العلاقات بينهما، وبما يتناسب مع مصالح كل من الطرفين، والتعامل مع المعطيات الدولية، وكذلك إيجاد سبل استراتيجية جديدة قادرة على التعامل مع هذه المتغيرات الدولية. بيد أن الصين قد اعتبرت احداث 11 سبتمبر 2001، نتاجا للنظام الدولي الاحادي القطبية. عليه فقد كان هناك نوعا من التوافق بين الصين والدول العربية على رفض ومقاومة الإرهاب، والحفاظ على الأمن الإقليمي في الشرق الأوسط وفي المنطقة العربية ().
ويتضمن هذا المبحث مطلبين، المطلب الأول، مبادرة الحزام والطريق من خلال وثيقة سياسة الصين تجاه الدول العربية. المطلب الثاني، رؤية مستقبلية لمحورية التعاون الاقتصادي والتنموي بين الصين والعالم لعربي.
المطلب الأول
مبادرة الحزام والطريق من خلال وثيقة سياسة الصين تجاه الدول العربية
يقصد بمبادرة الحزام والطريق، تلك المبادرة التي أطلقتها الصين بعد وصول الرئيس الصيني (شي جين بينغ) إلى السلطة حيث تم التركيز على السياسة الخارجية للصين على أن تسخر لها كل قدرات الدولة في القطاعين العام والخاص. وتقوم هذه المبادرة على أساس استخدام التفوق الاقتصادي للصين في الخارج وتصدير قدراتها القوية في مجال البنية التحتية إلى مناطق أخرى من العالم. وترى بكين أن السبب الأساسي في اقتراح مبادرة الحزام والطريق هو”أن الصين عادت للظهور في مركز الاقتصاد العالمي. على إنها أكبر دولة في العالم وواحدة من أكبر الشركاء التجاريين لأكثر من 200 دولة ومنطقة، مما يجعل الصين أكبر فاعل دولي يشترك في مصير معظم دول العالم، لأن الصين تكون قادرة بشكل كبير على دفع النمو في الاقتصاد العالمي والتجارة والاستثمار”().
من هذا المنطلق، فقد اعتبرت الصين أن مبادرة الحزام والطريق هي ثورة ذات نطاق عالمي غير مسبوقة في الجغرافيا والاقتصاد، تلك الثورة التي ستعيد تشكيل الجغرافيا الاقتصادية للصين والبلدان الواقعة على طول طريق الحرير وكذلك العالم ككل ().
الرؤية الكامنة لمبادرة الحزام والطريق:
في عام 2013 أعلن الرئيس الصيني (شي جين بينغ) عن خطط لبناء الحزام والطريق الاقتصادي والحرير البحري للقرن 21، والتي أصبحت تعرف باسم (مبادرة الحزام والطريق) وترتكز على إنشاء طرق تجارية تربط بين كل من آسيا وأوروبا وإفريقيا. أذ يُشير(الحزام) إلى عدة مشاريع برية تربط الصين بأوروبا عبر آسيا الوسطى والشرق الأوسط، بينما يُشير (الطريق) إلى مشاريع مرتبطة بطرق بحرية بحيث تقوم هذه الطرق بربط الصين مع إفريقيا والشرق الأوسط عبر جنوب شرق وجنوب آسيا.
وتجدر الإشارة إلى أن الاستثمارات الصينية قد تزايدت بعد إعلان الرئيس الصيني مبادرة (الحزام والطريق) في عام 2013 وبناء على (الإعلان التنفيذي الصيني العربي) الخاص ببناء (الحزام والطريق) والصادر في بكين عام 2018، فقد وقعت 9 دول عربية على وثائق التعاون في إطار مبادرة الحزام والطريق، إضافة إلى توقيع 5 دول عربية على التعاون في مجالات الطاقة الانتاجية، وهناك 7 دول في المنطقة العربية أصبحت من الأعضاء المؤسسين في البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية. في الوقت نفسهفقد تضاعفت مشاركة الصين في تطوير البنى التحتية في منطقتي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث ارتفع اجمالي الانفاق السنوي على المشاريع التي تضم مقاولين صينيين من 13 مليار دولار خلال عام 2014 إلى 24 مليار دولار عام 2018().
وتأسيسا لما تقدم، فإن الصين تنظر إلى مبادرة الحزام والطريق بوصفها وسيلة لها وظائف جغرافية محورية للربط والاتصال والتنمية الشاملة، وهو أمر يعزز قيمتها الجيوستراتيجية العالمية، ويؤطر الوضع الاستراتيجي الذي له أهمية كبيرة في التأثير على المصالح الاقتصادية والأمنية للصين ويرجع ذلك إلى:
أولا. تحسين العلاقات مع دول الجوار، وتطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية المواتية مع تطور العلاقات الصينية الثنائية مع كل من، كازخستان، وقيرغستان، وطاجكستان، والباكستان.
ثانيا. ضمان توريد النفط والغاز إلى الصين، لاسيما أن الصين تعد من أهم الدول المستوردة للنفط الخام في العالم ().
العراق والمبادرة الصينية (مبادرة الحزام والطريق):
يحظى العراق بموقع جغرافي متميز في خريطة العالم، لهذا فهو يعد من البلدان التي تتمتع بأهمية استراتيجية من الناحية الجيوسياسية بالنسبة للصين، حيث يرتبط بصلات اقتصادية وتجارية كبيرة مع الصين، بالمقابل ابتدأ الدعم الصيني للعراق بتقديم منحة مالية مقدارها 25 مليون دولار لإعادة الأعمار والبناء، وفي عام 2007 وتم توقيع أربع اتفاقيات تعاون بين البلدين، وفي إطار هذه الاتفاقيات، ألغيت بموجبها الصين 80% من ديونها المستحقة على العراق التي تزيد على 8 مليار دولار. وبالرجوع إلى المبادرة الصينية، فإن العراق يمثل حلقة الوصل الجغرافية التي تربط بين قارتي آسيا وأوربا، فضلا عن موقعه الجغرافي في الخليج العربي. وعليه فإنه يقع في قلب مبادرة الحزام والطريق الصينية، حيث يمكن أن يكون العراق الجسر الرابط بين خطوط المواصلات العالمية، لاسيما أنه جار لثلاثة دول مهمة في أطار المبادرة الصينية، وهي، إيران وتركيا والمملكة العربية السعودية. بالتالي يمكن أن يكون العراق مهما سواء بالنسبة لطريق الحرير البري، في الوقت نفسه يمكن أن تمر طرق التجارة البحرية المقررة ضمن الحزام البحري بالعراق عبر موانئه على الخليج العربي ().
الجدير بالذكر، في أكتوبر من عام 2019، وقع العراق اتفاقية مع الصين فعّلت برنامج (النفط مقابل إعادة الإعمار)، تعهدت بموجبه عشرات الشركات الصينية بالعمل في البنى التحتية العراقية مقابل تلقي بكين 100 ألف برميل نفط يوميا. بعدما وافق العراق على الانخراط في مبادرة (الحزام والطريق الصينية) والتي شملت بنودهاالسماح للشركات الصينية بالاستثمار بكثافة في كافة مفاصل العراق الاقتصادية. من ثم فإن الصين وبموجب هذه الاتفاقيةستبني ألف مدرسة في العراق مع التعهد ببناء 7 آلاف مدرسة أخرى في المستقبل ومشاريع أخرى ().
أما عن مستقبل المبادرة الصينية (مبادرة الحزام والطريق) فهناك العديد من الشكوك أثيرت حول هذه المبادرة، وماهي الأجندة الجيوسياسية الحقيقية لمشروع (الحزام والطريق) التي تخفيها الصين خلف المبادرة. ومن خلال استعراض لبعض الجوانب المهمة في المبادرة نفسها طرحت هذه التساؤلات حول (مبادرة الحزام والطريق) وهي:
1. غموض المبادرة وما يكتنفها من أهداف ونهج، وذلك بالنظر لعدمالإعلان عن مخطط واضح لتنفيذ المبادرة حين إعلانها أول مرة عام 2013.
2. الفجوة الظاهرة بين الخطاب الصيني المسالم والسلوك العملي للمبادرة، حيث هناك حالة من الشد والجذب بين اتجاهين متعارضين لدى القيادة الصينية، الاتجاه الأول يمثل، التنمية السلمية وتعزيز الجهود الحقيقية لبناء نوع جديد من العلاقة مع القوى العظمى وتحديدا مع الولايات المتحدة الأمريكية. أما الاتجاه الثاني فهو، سعي القيادة الصينية إلى استثمار القوة الاقتصادية والعسكرية الصينية في تعجيل وتسريع النمو الاقتصادي والتحركات الصينية ليست على مستوى الحزام والطريق فحسب، ولكن على مستوى توجهات البنك الآسيوي للاستثمار.
3. تشويش الإعلام الغربي على المبادرة الصينية، من خلال اللجوء إلى خطاب يستحضر مفاهيم الاستعمار الجديد، وخصوصا فيما يتعلق بالتركيز على وجود غايات خفية تقف وراء مبادرة الحزام والطريق ().
المطلب الثاني
رؤية مستقبلية لمحورية التعاون الاقتصادي والتنموي بين الصين والعالم لعربي
لقد حقق الاقتصاد الصيني خلال 25 سنة الماضية، النمو الأكبر له في التاريخ، ويستمر في تحقيق نمو عام بشكل سنوي، حيث تسعىالصين لتنمية علاقتها الاقتصادية وتطويرها بدول العالم وفي مقدمتها الدول العربية، فهي تنظر إلى الشرق الأوسط بصورة عامة على أنه سوق جديد لدعم نموها الاقتصادي ومصدرا لتأمين احتياجاتها من الطاقة، كما أنها تشجع رؤوس الأموال العربية لإقامة المشروعات الاستثمارية. ويمكن قراءة التعاون الاقتصادي التنموي لمشاركة الصين مع دول الشرق الأوسط في ثلاث وثائق صينية رسمية وهي:
الأولى: وثيقة سياسة الصين تجاه الدول العربية عام 2015.
الثانية: خطة الرؤية والإجراءات عام 2015 والتي تضمنت مبادرة الحزام والطريق.
الثالثة: الإعلان التنفيذي الصيني العربي عام 2018().
البعد الجيو اقتصادي للعلاقات العربية-الصينية:
تسعى الصين وعبر دبلوماسية نشطة لتنفيذ استراتيجية الحزام والطريق لاسيما في المجال الاقتصادي ومن ثم دفع التبادلات الاقتصادية لتصل إلى مستويات عالية، فضلا عن إقامة المناطق الحرة في مختلف انحاء العالم. أما عن العلاقات العربية-الصينيةفإنها تحظى بأهمية استراتيجية عالية لدى صانع القرار السياسي الصيني، وتأتي هذه الأهمية بسبب التعداد السكاني للدول العربية وعوامل أخرى تم ذكرها سابقا، لكن الأهم هو الموقع العربي في الحسابات الجيوستراتيجية ضمن السياسة الدولية. لذا نجد أن حجم التبادل التجاري العربي-الصيني ومنذ نهاية عقد السبعينات من القرن الماضي ارتفع ليصل إلى مستويات لا يستهان بها بالنسبة لكلا الطرفين، وقد وصل حجم التبادل التجاري بين البلدان العربية والصين 239.8 مليار دولار عام 2020().
ويتوقع أن يرتفع بين عامي 2020-2030 إلى 600 مليار دولار. أما فيما يتعلق بالاستثمارات المتبادلة، فقد بلغت الاستثمارات الصينية المتراكمة في الدول العربية 15 مليار دولار في نهاية عام 2010،وارتفعت إلى 213.8 مليار دولار عام 2021، حسب الجدول ادناه ().
استثمارات الصين في البلدان العربية خلال الفترة 2005ـ 2021
النسبة |
قيمة الاستثماراتمليار دولار |
الدولة |
21% |
43.5 |
السعودية |
17% |
36.2 |
الإمارات |
14% |
30.1 |
العراق |
12% |
25.8 |
مصر |
12% |
25.7 |
الجزائر |
24% |
51.8 |
بقية البلدان العربية |
100% |
213.9 |
المجموع |
بينما وصلت الاستثمارات العربية المتراكمة في الصين إلى 2.85مليار دولار، حيث بلغت القيمة الإجمالية لمشروعات البنى التحتية التي نفذتها الشركات الصينية في الدول العربية 92.5 مليار دولار ().
في السياق ذاته تحرص الصين دائما على توظيف قدراتها المالية الضخمة في كسب أصدقاء جدد عبر بوابة الاستثمارات الخارجية والتصدير إلى مختلف دول العالم ومناطقه. ولا يختلف المراقبون على مكانة الصين في النظام العالمي الراهن، فهي ثاني أكبر قوة اقتصادية في العالم، بعد الولايات المتحدة، وأحد الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي، وهذا بحد ذاته كفيل أن بجعل المنطقة العربية أحد أولويات اهتمامها، سواء بحكم مسؤوليتها في الحفاظ على الأمن والاستقرار الدولي، أو بحكم مصالحها الاستراتيجيةكدولة مستوردة للنفط تحصل على نحو 60% من احتياجاتها النفطية من منطقة الخليج العربي ().
ومع الاهتمام العربي بالتعاون مع جمهورية الصين الشعبية، تبادل الصين الدول العربية ذات الاهتمام وتنظر إلى الدول العربية كشريك رئيسي لها. فالوطن العربي اقليم جغرافي واستراتيجيمهم، مصدرا رئيسيا للطاقة في العالم، ويضم قناة السويس، إضافة إلى أن الوطن العربي يعد بوابة أفريقيا، وله اتصال مباشرمع الباكستان، لعبور السفن من المحيط الهندي إلى قناة السويس،ومن ثم إلى أوروبا ().
وبعد الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003، دعت الصين إلى تغليب الحل السياسي واتخاذ إجراءات سياسية تلائم هذه المرحلة، وذلكبناء على إدراكها بقوة الولايات المتحدة الأمريكية ودورها الفاعل والمؤثر في الشرق الأوسط، نظرا إلى ما تمثله هذه المنطقة في الاستراتيجية الأميركية. لاسيما أن بكين غير مستعدة للتخلي عن علاقاتها بواشنطن والدول الغربية.
الجدير بالذكر أن الصين تولي اهتماما كبيرا ومتناميا تجاه القارة الأفريقية بصفة عامة، من خلال سياسة إعادة الانخراط نحو القارة الأفريقية، وهي سياسة وضعت مجموعة من المبادئ والأهداف الحاكمة لعلاقة الصين بأفريقيا، ومن أبرز هذه المبادئ العلاقات المصرية – الصينية، تلك العلاقات التي حظيت بقدر كبير من الاستمرارية والثبات، منذ بداية نشأتها في منتصف العقد الخامس من القرن العشرين. وعلى الرغم من تغير الأوضاع الدولية والإقليمية منذ انتهاء الحرب الباردة، فإن العلاقات المصرية – الصينية اتسمت بالتطور الإيجابي والازدهار في جميع المستويات ().
الخاتمة:
جاءت هذه الدراسة لتؤكد أن هناك شبه إجماع على أن الصين من الدول التي تملك كل المقومات التي تؤهلها لتتبوأ مكانة قوية على الساحة الدولية، وتنتهج سياسة خارجية سلمية مستقلة بهدف حماية استقلالها، والحفاظ على سلامة أراضيها، كما أنها تسعى إلى بناء نظام دولي اقتصادي، وسياسي جديد، يجسد رغبات الشعوب من أجل العيش بحرية وسلام. وتتبع الصين استراتيجية خاصة في علاقاتها مع الدول العربية على كافة الأصعدة، فهي تحاول تقديم المساعدة للدول العربية بشتى الوسائل لتطوير الصناعة والتكنلوجيا، لتحقيق اقتصاد صناعي متنام. لاسيما أن الصين تنتهج سياسة الانفتاح على الخارج بصورة شاملة، وتعمل على توسيع نطاق التعاون في مجالات الاتصالات التجارية والاقتصادية والتكنولوجية والتبادلات العلمية والثقافية على نطاق أوسع مع الدول العربية على أساس مبدأ المساواة، وتحقيق المنفعة المتبادلة بين كافة الأطراف.
وبناء عليه، فقد شكلت المنطقة العربية أهمية استراتيجية للصين،بالرغم من جملة المتغيرات التي تتعرض لها المنطقة، ويرجع ذلكلوجود منافع اقتصادية أبرزها مصدر الطاقة، إلى جانب المنافع الثقافية والسياسية، وقد اختارت الصين سياسة تجاوزت فيهاسياسة الحياد السلبي كمنهج لسياساتها الخارجية، وهي سياسة قائمة على رفض التدخل الأجنبي الغربي والحفاظ على سيادة الدول، والتأكيد على أن أي تغيير في الأنظمة يجب أن يكون من الداخل.
بالمقابل تحاول الدول العربية الاستفادة من تجربة الصين الفريدة في تحقيق معدلات مرتفعة للتنمية الاقتصادية، ومحاولة القضاء على مشكلتي الفقر والبطالة من خلال الاستفادة من المشاريع التنموية، وكذلك الاستفادة من القدرات والخبرات الصينية في المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية بهدف تحقيق نوع من التوازن الاستراتيجي في المنطقة خاصة في ظل تسارع وتيرة المتغيرات الدولية والإقليمية، وبالرغم من أن العلاقة بين الصين والبلاد العربية شديدة التأثر بما يدور على الساحتين الدولية والإقليمية بسبب طبيعة الضغوط التي قد يتعرض لها الجانبان إلا أن الطرفين يسعيان جادين إلى أن تبقى العلاقات قائمة على تحقيق المصالح دون التدخل في شؤون الآخرين.
النتائج:
1. هناك قناعة لدى صانع القرار السياسي الصيني في السعي لقيام دور فاعل ومؤثر في المنطقة العربية، يتطلب اتخاذ مواقفسياسية واضحة تحدد من خلالها مصالحها الاستراتيجية. بالمقابل فإن الدول العربية ترى أن التجارب التي خاضتها الصين في بعض من الدول مثل انغولا، والموزنبيق، وإيران مع أنموذج التنمية الصيني، فضلا عن أهداف الصين الأوسع في مبادرة الحزام، تشير إلى أن الدول العربية تسعى بالتأكيد للاستفادة من الاستثمار الصيني.
2.ترى الصين بأن هناك مجموعة من التحديات يمكن أن تواجههافي المنطقة، ولكن الرؤية الصينية القائمة على مبادئ التعايش السلمي تشكل لها عاملا أساسيا للقيام بدور فاعل ومؤثر في المنطقة.
3. تسعى الصين إلى صياغة رؤية ودور يتكيف مع المتغيرات التي تشهدها المنطقة، تلك الرؤية التي ينبغي أن تتناسب مع قدرة وإمكانات الصين كدولة عظمى.
4. ترى بكين أن المتغيرات في الشرؽ الأوسط تمثل لها تحديا وفرصا لسياستها الخارجية، فالصين يمكن لها أن تستفيد من هذه المتغيرات لتحقيق المزيد من الفوائد الاقتصادية والمزايا الاستراتيجية، في الوقت نفسه يمكن أن توفر لها أسواق عربية استهلاكية جديدة لصادراتها ولاستثماراتها المربحة، وكذلك لزيادةقدراتها العسكرية ونفوذها الاستراتيجي في المنطقة.
5. وفقا للفقرة (4) ترى الدولة العربية أن الصين لديها أيدي عاملة منخفضة التكاليف ويمكن الاستفادة منها لإنشاء البنية التحتية في القطاعات المختلفة وبالأخص النقل، بناء الطرق والجسور، إنشاء العمارات والمستشفيات والمدارس وغيرها، فالمنطقة العربية ليستفقط بحاجة الى تلك الخدمات بل ايضا تعاني من عدم توفرها.
6. تسعى الصين للحفاظ على علاقتها مع مختلف الأطراف ضمنالمحاور الإقليمية، ذات المصالح المتعارضة. إذ العلاقات الوثيقة بين الصين وكل من إيران وتركيا وإسرائيل تؤثر على آفاق تطور العلاقات العربية الصينية في ظل تباين المصالح بين مختلف الأطراف.
7. وأخيرا، أن هناك مؤشرات كثيرة تؤكد على أن العلاقات العربية -الصينية، تتسم بالثبات والتطور منذ تأسيسها، ويمكن أن تنتقل إلى مرحلة جديدة ستكون أكثر عمقا وشمولًا وخاصة في مجال التجارة والاستثمار والتكنولوجيا والتبادل البحثي والأكاديمي.
التوصيات:
1. بناء على هذه النتائج، ينبغي ان تبني الدول العربية، منفردة أو مجتمعة، استراتيجية علاقاتها مع الصين على أساس الشراكة الاقتصادية المتبادلة، تلك الشراكة التي من الممكن ستزداد قوة وثباتا بما يتلاءم مع الاستراتيجية الصينية اتجاه المنطقة حتى سنة 2030.
2. وبعيدا عن التجارة هناك عدة مجالات أخرى من خلالها تستطيع الدول العربية تقوية علاقتها مع الصين، على سبيل المثال لا الحصر، التعاقد على مشروعات، والتعاون في مجال العمل، وزيادة الاستثمارات، والاستفادة من التطور التكنولوجي الصيني.
3. ينبغي على الدول العربية دعم موقف الصين من قضية ” تايوان“، وتنسيق المواقف مع الصين في القضايا الدولية ذات الاهتمام المشترك.
5. السعي لإيجاد رؤية عربية موحدة اتجاه الصين، تلك الرؤية التي تعمل على تكريس القيم المشتركة للبشرية جمعاء التي تتمثل في السلام والتنمية والإنصاف والعدالة والديمقراطية والحرية، ورفض (الإسلاموفوبيا) ورفض (نظرية صراع الحضارات) والأهم رفضربط الإرهاب بعرق أو دين بعينه.
6. وبناء على ما تقدم، وفي ظل الظروف التاريخية الجديدة، بات من المهم أن يتطور التعاون الصيني العربي باستمرار في ظل التيار العالمي للتطور والتقدم، لاسيما إن الجانبين الصيني والعربي فيالوقت الحالي بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى تعزيز التعاون لتجاوز الصعوبات والتقدم إلى الأمام في وضع دولي مضطرب.
المصادر والمراجع:
أولا: الكتب
1. إبراهيم، محمود زكريا، و، ياس، ابتسام محمد عبد، العرب والصين، مستقبل العلاقة مع قوة صاعدة، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، قطر، 2019
2. البدور، بكر، والحمد، جواد، وآخرون، اتجاهات تطور العلاقات العربية -الصينية، مركز دراسات الشرق الأوسط، الأردن، 2019
3. الحباشنة، عنود عبد الرحمن، السياسة الخارجية الصينية تجاه المنطقة العربية: رؤيا مستقبلية، دار الخليج، الأردن، 2020
4. السيد، مصطفى كامل، ولونغ، دينغ، وآخرون، العلاقات العربية الصينية، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2017
5. الصقور، محمد، وأبو عودة، عدنان، وآخرون، آفاق العلاقات العربية الصينية في القرن الحادي والعشرين، منتدى الفكر العربي، عمان، 2003
6. العبد الرحمن، حكمات، الصين والشرق الأوسط: دراسة تاريخية في تطور موقف الصين تجاه قضايا المنطقة العربية بعد الحرب الباردة، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، بيروت، 2020
7. العسكري، جلال، العلاقات العربية الصينية، منتدى الفكر العربي، عمان، 2003
8. العلي، صالح أحمد، محاضرات في تاريخ العرب قبل الإسلام، دار المعارف، بغداد، 1955
9. العناني، جواد، علاقات الصين الاقتصادية مع العالم العربي: العرب والصين من التأييد عن بعد إلى التأييد عن قرب: حوار عربي صيني حول الماضي والمستقبل، منتدى الفكر العربي، عمان، 1987
10. المشهداني، سعود أحمد، والمحمدي، فيصل كوكز، مبادرة الحزام والطريق مشروع للتنمية الشاملة تقدمه الصين للعالم: دراسة قانونية جيوسياسية، مركز الرافدين للحوار، العراق، 2023
11. أمين، سمير، العرب والصين من التأييد عن بعد إلى التعاون عن قرب، منتدى الفكر العربي، عمان، 2020
12. خميس، كرم، الصين والصراع العربي – الإسرائيلي: الجذور والأبعاد والتداعيات، مركز زايد العالمي للتنسيق والمتابعة، الإمارات العربية المتحدة، 2010
13. دانيال، مارك هاينز، عالم محفوف بالمخاطر: استراتيجيات الجيل القادم في عصر العولمة، تعريب، شاكر، أدهم عظيمة، مكتبة العبيكان، القاهرة، 2002
14. سكوبيل، أندرو، الصين في الشرق الأوسط: التنين الحذر، مؤسسة راند، كاليفورنيا، 2016
15. سليم، محمد السيد، نجو منظور جديد للعلاقات العربية الصينية: سلسلة الحوارات العربية، الأردن، 2003
16. شانغ، جينفر، العرب والصين: مستقبل العلاقة مع قوة صاعدة، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، قطر، 2019
17. عبد الحي، وليد سليم، المكانة المستقبلية للصين في النظام الدولي 1978-2010، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، أبو ظبي، 2014
18. عبيد، هناء، العلاقات الأمريكية الصينية، مجلة السياسة الدولية، العدد 121، 2020
19. مبادرة الحزام والطريق: التعاون بين الصين والشرق الأوسط في زمن الاضطراب السياسي، بحث، مركز بروكنجز، الدوحة، 2019
20. مبادرة الحزام والطريق الصينية: فرصة للعراق، بحث، مركز البيان للدراسات والتخطيط، 2020
21. منغانيغ، آفاق العلاقات العربية الصينية في القرن الحادي والعشرين، الأردن، 2003
22. ميتكيس، هدى، الصين والشرق الأوسط، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، مركز الدراسات الآسيوية، مصر، 2021
23. يوسف، حسن، والسيد علي، أسامة، وآخرون، العلاقات العربية الصينية: التاريخ والحضارة، جامعة قناة السويس، مصر، 2012
المجلات والدوريات:
1. أبو عبد الله، محمد بن عبد الله أبن بطوطة، تحفة النظار فى غرائب الأمصار وعجائب الأسفار، تحقيق، التازي، عبد الهادي، أكاديمية المملكة المغربية، مجلة الرباط، المجلد 4، 2021
2. الحداد، يوسف جمعة، رؤية الصين الاستراتيجية لعلاقاتها مع دول مجلس التعاون الخليجي، المجلة العسكرية الاستراتيجية، الإمارات، العدد 612، 2023
3. الدسوقي، أبو بكر، الصين والقضية الفلسطينية: الدور والفرص والقيود، مجلة السياسة الدولية، مركز الدراسات والسياسة الخارجية والاستراتيجية الأهرام، العدد 134، 1998
4. العقيلي، مازن أحمد، محددات السياسة الخارجية الصينية تجاه الشرق الأوسط، مجلة المنظومة، العدد 36، جامعة عين شمس، القاهرة، 2008
5. جمال، هبة، مفهوم المصير المشترك والعلاقات العربية الصينية بين مبادرة الحزام والطريق وجائحة كورونا، مجلة كلية السياسة والاقتصاد، العدد 13، 2022
6. جي، لي وي، تحليل ودراسة العلاقات بين الصين ودول الشرق الأوسط، مجلة السياسة الدولية، العدد 145، 2001
7. سليمان، عدلي أنيس، مبادرة الحزام والطريق وأثرها على السياحة الصينية: دراسة جغرافية، المجلة الجغرافية العربية، الجمعية الجغرافية المصرية، العدد 165، 2021
8. مجلة الصين اليوم، مجلة شهرية تصدرها جمعية الرعاية الاجتماعية الصينية، دار مجلة الصين اليوم، عدد يوليو (تموز) 2009
9. مضخور، باهر مردان، استراتيجية الحزام والطريق الصينية للقرن الحادي والعشرين، مجلة دراسات دولية، العدد 67، 2019
10.معتز، محمد سلامة، الصين والولايات المتحدة جوهر الخلاف السياسة الدولية، مجلة السياسة الدولية، العدد 126، 2001
مواقع الأنترنيت: