9 أبريل، 2024 5:32 م
Search
Close this search box.

مستقبل العراق بعيدآ عن اردوغان وسياسة العثمنة !

Facebook
Twitter
LinkedIn

لكي تنحصر ثيمة المقالة في موضوع اسباب قصف القوات التركية للاراضي العراقية بتاريخ 20تموز22 وتحديدا في دهوك من دون اي تفاصيل دقيقة للأفكار المصاحبة التي تتطلب ان نسوق لها امثلة تؤيد مانقول , لأن ذلك يقود الى الزوغان عن جنس كتابة المقالات لتصبح دراسة لانرمي اليها .
لذا من الأجدر ان نقول اولآ , أن من سوء حظ العراق ان تنعكس مسالة السيادة والإستقلال والهيبة والامن الغذائي والاقليمي والمجتمعي , التي تسعى حكوماته المتعاقبة لتشكل البوصلات التي تضبط بها سياساتها مع العالم لتحقيق طموحاتها في مجالات كثيرة اهمها الجانب العسكري , بنظرة سلبية وعدم الإحترام وخاصة لبوصلة السيادة من قبل الدول المجاورة لها وخاصة تركيا .
ففي جانب السيادة يعتبر العراق احد اكثر الدول فقدانآ لها لأسباب عديدة اهمها ; فقدان المصداقية التي عكست ذلك في التعامل بين الكيانات السياسية المختلفة التي تشكلت بها العملية السياسية التي خضعت منذ 2003 لتأثير تلك الدول التي استغلتها لأغراضها ومصالحها السياسية , وخير مثال واضح على ذلك هو التسهيل الذي قام به اردوغان عام 2014 للقوى الارهابية أن تتدفق الى العراق واحتلال مساحات كبيرة منه , من دون النظر بعين الأعتبار الى العلاقات بين الشعبين المسلمين والمواثيق الدولية التي تربطهما وعلاقات حسن الجوار .
من هذا التدفق الأرهابي الذي صنعته الرؤية الأمريكية لتدمير العراق كما هو معروف وتم التخطيط له بعد سقوط النظام البائد , ونفذته يد اردوغان المتعاونة معها , بدأ اردوغان بصناعة السياسات المضللة لتحقيق اهدافه الشخصية , إذ انه لايستطيع ان يحقق شيئآ من دون امريكا التي طوت بلاده تحت جناح الناتو وجعلته كيف يستجيب لخدمتها وكيف يختلق ويلفق الزيف للحقائق ويرتكب المجازر بحق الشعوب بعدما سبقته الى تلك الافعال لعقود طويلة , وغضّت الطرف عن لهوه وعبثه مع الدول الضعيفة مكافأة له على خدماته .
من جملة هذه السياسات المضللة , إتهام المعارض محمد فتح الله غولن وهو استاذه على انه العقل المدبر لمحاولة الانقلاب التي حدثت في 15 تموز 1916 , التي استغلها اردوغان للقضاء على كافة خصومه ومؤيدي غولن , وهو بهذا قدم نموذجآ للصراعات السياسية بين المكونات من اجل تحقيق المصالح الشخصية .
ثانيآ , السمعة التي يتمتع بها العراق والتي وضعت صورتها في جهاز العرض ( البروجكتر) امام العالم وخاصة جانب تطبيق مبدأ المحاصصة عند تشكيل أي حكومة , إذ بهذا الجانب الذي يعتبره العراقيون الرحم الذي يتدفق منه الفساد بشتى انواعه ,
يكمن تحقيق المصالح والطموحات الشخصية لقادة المكونات السياسية , وهذا بحد ذاته وسيلة لتعبئة المكون السياسي كل على انفراد واعداده للمواجهات على مختلف اشكالها , إذ انها تضطلع بمهمة التمويل من المال العام بطرق غير شرعية للمكون , ينجم عنه على المدى القصير والبعيد صراعات داخلية حول طرق جني الأموال بين تلك المكونات لاتختلف عما هو في العالم بشكل عام وفي تركيا بشكل خاص .
كل هذه البانوراما جعلت اردوغان يستغل الصورة السلبية التي تعكسها المحاصصة بشكل بارع وذكاء شيطاني لتحقيق مخططاته العدوانية .
إذ نزعة التضليل التي لازمت اردوغان , شكلت لديه المنهج السياسي الذي من دونه لايستطيع ان يختزل عامل الوقت للوصول الى اهدافه بسرعة , وهذا بالطبع جربه مع دولة الكيان في اثناء ارسال سفينة ” المرمرة الزرقاء ” من اجل فك الحصار عن غزة وهو بهذا اراد كسب حركة حماس الإسلامية وأحزاب الإسلام السياسي , كونها حركة اخوانية يرتبط بها فكريآ كما هو معروف .
بعد احداث هجوم القوات البحرية التابعة للكيان الصهيوني في 31 مايس 2010 على السفينة واعتذار نتنياهو عن الهجوم , صرّح اردوغان بمسحة غطرسة : ” الهجوم الذي وقع في المياه الدولية لا يتفق مع اي قانون دولي , وقد كان سببا كافيآ لإندلاع حرب , ولكن تمشيا مع عظمة تركيا قررنا التصرف بصبر ” , إذ وصف تركيا بعبارة ” عظمة ” .
وتجدر الإشارة هنا , الى ان اردوغان يعتبر الهجوم على السفينة ” مرمرة ” لايتفق مع أي قانون دولي , ولكن هل ياترى يتفق تدفق الأرهابيين من تركيا الى العراق والقصف المدفعي على دهوك برعايته اعمالآ تمت وفق القوانين الدولية ؟
حين اعاد اردوغان علاقاته مع الكيان بعد فترة سنوات من هجومها على السفينة مرمرة , رُفع الغطاء عن حقيقة تعاطفه مع حركة حماس , إذ أنه كان يجرّب تكتيكآ سياسيآ مرحليآ مع دولة الكيان ليخرج منها اردوغان جديد بين دول حوض البحر المتوسط يساعده في بسط نفسه كقائد يحسب له حساب في شراكته مع اليونان بجزء كبير منه ,
وما دعمه لسفينة المرمرة الزرقاء إلا ليوجه الكاميرا الدولية نحوه ليقدم لها صورة يبدو فيها مناصرآ للإنسانية وللأعراف الدولية فحسب ليتقرّب في قبوله للإتحاد الأوربي العنصري , ولم تمض سنوات حتى ذهب بسفينة البحث التركية وبشكل فوضوي براغماتي لينقب عن الغاز بالقرب من المياه الأقليمية اليونانية من دون اتفاق او ضوابط بروتوكولية بينه وبين اليونان مما اثارت ازمه بين اليونان وفرنسا من جهة وبين تركيا من جهة اخرى .
ان روح التمرد والتوسع سواء في تدفق الارهابيين من تركيا الى العراق أو في القصف المدفعي الوحشي الذي طال الابرياء من السائحين العراقيين , الذي يعتبره اردوغان حقآ له يأخذه بلا إذن من أحد , ويتفق مع الأعراف والقوانين الدولية كما يظن , لأنها تقع ضمن حق الدفاع عن الأمن القومي التركي .
هذه المغالطة وخلط الأوراق والتضليل الذي تميزت به سياسة اردوغان , وآخرها اتهام إيران الإسلامية بواقعة القصف المدفعي على دهوك بالتضليل والتلفيق , كانت جميعها السابقة منها واللاحقة بمثابة المقدمات الأولية لنشاطه التدميري في العراق وسوريا وليبيا والصومال والسودان وتحريضه ودعمه لأثيوبيا في مسألة سد النهضة نكاية بمصر بسبب موقفها المعارض لسياساته في ليبيا , ولاتعبر إلا عن عقلية بغيضة ونفس مريضة تتصف بالجبن كما وصفها المراقبون , ليس من السهل كبحها وهي بين يدي امريكا والناتو والكيان الصهيوني .
ومن المؤسف في ناحية اخرى , ان ترى تركيا دولة جارة , تغنم من مال العراق حرامه وحلاله , وتتوافد اليها فئات مختلفة من افراد شعبه ليستوطنوا في اراضيها على يقين انهم مسلمون آمنين وفي ديار مسلمة , وهذه الدولة تسيء لهم , بل ان شعبها يكره العرب بشكل عام وخاصة الملك فيصل الأول الذي طردهم من الحجاز والشام , بحجة انهم غدروا بالدولة العثمانية بوقوفهم مع بريطانيا اثناء الثورة العربية الكبرى التي بدأت منذ عام 1916 ولغاية 1918 بقيادة الشريف حسين بن علي , وتنازلت بها عن املاكها التي ورثتها من الدولة العباسية الى التحالف الغربي المنتصر بالحرب العالمية الأولى .
بينما الحقيقة هي غير ذلك , إذ ان الشريف حسين رحمه الله ارادها ثورة على حكومة حزب الأتحاد والترقي الذي كان تحت قيادة ثلاث باشوات وهم طلعت باشا وانور باشا وجمال باشا في فترة الحرب العالمية الاولى التي وقفوا بها مع المانيا النازية , وكانت حكومة مستبدة اقترفت العديد من الجرائم بحق الأرمن بشكل خاص وبحق شعوب اخرى وأقليات طردوها من شبه جزيرة الأناضول من اجل تطبيق سياسة التتريك ( العثمنة ) ,
حتى ان اثنان من هؤلاء الباشوات هربوا بعد هزيمة تركيا العثمانية في الحرب وتم اغتيالهم في اوربا لما اقترفوه من جرائم , وتمت محاكمة اعضاء آخرين من حزب الأتحاد والترقي بمحاكم عسكرية وتم القائهم بالسجون , أما الباقين من أعضاء الحزب فقد انضموا تحت جناح الحركة التركية بقيادة العسكري الملحد كمال اتاتورك .
وليعلم القاري ان الغدر والتوسع على اراضي الغير هي من شيم المغول والتتر , والأخيرة ينحدر منهما اصل مؤسس الدولة العثمانية أرطغرل غازي الذي تحالف مع السلاجقة الاتراك في حربهم مع المغول حتى موعد تثبيته لقواعد الحكم لأبنه عثمان بفضل السلاجقة الذين كافؤه على تعاونه معهم في قتالهم للمغول وهذا مايتداوله التأريخ ,
ثم جاءوا بسياسة العثمنة واتبعوها لتوسيع اراضيهم كما يفعل التتر , وهي سياسة تقترب من النازية في تفضيل العرق التتري الذي ينحدر منه الشعب التركي الحالي على بقية الأعراق وهم الى الآن بهذه العقلية الشوفينية العنصرية , وماانفكوا يطالبون بأملاكهم التي يظنونها ملكآ صرفآ لأمبراطوريتهم المريضة وحكمهم الذي امتاز بالغباء السياسي , وهم في حقيقة الأمر كانوا كأقلية البدون في الكويت لا صلة لهم بالسلاجقة إلا بالأرض التي يسكنونها لاجئين.
ولكن الى الآن يعشعش حلم العثمنة في مخيلة سليل التتر اردوغان , لذلك أغتنم الفرصة كونه عضو في حلف الناتو وكون دولته مخزنآ كبيرآ لأسلحته الإستراتيجية , فهو يظن ان لا احد يستطيع ان يجاريه بالقوة العسكرية , على الرغم من انه مكروهآ لدى الغرب مهما يتقرب منهم ومهما يطلب منهم الإنضمام الى الأتحاد الأوربي العنصري , ومهما يقف مع امريكا ويتلاعب بمواقفه مع دولة الكيان الصهيوني , إلا ان الجميع لايرغبون به إلا بعلاقات ترتبط بالمصالح المشتركة بسبب موقع تركيا في دول الشرق الأوسط العربي وخاصة دولة الكيان لطمأنتة أمنيآ فحسب .
ومن المؤسف ان ترى رؤساء دول في العالم تعطي اهمية لدوره السياسي في اذربيجان وافغانستان وقطر واخيرآ اوكرانيا ودول اخرى وهم يعرفونه ماكر وغادر وجبان ومتوحش ومتقلب والعوبة بيد امريكا قلبآ وقالبآ , ورغم ذلك يستضيفونه في دولهم وهو لايستحق اي سمة من سمات الرئيس النزيه والعادل .
ومن يراقب اعماله وتصرفاته في العراق , يدرك كم يكره العراق وشعبة ويتوعد اليوم المزيف الذي سيحصل به على الموصل وكركوك ليضمها الى قائمة محافظاته العثمانية , يؤيده في ذلك رعيل من النواب الفئران , الذين يرونه وهو ينشر الارهابيين ويسرق النفط العراقي شراكة مع الدواعش بالدلائل والشهود , بطلآ قوميآ سيعيد امجاد الأمبراطورية العثمانية بثوبها الأخواني العنصري الجديد ويستعيد الإرث الكريه الذي صفقوا له .
من الوهم او المضحك ان يدخل العراق في حرب مع هذا الكائن الذي لايتصف بالإتجاه الإنساني , لأنه هو نفسه يستدرجه بأفعاله اليها لدواعي نفسه المريضة وفقدانه التوازن العقلي , ولايستبعد أنه يعد للعراق كارثة عظمى يلتهم بها اجزاء ليست بالحسبان , لكونه يعرف حال السياسة الضعيف في العراق ومعدن السياسيين الذين اصبح بعضهم بفضل الفساد طبقة أوليغاركية لا يستبعد ان لها مصالح معه ,
ويعرف أيضآ ان العراق موثق اليدين بمصادر المياه التي تأتيه من تركيا التي سيدخلها ضمن ادوات الحرب القذرة التي يفكر بها , إضافة الى منافذ تصدير النفط التي يسيطر عليها وهيمنته على بعض قادة الاحزاب الكوردية في شمال العراق .
وعلى الرغم من ان مشكلة القصف المدفعي ينبغي ان يحقق فيها من كافة النواحي لتثبيت مسؤوليتها على الجانب التركي قبل كل شيء , ومن ثم التشديد على اتخاذ اجراءات قانونية وموقف صارم لمواجهة مثل هذه الحوادث مستقبلآ , واهم ذلك قطع العلاقات الإقتصادية بشتى انواعها من الآن والتحكم بالإقتصاد العراقي بمايخدم مستقبل العراق فحسب , بعيدآ عن الضوضاء التي صاحبت مشروع ميناء الفاو وطريق الحرير .. الخ , والتهيئة الى انشاء محطات تحلية من مياه البحر والإعتماد عليها كبديل عن قطع المياه بشكل كامل , وهذا مايعمل عليه اردوغان حاليآ ولاحقآ .
هذه الإجراءات تمثل صرخة بوجه اردوغان وحماقاته اليومية بدلآ من ان نخلع حوافره بالحرب ويتلوث بها الشمال , وتعبير عن موقف حكومي واضح يخاطب الشعب العراقي ومكوناته السياسية قبل اردوغان ويحرّضهم على التضامن والوحدة وعدم الرضوخ للمساومات والإبتزاز السياسي , لعدم تيسر عمل آخر يمكن القيام به إزاء عربدة وفوضى السياسة الأردوغانية التي لاتمت بصلة للأخلاق أو القوانين الدولية , إذ لامستقبل للعراق وهو يعيش في مناخ اردوغان وسياسة العثمنة التي يتبعها بدون تلك الصرخة , والرحمة لشهداء دهوك المغدورين .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب