23 ديسمبر، 2024 5:36 ص

مستقبل العراق بعد الانتخابات

مستقبل العراق بعد الانتخابات

أخيرا قررت المحكمة الاتحادية عدم جواز تأجيل الانتخابات حسب المادة 56،الرغم من انها لاتملك صلاحية اصدار قرارات تلزم البرلمان، وإنما هي جهة تفسيرية للقرارات ملزمة للاطراف المختلفة ، ومع هذا إستجابت الجهات الرافضة لتاجيل الانتخابات، وأعلنت موافقتها وإلتزامها بقرار المحكمة ،على إجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها المقرر في 12/5/2018،بشرط تنفيذ الوعود التي قطعتها حكومة العبادي فيما يخص إعادة النازحين وتوفير أجواء أمنية تضمن تحقيق الانتخابات في المدن المحررة ،فيما قرر البرلمان بالتصويت على إجراء الانتخابات ألكترونيا منعا للتزوير وسرعة اعلان النتائج،بهكذا أجواء وافقت الاطراف المعارضة على المضي في الذهاب الى الانتخابات، التي مارست الأدارتان الامريكية والايرانية، ضغوطا شديدة على حكومة العبادي، والأحزاب والحلفاء لإجرائها في موعدها ، لخدمة إستراتيجيتهما في العراق ،في مرحلة ما بعد داعش ،وكان الصراع بينهما واضحا ومربكا ،ولكن ما طبيعة التحالفات التي نراها الان ،في تسابق محموم نحو تكوين أكبر كتلة في البرلمان بعد اعلان نتائج الفوز ، ولنعد الى الانشقاقات التي شهدها التحالف الوطني، وخاصة كتلتي دولة القانون التي يرأسها نوري المالكين وكتلة حيدر العبادي (النصر )، وإنسحاب قائمة (الفتح المبين ) ،التي ضمت قادة الحشد الشعبي والميليشيات العراقية الموالية لايران ، ومنها ، فيلق بدر والعصائب وحركة حزب الله والنجباء وغيرها من الفصائل المسلحة العسكرية الاخرى،وسبب هذه الانشقاقات كلها، هو أمر واحد لم تعلنه الكتل المنشقة ،هو (الظفر برئاسة الوزراء) ،وانما موهت السبب وكذبت على الناخب ،وقالت ان أمورا (فنية ) هي سبب الانسحاب، وان قوائم وشخصيات فاسدة دخلت الكتلة ، فيما إنسحبت قوائم (سنية ) من قائمة العبادي لاسباب نجهلها الان ، ونأت كتلة التيار الصدري بنفسها عن التحالف مع كتلة العبادي واصفا السيد مقتدى الصدر التحالف (بالبغيض والطائفي)، وانتقد بشدة العبادي لانه سمح لقادة الميليشيات بالترشح وهو كان قد وعد بغير ذلك وحنث اليمين الذي قطعه على نفسه أمام الشعب، أما السيد عمار الحكيم فقد حشر تيار الحكمة في تحالف العبادي(النصر)، نائيا بنفسه عن تحالف المالكي الذي صار منبوذا أمام الجميع ،ولم يلتحق به أي شخصية أو حزب لعدم ضمان فوزه سوى قائمة ليس لها شكل ولا لون هي قائمة المجلس الاسلامي الاعلى ،المنشق منها تيار الحكمة ،والمستحوذ على جمهوره الكبير، وإحتراق ورقته الانتخابية أمريكيا وإيرانيا وحتى عراقيا، وظل وحيدا إلا من تصريحات خجولة، يستنهض بها همم ناخيه ويذكرهم بماضيه الدموي،أما الكتل الاخرى مثل التحالف الكردستاني ،فظل مشتّتا بلا هدف ولا كتلة يتحالف معها، ينتظر ظهور كتلة تضمن له تحقيق برنامجه بعد الانتخابات ، وربما سيتحالف الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني مع نوري المالكي، الذي ظهر في قناة روداو الكردية، يغازل التحالف الكردستاني وينتقد العبادي بشدة على إجراءاته وقراراته ضد الاقليم بعد الاستفتاء، إذا لم يحقق له العبادي مطاليبه التي حملها له نيجرفان برازاني ،في زيارته الاخيرة لبغداد، والتي نرى بأنه خرج من غرفة العبادي خالي الوفاض، متوّجها الى طهران، علّه يحصل على جزء يسير يحفظ به بعضا من حضوره في بغداد ، وكان الأستفتاء سبباً في خسارة التحالف الكردستاني تحالفاته في بغداد، وهو الآن في موقع ضعيف ،أمام جميع الكتل الاخرى ،فيما توحّدت الكتل (السنية) ،بقائمتين رئيسيتين هما (ائتلاف الوطنية لاياد علاوي وكتلة القرار العراقي لأسامة النجيفي) ، وهناك تحالفات اخرى خرجت من قائمة العبادي والتحقت بقائمة علاوي والنجيفي، أو بقيت للتحالف معها بعد الانتخابات، المشهد الانتخابي والتحالفات الآن في اعلى درجات السباق للظفر بكتلة تضمن الفوز المؤكد، وهكذا بقية القوائم التي تدعي خروجها من الطائفية ،وإنها عابرة للطائفية ، وتعلن صفة المدنية في شعاراتها، منها كتلة (موطني) للسيد غسان العطية والقوائم المتحالفة معه والتيارات الاخرى، وهذا لها مساحة وجمهور جديد يختلف عن التحالفات الاخرى التي إنبت على اسس المحاصصة الطائفية مثل دولة القانون والفتح المبين والنصر ،التي دمجت معها بعض القوائم والشخصيات الضعيفة (السنية ) لتقول للشعب إنها قائمة (جامعة لاطياف الشعب العراقي)، وتبعد عنها صفة الطائفية ، وهي بجوهرها طائفية واضحة، لايحجبها غربال الانتخابات، وهناك كتل متشكلة أخرى غير معروفة ،وشخصيات هامشية ،يعول عليها الطرف الخارجي الاقليمي والدولي والعربي ، وما يعنينا هنا ، هو سؤال ملّح يقض مضجع الشعب العراقي، وسط صراعات نفوذ امريكية –ايرانية ، وصراعات إقليمية إيرانية –عربية –تركية ، وكل يعمل لتنفيذ مشروعه ومصالحه في العراق، في مرحلة دقيقة وحرجة ،هي مرحلة ما بعد القضاء على داعش ، والسؤال هو كيف سيكون أزاء كل هذه الصرعات مستقبل العراق، بكل تأكيد ننظر الى الانتخابات، على إنها الفرصة الاخيرة للشعب العراقي، كي يتخلص من النفوذ والهيمنة الايرانية وأحزابها ومريديها وميليشياتها، التي أحرقت العراق وحوّلته ولاية إيرانية تابعة لها وهي فرصة لاتتكرر لاحقا، وسط فوضى الحروب في الشرق الاوسط، ويذهب لاختيارمن يعول عليه ، ويخلصه من جميع انواع الاحتلالات والنفوذ مهما كان شكله ولونه ، ويتوحد مع ذاته ليكون شعبا يضرب به المثل ،من الوعي واستشعار الخطر ، وتفويت الفرصة على المتربصين بمستقبل العراق ،رغم الخراب والدمار الذي حلّ به ، جرّاء من يدّعي الحرص على شعب العراق ،ونسيجه ووحدته وحضارته ومستقبله ، إن الانتخابات وكما نقرأها ستفرز واقعا عراقيا جديدا، بمفاجآت سياسية قد لايتوقعها الاخرون، لاسيما إذا توفرت إنتخابات نزيهة وخالية من التزوير ،كالذي حصل في الانتخابات السابقة، حيث سيكون الاقتراع الكترونيا ،وستعلن النتائج بظرف 24 ساعة ، ستقسط العمائم والاحزاب الفاسدة والطائفية حتما لانها إنفضحت وكشفها شعب العراق، وجربها عبر سني الاحتلالات والحكومات الفاسدة والفاشلة ، وهذه هي الفرصة المرتجاة التي يعول عليها الشعب العراقي ، ويخشى منها الاحزاب والشخصيات وعمائم السوء الفاسدة ،البيض منها والسود ،التي فشلت في قيادة شعب عظيم مثل شعب العراق، لأن مستقبل العراق سيقرره العراقيون أنفسهم ، وستندحر كل المشاريع العدوانية الاخرى، وسيسقطها شعب العراق في الانتخابات القادمة حتما ….