18 ديسمبر، 2024 7:47 م

مستقبل البشرية… بين الدين والمادية

مستقبل البشرية… بين الدين والمادية

يبدو ان فكرة “نهاية الارض” تشغل الذهن الاوربي الى حد بعيد، هذا يمكن التوصل اليه من استقراء ومراجعة الانتاج المرئي والادبي. الا ان مسألة مصير البشرية، كانت ولا تزال تشغل عقل الانسان، في اي زمان ومكان، ولكن بمستويات متفاوتة.
يمكن القول، من الناحية المادية، ان الفكر المادي، افترض ان “الطبيعة” هي التي تدير نفسها. لكونه يستند على المعطيات النظرية او الشواهد التاريخية الطبيعية، فانه يطرح توقعات متناقضة او متفاوتة حول نهاية الكون ومستقبل البشرية. ويمكن القول ان “الماركسية” وحدها التي حاولت ان تتوسع لتجيب على السؤال المحير: ما هو مصير الكون؟. الا ان اجابتها كانت ترقيعية، لماذا. لانها استنسخت فكرتها عن صراع الاضداد “الديالكتيك” او صراع الطبقات، لتجد جوابا لهذا السؤال المحير. اي استندوا على فكرة ان الصراع الطبقي يحفظ للبشرية سيرها التكاملي والتطوري، وبقاء الافضل. فذهبوا الى ان “صراع الاضداد” في موجودات الكون، هو الكفيل ببقاء الكون، وتطوره. هذا حسب فهم الفكر الديني لذلك.
وبالرغم من اتفاق الفكر الديني على وجود الغيب، وحكمة القوى الخفية التي تدير الكون، الا ان فكرة “الانتقام الالهي” من الارض والبشر موجودة في اذهان الكثيرين من المتدينين. ولا اعتقد ان الفكر الديني –اجمالا- مستوعبا لمستقبل الكون، وبالتالي يبقى مصير البشر غامضا، كذلك. ويمكن القول ان الفكر الديني عموما، ونتاجه الحالي، لم يكن مستوعبا للمسيرة الكلية، للبشرية او الكون. عدا ما سوف نقدمه لاحقا استنادا على الفكر الصدري.
وقد يتبادر للذهن، ما ورد في الفكر المادي حول (1) حتمية التطور البشري نتيجة للتطور العلمي والتقني. (2) حتمية تطور المجتمع البشري، تبعا للتطور القانوني والتشريعي. (3) فضلا عن ما ذكرناه من حتمية التطور البشري طبقا لفكرة صراع الاضداد. الا ان هذا يتعلق بالمعادلات في مجال العلاقات بين افراد البشر، ثم يتعلق بالمعادلات الحاكمة مجتمعيا، وليس مصير البشرية من جهة وجودها او فناءها، ثم ما هية المخطط لمصيرها النهائي.
زبدة الكلام، ان الانتاج الفكري البشري، حاول ان يجيب على هذا السؤال المحير المتعلق بمستقبل البشرية، لكنه لم يتمكن من الغوص عميقا في بحر المستقبل، بل بقي يطوف حول الساحل. وحسب فهمي ان الفكر الصدري انفرد في بيان الجواب على السؤال المحير. كان الجواب استنادا على الفهم التجديدي للنص الديني،. والذي استند على وجود ما اصطلح عليه بــــ “التخطيط العام لتربية الكون والبشرية” في كتاب “اليوم الموعود” الذي يوثق اساسيات هذا الفكر التجديدي. واطروحته هي حتمية تكامل البشرية، بعد نضالها وكدحها من اجل العدالة، واقامة حكم حضاري عادل وابوي، ينتج تصاعدا في معدل التكامل الانساني والاخلاقي، ومنتجا لتصاعد المحتوى العلمي والثقافي للفرد وصولا الى مستوى معين (النصاب)… ذلك المستوى هو الذي يصنع الطفرة الحضارية القادمة، ويتحول المجتمع الى منزلة (النبوة المجتمعية) بعد انتهاء مرحلة النبوة الفردية. اي يتصاعد النضال والكفاح البشري مستقبلا، وتنهار الانظمة الديكتاتورية والاحتكارية الظالمة والفاسدة، وتظهر انظمة عادلة نزيهة، تعم الارض، تبني حضارة ترتقي بالانسان الى مستوى اعلى من الملائكة. ويكون ذلك التطور على مستوى المجتمع البشري كله، مما يمكنه من الارتقاء الى مرحلة “العصمة” ثم منزلة “الخلافة” التي تمكنه من تولي ادارة الكون، منطلقا فيه لمزيد من التكامل والرقي، حتى يندمج العالم المادي مع العالم الغيبي. هذا باختصار ، والتفصيل في “اليوم الموعود”.