22 ديسمبر، 2024 7:01 م

مستقبل اسعار النفط وتوقعات ارتفاعة بين ٨٠ – ١٠٦ دولار للبرميل الواحد

مستقبل اسعار النفط وتوقعات ارتفاعة بين ٨٠ – ١٠٦ دولار للبرميل الواحد

ارتفعت اسعار النفط يوم امس متجاوزة عتبة الـ ٧٠ دولار للبرميل الواحد بعد مرور اكثر من عام على انخفاض الاسعار وهبوط مؤشرالاسعار النفطية لمستويات تاريخية جراء انتشار جائحة كورونا الصحية وتأثر حركة النشاط التجاري في انحاء العالم ، وخلافا” لاغلبالتوقعات حتى المتفائلة منها حول عودة الاسعار النفطية الى مستوياتها القياسية  ، فقد لقي هذا الارتفاع الوقتي لسعر برميل النفط دهشةواهتمام المحللين والمراقبين  الاقتصاديين والسياسيين وحتى العامة عن مستقبل اسعار النفط ، واعاد الى الواجهة التساؤلات حول تقديراتالسعر النهائي لبرميل النفط خلال سنة ٢٠٢١ او السنة القادمة ٢٠٢٢ على أقل تقدير ، ويأتي هذا الاهتمام المتزايد عادة لدى البلدان والاممالتي تعتمد بشكل كبير على مواردها واقتصادياتها على حجم وكمية مبيعاتها النفطية واسعار تلك المبيعات . 

أسباب ارتفاع النفط عالميا” 

ترتبط أسعار النفط عالميا بمجموعة كبيرة من الاسباب والعوامل منها أسباب اقتصادية مباشرة تتعلق بمقدار حجم الاستهلاك العالمي للنفطالخام والذي كان يقدر بـ ١٠٠ مليون برميل يوميا” ثم انخفض بما يقارب ٧٥ مليون برميل يوميا” خلال سنة ٢٠٢٠ ومطلع سنة ٢٠٢١ بسبباجراءات القيود على النشاط الاجتماعي خلال فترة الجائحة الصحية واجراءات الحظر التي توسعت في بلدان العالم . 

ويبقى عامل الطلب العالمي هو  العامل الرئيسي المباشر  ومن أهم المؤثرات التي تحدد قيمة أسعار النفط الخام اعتمادا” على مبدأ وقاعدةالعرض والطلب التي تحدد قيمة السلع  والمنتجات ومنها سلعة النفط التي ترتبط بكثير من الصناعات التحويلية والكيماوية وصناعة الطاقة . 

وتعد منظمة الدول المصدرة للبترول ( اوبك ) او مجموعة ( اوبك بلاس ) والتي تشير الى دول اوبك والدول التي انضمت الى اجتماعاتها منخارج اعضاءها ، بانها تكتل اقتصادي دولي يحاول تحقيق اهداف ويراعي مصالح تلك الدول اقتصاديا”  من خلال ضبط القدرة الانتاجيةللدول المصدرة ضمن المجموعة والسيطرة على الانتاج التصديري لها ،  للوصول الى سعر توازني معقول للبرميل المنتج عالميا” يتناسب ويلبيطموحات المنتجين ويغطي نفقات الانتاج ويحقق مكاسب مالية . 

جاء انتاج النفط الصخري في امريكا الشمالية مؤخرا” عامل ضغط على دول اوبك واوبك بلاس ، لكون انتاج النفط الصخري ينتشر فيدول لا تضع أي قيود او سيطرة  او محددات على الشركات المنتجة للنفط الصخري او حتى الانتاج التقليدي للنفط كما في الولايات المتحدةوكندا ، ولكون تلك الدول تتبنى سياسات اقتصادية ليبرالية حرة في انظمتها السياسية ولا تجيز لنفسها أطلاقا” التحكم بالاسعار او بالانتاجالنفطي او غير النفطي لبقية قطاعات الصناعات المختلفة ، وتشكل الثروات النفطية ممتلكات خاصة للشركات ولا سلطة امتلاك للدول للحقولالنفطية او للصناعة النفطية بشكل عام ، عكس بقية الدول المنتجة للنفط فغالبا” ما يكون امتلاك الحقول النفطية هي ممتلكات الحكوماتوتحت سيطرتها وخاضعة لقرارات حكوماتها . 

فدخول النفط الصخري الى الاسواق النفطية حديثا” قد زاد حجم الانتاج العالمي بنسبة ١٠ بالمئة دون سيطرة او قيود الحكومات والدولالمنتجة للنفط ، ونافس الدول المصدرة والمنتجة للنفط ، وساهمت وجود هذه التكنولوجيا الحديثة في انتاج النفط في بلدان ليبرالية تتمتع فيهاالشركات بحريات الانتاج والبيع الى وجود عامل ضغط كبير على الاسعار النفطية تدفع بها نحو الانخفاض بفضل الوفرة وزيادة العرضعالميا” ، بإستثناء بقاء نقطة هامة جاءت لصالح المنتجين بالحقول التقليدية للنفط هي ان كلفة انتاج النفط الصخري تعادل تقريبا ثلاث الىاربع اضعاف كلفة انتاج النفط من الخام الاعتيادي بما يقارب ٤٥ دولار للبرميل الواحد ، مما يجعل هذا السعر هو العتبة السعرية التي تبدأمنها الشركات المنتجة للنفط الصخري البدء بالانتاج لتحقيق الارباح ولا يمكن لشركات انتاج النفط الصخري الاستمرار  بالانتاج اذا ماانخفضت الاسعار بمعدلات ٥٠ دولار نزولا” وتعريض نفسها الى الخسارة او الافلاس . 

هل بدأت شركات انتاج النفط الصخري بعملية الانتاج ؟

على الرغم من ارتفاع اسعار النفط العالمية منذ اكثر من شهر  محققة ارتفاعا” كبيرا” وصولا” الى عشرية الستين للبرميل الواحد ، ذلكالسعر الذي من الممكن ان يحقق ارباحا” لشركات انتاج النفط الصخري ، الا ان سياسات شركات النفط الصخري ما زالت تضع لنفسهاستراتيجية تجارية خاصة تتعلق بمدى أستقرارية واستدامة  السعر النفطي الحالي الذي لا يحتمل مزيدا” من الهزات والصدمات ، أضافةالى انه من الممكن ان تصيب الاسواق حالة من الانخفاض بالاسعار لتعود الى مستوى ٤٠ – ٤٥ حالما استشعر السوق عودة انتاج النفطالصخري للاسواق وازدياد العرض التجاري لتعود تلك الشركات الى الاغلاق او اعلان الافلاس ، فتبقى ستراتيجية الشركات النفطية هوانتظار تعافي الاسواق النفطية لتصل الى عتبة الثمانين او التسعين دولار للبرميل الواحد لتعرض انتاجها ليستقر السوق نحو ٦٠ – ٦٥ دولارللبرميل المنتج ، محاولة بذلك اقناع المستثمرين بهذه الستراتيجية وجني الارباح وتوقعات بارتفاع قيمة الاسهم لتلك الشركات . 

سياسات نقدية اخرى مؤثرة على اسعار النفط

تعتبر سياسات التسهيل النقدي واحدة من أهم العوامل المؤثرة على قيمة المنتوجات والسلع ، ومع السياسات النقدية الاخيرة في الولاياتالمتحدة الامريكية وبريطانيا وكندا ودول الاتحاد الاوربي وعمليات التحفيز الاقتصادي الكبيرة وعلى رأسها الولايات المتحدة التي تبنتحزمات تحفيزية تعد الاكبر في التاريخ ، الاولى بقيمة ١.٩ ترليون دولار والاخرى بقيمة ٩٠٠ مليار دولار والاخيرة بقيمة ١.٩ ترليون دولار معبداية تولي بايدن للسلطة ، تقارب بمجملها  الـ ٥ ترليون دولار خلال سنة واحدة ، وتضيف للنقد العالمي ما يعادل ٦ ٪؜  المقدر بـ ( ٨٠ ترليوندولار ) ، قد تساهم تلك السياسات عمليا” في تضخم الاسعار وانخفاض في مؤشر قيمة الدولار الامريكي DXY ، وحسب توقعات ستيبانك CitiBank بان مؤشر الدولار قد ينخفض بنسبة ٢٠٪؜ مقابل العملات الاخرى سنة ٢٠٢١ ، وبلا شك ان  هذا الانخفاض في قيمةالدولار سوف تؤثر ايجابا” بالاسعار النفطية اذا ما تم تحييد العوامل التجارية والاقتصادية والجيوسياسية الاخرى ، فقد ترتفع اسعار النفطبنسبة تقارب ٢٥ بالمية عن معدلاتها التقديرية التخمينية الاخرى المتعلقة بالطلب والتنافسية لتصبح ما تقارب بين ( ٨١ – ١٠٦ ) دولار لكلبرميل خلال الفترة القادمة نهاية ٢٠٢١ ومطلع ٢٠٢٢ ، مكونة بذلك سعر ١٠٦ دولار عند اعلى عتبة سعرية متوقعة و ٨١ دولار عند العتبةالسعرية المتوازنة بعد دخول انتاج النفط الصخري وعودة المنتجين التقليديين الى كمياتهم التصديرية القياسية . 

اخيرا” ، تجنبنا خلال المقال التطرق الى الاسباب  او العوامل الجيوسياسية والامنية المؤثرة على الاسعار النفطية والتي من غير الممكن التنبؤبها ، وعلى راسها الصراع الامريكي – الايراني في الشرق الاوسط والعقوبات الامريكية على انتاج النفط الايراني ، والتوترات الامنية قربموانئ تصدير النفط السعودي ومواقع شركات الانتاج ، اضافة الى المراهنة على الحفاظ على استمرار الاتفاق السياسي – النفطي بينروسيا– السعودية حول كميات الانتاج وانتهاء حرب الانتاج التي أثرت سابقا” على اسعار النفط ، والتفاؤل على انتهاء الازمة الصحية العالميةوانتشار جائحة كورونا وانهاء الدول لسياسات الحظر والاغلاق الاجتماعي وعودة الحياة والسياحة والتجارة الدولية الى معدلاتها الاعتياديةاو تزايدها بمعدلات اعلى تدريجيا” . 

ومن المتوقع ايضا” ، نظرتنا التفاؤلية حول ازدياد النشاط العالمي السياحي والخدمي والانتاجي ونموه بنسبه كبيرة حال السيطرة علىانتشار وباء كوفيد١٩ واعلان السيطرة عليه لاسباب تتعلق برغبة الافراد لمعاودة انشطتهم الاجتماعية والسياحية بقوة بعد فترة اغلاق طويلة ،ورغبة الشركات بتعويض خسائرها عن ما لحق بها خلال نفس تلك الفترة ، مما قد يؤثر ايجابا” على مستويات الطلب العالمي للنفط

سياسي ليبرالي مستقل – بحث في الشأن السياسي والاقتصادي