23 ديسمبر، 2024 9:44 ص

مستشفيات الموت —- وملائكة الرحمة بلا رحمة

مستشفيات الموت —- وملائكة الرحمة بلا رحمة

هل بات النظام الصحي العراقي على شفا حفرة من الانهيار؟وهل بعد باتت المستشفيات العمومية التي كانت قديما تحتضن أفضل أطباء العالم العربي مرتعا للرشاوي والسرقة ؟ وهل باتت ملائكة الرحمة بلا رحمة تستنزف جيوب المرضى والراقدين ؟وهل يئست وزارة الموت من التواصل مع جائحة كورونا المتفشية علما ان جائحة كورونا لم تنتشر بسرعة في الفترة الأولى،لكن ما لبث العراق أن التحق ببقية البلدان المتخلفة ؟ تساؤلات لمحاولات إصلاح “وزارة الموت” التي تبقى مجرد حبر على ورق !!
تعاني المستشفيات العمومية من فساد عارم بعدد الوسطاء وعدد عقود الطلب الضخم الذي يجعل تتبع مصاريف وزارة الصحة أمرا صعبا، وهي “أكثر الوزارات فسادا ,الدولة تختاركل سنة أدوية المستشفيات وتستوردها , الحكومة تلجأ إلى أطراف متعددة لاستيراد الأدوية، من بينهم مهنيون لا يتمتعون بالخبرة اللازمة في مجال تجارة الصحة ولا بالنزاهة المنشودة، كما أنهم لا يكترثون بالمصلحة العامة والوطنية.
وتشير منظمة الصحة الدولية , هناك تجارة غير مشروعة للأدوية في العراق والمسؤولون عن استيرادها لفائدة الوزارة هم عادة أشخاص يتبعون أحزابا سياسية أو مقرّبون من الطبقة الحاكمة. وقد تكون الأدوية المستوردة بأثمان باهظة مزيفة أو ذات جودة سيئة”. الزيادة في أسعار الفواتير وسرقة مخازن الأدوية واستيراد الأدوية المزيفة ينهك البلاد، حيث أصبح أمل الحياة عند الولادة يبلغ بالكاد 70 سنة، مقابل 72 سنة بالنسبة للمعدل العالمي و82 سنة بالنسبة للمعدل الفرنسي.
المستشفيات نفتقر للعديد من الأدوية. حتى أن العائلات قد تضطر لاشتراء الحقن والإبر بنفسها… هذا أمر غير معقول، من المفروض ألا يحتاج السكان إلى هذه المساعدات! وقد يرفض بعض المرضى التداوي تجنبا لما يرونه نوعا من الذل , نقص الأدوية ليس المعضلة الوحيدة، إذ يعاني الأطباء كذلك من قدم الأجهزة والبنى التحتية التي تعود لعقود طويلة , إذ لم يتم بناء أي مستشفى عمومي تقريبا منذ 2003. وهنا أيضا، يعود السبب لتفشي الفساد، عشرات مشاريع البناء أجهضت بسبب الفساد. نقص الموارد يزيد من الضغط على المستشفيات، إذ أصبح الحصول على موعد مع طبيب متخصص أو لإجراء عملية جراحية يحتاج لكثير من الوقت. وطبعا، يزيد هذا الازدحام من الفساد. خلال سنوات -وحتى اليوم رغم احتواء هذه الظاهرة أمام نمو القطاع الخاص-، كان مديرو المستشفيات العمومية يأخذون الرشاوي مقابل موعد عملية جراحية أو غرفة خاصة أكثر نظافة أو اهتمام الممرضات بالمريض !!
وزارة الصحة نفتقر للعلاج ضد السرطان والامراض المستعصية , لكنها وزارة ابرمت عقدا بقيمة مئات آلاف الدولارات مع علامة تجارية تنتج نعالا طبية ذات الاستعمال المؤقت التي يستعملها الطاقم الطبي يوميا. ما فعلوه كان لإخفاء تضخيم سعر الفواتير وسرقة ملايين الدولارات ,, في 2018، لم تستورد وزارة الصحة العراقية سوى أربع علاجات من مجموع 59 توصي بهم منظمة الصحة العالمية بصفتهم ضروريين لمعالجة مرض السرطان , فساد الصحة هي سياسة الحصص التي وضعت منذ 2003 والتي تطال جميع المستويات الإدارية وحتى رؤساء الأقسام”. ولا يتردد بعضهم في استعمال وفائهم للحزب الحاكم كوسيلة للالتحاق بكلية الطب أو حتى للحصول على الشهادة. جميع الأحزاب العراقية ترغب في الحصول على”خدمات الوزارات“لا سيما وزارة الصحة، لإرضاء ناشطيهم، لا ليكونوا في خدمة الشعب. حتى ونحن نعيش جائحة كورونا , لعناية التنفسية المركزة محجوزة لشخصيات مهمة وقد توفي العديد من المرضى البسطاء دون ان يعتني بهم
وربما يتذكرالعراقيون د-علاء عبد الصاحب العلوان وزير الصحة الاسبق الذي استقال سنة 2019 بسبب “فساد لا يمكن التغلب عليه”كلمته الشهيرة , المهمة الأساسية للمستشفى العمومي منذ 17 سنة هي جمع المال من خلال الرشاوي والعقود الضخمة. وقد فاقت قيمة الفساد في وزارة الصحة 10 مليار دولار منذ 2003
ان حريق مستشفى ابن الخطيب في العراق الذي خصصته الحكومة العراقية لاستقبال الحالات الحرجة من المصابين بفيروس كورونا- نتاج لفشل وإخفاق المنظومة السياسية، وذلك يتجلى بساحات المظاهرات وفي المستشفيات , نتائج لجان التحقيق، فإنها ستعكس حتما إخفاق الحكومة العراقية وقابليتها لتوفير الأمن الشامل في المجال الصحي والاقتصادي والاجتماعي، لآن المنظومة السياسية منشغلة في صراعاتها ولا تهتم بما فيه صالح للمواطن. أن أسس الدولة السليمة تم هدمها في العراق، منذ الغزو الأميركي عام 2003، حيث اعتمد المحتل الأميركي -لبناء الدولة الجديدة- على أسس المحاصصة الطائفية أسوة بلبنان، فلذلك أصبح مفهوم الدولة قائما على المحاصصة واقتسام الكعكة بين المتنفذين من الطوائف، ولم يعد العمل من أجل بناء ومصلحة الدولة هو الدافع لدى المسؤولين