العراق في المرتبة الثالثة كأسوء رعاية صحية بالعالم، ذلك ما أعلنه موقع (لومبيو) المتخصص بالمستوى المعيشي لدول العالم، ترتيب العراق جاء بعد فنزويلا التي جاءت أولاً تلاها بنغلاديش بالمرتبة الثانية.
لم يستغرب العراقيون من هذا التصنيف بل ربما يكونوا قد سبقوا هذا الموقع في وضع المؤسسات الصحية في بلدهم بخانة الأسوء عندما كانوا يرون زعاماتهم وقادة أحزابهم ورموز السلطة تستنكف من مراجعة تلك المؤسسات الطبية حين تغادر إلى دول الجوار أو المراكز الطبية في الدول المتقدمة عند شعورهم بأبسط وعكة صحية حتى لو كانت نزلة برد.
الواقع الصحي المنهار ضمن العشرينية التي عاشها العراق تحت سياط الإحتلال بعد أن كانت مستشفياته ملاذاً للكثير من خارج الحدود، ويكفي الحديث أن من أول الكليات الطبية التي تأسست في المنطقة كانت في بغداد عام 1927 والموصل 1959 والبصرة 1971.
لا تخجل الحكومات المتعاقبة بالإعتراف من فداحة الوضع الصحي المتهالك بالعراق، بل من الغريب والمخجل هو أن أي حكومة لاحقة دائماً ما ترمي أسباب الفشل والخطأ على السابقات وكأنها تقف عاجزة عن معالجة أسباب ذلك الإنهيار بالرغم من كل تلك الوفرة المالية والدعم الدولي والإقليمي الذي يتلقاه العراق لإعادة بناء منظومته الصحية المنهارة، إلا إن الحال يخبرنا أن الأمر يسير من فشل إلى فشل.
وليس بجديد إذا قيل أن الفساد وتنافس الأحزاب للظفر بميزانيات وزارة الصحة ومواردها هو العنوان الرئيسي لذلك الفشل.
أبنية متهالكة يطلق عليها مستشفيات أغلبها بجدران متصدعة تُجرى محاولات ترقيعية لها بين الحين والآخر كان أحدثها قد بني في ثمانينات القرن الماضي حيث لم يتغير منها سوى الأسماء والمسميات في عهد الديمقراطية الجديد.
العراق يحتل المرتبة الثالثة كأسوء رعاية صحية هو إعتراف دولي كان قبله إعتراف عراقي للمواطن أن مستشفيات بلده الداخل اليها مفقود والخارج مولود حيث تكون هي الملاذ للمساكين والفقراء الذين تتقطع بهم السبل للعلاج خارج البلد أو عند دول الجوار لإرتفاع تكاليفه.
لم يشهد العراق إنهياراً في واقعه الصحي مثلما يكون اليوم بالرغم من كل تلك الوفرة المالية والدعم الدولي وإنفتاح البلد على الخبرات والتكنولوجيا المتطورة والإطلاع على آخر ما توصلت إليه العلوم الحديثة في عالم الطب، إلا أن واقعه الصحي مازال يراوح في مكانه وكأن هناك نيّة مبيّتة لإستمراره غارقاً في هذا الوحل من التخلف والإنهيار.
حتى في أيام الحصار الجائر الذي فرضته أمريكا على الشعب العراقي لم يشهد البلد ذلك الإنهيار الذي يشهده اليوم لتتأكد مزاعم وجود نيّة لإستمرار التخلف وتلك هي من مُخرجات نظرية الفوضى الخلّاقة التي أرادتها أمريكا وأعوانها من الحكام الذين جاءت بهم للشعب العراقي.