لن اكتب مقدمة لهذا المقال وسأدخل مباشرة في صلب القضية التي شدتني للكتابة عنها برغم اني كثيرا ما رغبت بإهمالها وتناسيها لكن كما يقول المثل الدارج ( البيك ما يخليك ) و بطبيعتي لا اترك أمرا الا بعد ان اشفي غليلي بالكتابة عنه لإراحة ضميري، و عسى ان تصل هذه السطور الى اذهان المعنيين بكلماتها ، واوجاعها التي عسى ان تسمع من به صممُ ، فقد قادني حظي العاثر الى مستشفى اليرموك لاجل إنجاز اجازة مرضية خاصة بموظفي الحكومة و يا ليتني لم ادخل أروقتها و غرفها التعيسة والقذرة ، وسط زحمة المراجعين بمختلف أعمارهم وبطش بعض الأطباء والمعاونين و المضمدين بعد تحولهم الى شياطين عابثة ، وعمال و عاملات النظافة الذين يطلق عليهم بـ ( المقطاطة ) لقطهم المرضى والراقدين، اذ لن يقوموا بواجبهم الا بعد حَلب جيوبهم وجيوب مرافقيهم وأقاربهم وصولاً الى الظهر السابق للمريض ، بلا إنسانية وبلا ضمير و مفتقدين للرحمة والشعور بالمسؤولية .
قادني فضولي الصحفي الى التجوال في باحات وأروقة مستشفى اليرموك المملوء قذارة لأطلع عن كثب عن ما في هذا المكان ومن خفايا عظيمة ، لاصدم بما شاهدته من مأساة حقيقية يعانيها المراجع من الباب الى المِحْراب، و ابسط مقومات النظافة تفتقر لها هذه المؤسسة التي توصف بالصحية في وقت اضحكتني كثيراً ( لافتات ) هيئة النزاهة ومكتب المفتش العام لوزارة الصحة، المعلقة على الجدران الخارجية و الداخلية لهذا المشفى الحكومي التي تشدد على النزاهة و النظافة ،،،
هذا المكان الذي ربما لم تطأه اقدام الوزيرة الميدانية جداً السيدة عديلة ولو كانت هناك متابعة حقيقية و حرص وطني و شعور بالمسؤولية لما وصل الحال بهذا المكان الى المأساوية مع احتفاظي بالصور التي سأسلمها لمن يرغب بها باستثناء هيئة النزاهة ، و الكارثة الاخرى والأكثر ايلاماً ان مستشفى اليرموك متوقف عن استقبال حالات الولادة لعدم وجود ( البنج ) وهذا ما اعترفت به احدى العاملات في جناح الولادة في مستشفى يقع ضمن الإطار الحكومي و هو بلا بنج منذ اكثر من شهر ، ولكم ايها السيدات والسادة ان تقدروا حجم الفساد والاهمال و القتل المشرعن الذي يمارس في هذا المكان الموبوء و القذر .
كل دول العالم تبحث عن ما يضمن صحة وسلامة ابناء شعوبها و توفير بيئة صحية سليمة ، الا المسؤولين في العراق جل همهم كيف يشغلون المواطن المغلوب على أمره بالأزمات والضيم والعوز والحرمان وافتقار ابسط الخدمات برغم الأموال المرصودة والتي رصدت للقطاع الصحي في العراق ، وربما مستشفى اليرموك مثال بسيط جداً عن الواقع الصحي المزري في بلدٍ يزخر بالطاقات والخبرات المهمشة والمحاربة من قبل الجهلة والعصابات والأحزاب المخربة والكتل الكونكريتية السياسية و دعاة الوطنية المزيفة ، فهذا واقع الحال الصحي في العاصمة بغداد وسط صمت المسؤولين و رافعي يافطات العفة و النزاهة زوراً و بهتانا ، وانا الله وانا اليه راجعون [email protected]