22 ديسمبر، 2024 3:15 م

مساوئ السياسة الاقتصادية المتبعة في كوردستان – ( الحلول المقترحة… الجزء الرابع )

مساوئ السياسة الاقتصادية المتبعة في كوردستان – ( الحلول المقترحة… الجزء الرابع )

دكتور عبدالعزيز رشيد
حاتم خاني

جامعة بوليتكنيك – دهوك

     في الاجزاء الثلاثة السابقة تكلمنا عن عمل الشركات الاهلية الخاصة العاملة في كوردستان وخاصة تلك التي تتعلق    

    اعمالها بحياة المواطنين بصورة مباشرة , ثم المشاكل التي تسببهاهذه الشركات للمواطنين وعدم قدرتها على تقديم

    الخدمات المطلوبة منها وعدم انصياعها الى الالتزام بالقياسات والمعايير العالمية . حتى اقتنعنا بأن مساوئ هذه

    الشركات تطغى على فوائدها بالنسبة للمواطنين . وتوصلنا ان عدم وجودها افضل للمواطن من عملها .

   اذن هل علينا ان نتقبل هذه المساوئ من قبل هذه الشركات بذريعة الحصول على اقتصاد متطور في المستقبل ؟

ان دعوتنا بعدم وجود الشركات الاهلية بلا شك ستسبب اعادة عجلة التقدم الى الوراء وستعيد المجتمع الى نقطة الصفر التي نعتقد اننا تجاوزناها بمراحل , تلك المراحل التي اقتربت بنا الاقتصاديات العالمية .

كما ان خصخصة هذه الشركات مرة اخرى قد لا يكون حلا مناسبا بعد كل هذا المخاض الذي مررنا به , فلابد ان نمزج بين الحلول بعضها مع بعض لكي نتحصل على نتائج اكثر قربا من واقعنا المؤلم , واقرب الى الاهداف التي نسعى اليها وذلك من خلال :

اولا : ان تقييم نجاح كل حكومة في الدول المتقدمة قد يكون في احدى جوانبها الرئيسية , من خلال مدى ايجاد فرص عمل للمواطنين , وطالما لا زالت الفئات العظمى من شعبنا تؤمن ان التوظيف هو الحل المناسب فان اعادة تفعيل المؤسسات الحكومية قد يخدم كل فئات المجتمع ولن يقتصر الامر على بعض الاشخاص فقط كما هو الحال الان , حيث ان الاهتمام بهذه المؤسسات سيساهم بتقديم خدمات افضل بكثير مما هو الان , وسيساهم في تعيين الكثير من الخريجين , وسيصبح جزءا كبيرا من حلول القضاء على البطالة . وستوقف نسبة من هجرة الشباب الى الخارج .
ولكي نكون على دراية باهمية التعيين في الوقت الراهن , نلاحظ ان هذا التعيين اصبح مقتصرا على منتسبي الاحزاب الحاكمة وعلى المحسوبين من مؤيدي هذه الاحزاب وكبار وجهاء المجتمع , ومن لديه واسطة كبيرة , مما يدل كل ذلك ان سعي الحكومة للتملص من كل الخدمات التي كانت تقدمها سابقا للمواطنين افرزت نتائج عكسية داخل المجتمع حيث تنامت الكراهية لدى افراد الشعب من سياسة التعيين هذه , وفي نفس الوقت فشلت سياسة تشجيع المواطنين على اللجوء الى الشركات الخاصة , واصبحت مسألة التعيين ليست مسألة خاصة لجني الراتب فقط , بل اصبح المتعين يحسب على طبقات المجتمع المرفهة الراقية , واصبحت طبقات المتعينين تختلف عن الفئات الاخرى ( الاقل شأنا كما اصبح متعارفا عليها ) وهم غير المتعينين . واصبحنا نشبه الدولة العثمانية في اواخر سنينها عندما كنا نطلق عليها ( الرجل المريض ) حيث لم يكن يتعين فيها الا ابناء المسؤولين , وهو ما نسير باتجاهه حاليا .  


ثانيا : يمكن ايضا  تحويل المؤسسات الحكومية الى شركات حكومية مساهمة ذات تمويل ذاتي وتكون تحت رعاية الوزارات المعنية وتدار باسلوب الشركات الخاصة , ولنا في ذلك تجربة ناجحة جدا قامت بها الحكومة العراقية السابقة واثبتت فعاليتها في تقديم الخدمات الى المواطنين بصورة افضل بكثير من الشركات الاهلية الخاصة وكذلك افضل من مثيلاتها الحكومية الصرفة  مثل شركات , اشور , الفاو , حمورابي ….. والتي اصبحت تعمل كأنها شركات اهلية وتقدم عطائاتها وكأنها ضمن القطاع الخاص لها تمويلها الذاتي وميزانيتها الخاصة , تمولها من واردات الاعمال التي تقوم بها , ولكنها تعمل تحت رقابة الدولة وتسلم الدولة جزءا من فوائدها فقط . كما ان هذا الامر سيعيد الروح الى الوزارات التي اصبحت مرتعا للعاطلين عن العمل او الذين يقومون بواجبات روبوتية يمكن الاستغناء عنهم بسهولة وتحويل اعمالهم الى الكومبيوتر الذي سيؤدي عملهم  بصورة افضل منهم ايضا

ثالثا : او اللجوء الى  اصدار قوانين صارمة للشركات الاهلية الخاصة دون ترك المجال لوجود ثغرات قانونية  وان كنا نعتقد بانه لازال الوقت مبكرا للالتزام بالقوانين والتعليمات , لان معظم المؤسسات الحكومية لم تتمكن من الالتزام بما يخصها من قوانين العمل وتعاليمها وخاصة ان الحكومة نفسها تنصح المدراء بعدم الضغط على الموظفين للالتزام ذلك لعدم التزام الحكومة نفسها بتوزيع رواتب الموظفين .  
رابعا –  تشكيل هيئة حكومية خاصة تتألف من خبراء اقتصاديين تكون مهمتها الاشراف على تطبيق هذه الشركات للقوانين الخاصة المتعلقة بها تكون مرتبطة باعلى مسؤول حكومي , تقوم بمراجعة اعمال الشركات ومدى التزامها للمعايير التي يتم سنها ولها احقية فرض العقوبات وسحب ايدي هذه الشركات والغاء اجازاتها

خامسا – اعادة احتساب نسبة الفوائد بين الحكومة وبين هذه الشركات واخضاعها لما هو معمول به في بقية اجزاء العراق او على الاقل لما موجود في البلدان الاخرى .

لقد بنيت معظم الشركات على اسس غير مطابقة لاقل الشروط العالمية  ومنحت تراخيص العمل باساليب اقل ما يقال عنها ( باسلوب الجهالة ) وتقوم بممارسة اعمالها بطريقة لاتمت باي صلة لعمل الشركات الاقليمية القريبة ولازالت هذه التراخيص تمنح بنفس الاسلوب حتى هذه اللحظة . وكل ذلك لاعتقاد الاحزاب الكوردية بان الكميات على حساب النوعيات ستفرز في المستقبل القريب نوعيات تطغى على حساب الكميات , لكن الوقائع اثبتت انه بعد مرور اكثر من ثلاثين عاما ان ما بني على الاسس المزيفة لم تفرز سوى التزييف والتزوير في كل مناحي الحياة ومن ضمنها اهم عوامل بناء المجتمعات وهي الشهادات المزيفة او المزورة التي يتم منحها او يتم الحصول عليها بطريقة او اخرى داخل مجتمعنا او من قبل الدول الاقليمية .