23 نوفمبر، 2024 5:08 ص
Search
Close this search box.

مساهمة القضاء العراقي في صناعة الكراهية وانتشارها

مساهمة القضاء العراقي في صناعة الكراهية وانتشارها

أرسى الإسلام قاعدة الكرامة الإنسانية العامة المكفولة لكل إنسان، ” ولقد كرمنا بني آدم ،وحملناهم في البر والبحر، ورزقناهم من الطيبات، وفضلناهم على كثير من خلقنا تفضيلا”، كما أقر الإسلام تعددية المناهج والنظم لكل أمة، حيث يقول تعالى” لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً، ولوشاء الله لجعلكم أمة واحدة”
كما أن الإمام علي ، كفل حقوق الخوارج الذين خرجوا عليه حيث يقول: “لكم علينا ثلاث، لا نمنعكم مساجد الله تذكروا فيها أسم الله، ولا نبدأكم بقتال، ولا نمنعكم الفيء”. وهذا يؤكد على ضمانة حقوق المعارضة السلمية.
ويقول الأمام الشافعي رضي الله عنه “رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأيك خطأ يحتمل الصواب”.
وفي بلادنا(مع الأسف)، فإن الأجهزة الأمنية تمارس الكثير من العنف غير المشروع سواءً تمثل في شكله الرمزي أو المادي، وليست ملومة في ذلك نظراً لغياب وتقاعس المؤسسات الدستورية القادرة على مراقبة وضبط ذلك العنف وفق القانون.
والعنف المادي الذي تمارسه الحكومة واجهزتها الامنية وجيشها ضد المواطنين، فأعتقد أنه لو توفرت الحرية للمواطنين، للتعبير عما لحق بهم من أذى، أمام لجنة او هيئة وطنية لحقوق الإنسان، تتمتع باستقلاليتها عن الأجهزة الحكومية في العراق، لا هيئة لم تجد لها مكان تمارس به اعمالها منذ اكثر من سنة من تشكيلها، لحصلت على وثائق كثيرة موثقة تثبت هذا الأمر .
ونحن نرى حولنا عالما, نحن جزء منه, يسعى دون توقف للوصول إلى كل ما هو ضروري لتطوير القضاء فيه, وإقامة العدالة بنزاهة وشفافية. فالإنسان إنسان أينما كان, يؤلمه الظلم وتسعده العدالة، سعى منذ بدء البشرية ويسعى لدفع هذا الظلم والتطلع لعدالة حلم ويحلم بها.
وفي العراق، يطل علينا يوميا عشرات من السياسيون والبرلمانيون سواء على (المنبر الاعلامي للنواب) او في الفضائيات وبخطاب (انفعالي ومتشنج واحيانا بنوبات هستريه والتلويح بالسبابات ووجوه متعصبة) ويصاحبها (صراخ)او تكليف نساء لديهن القدرة بالتحريض(العويل والتهريج)، والبعض منهم متخصصون في غرس كل أشكال الكراهية والبغضاء بين الناس، إن رفع إيقاع التحريض على الكراهية من خلال الخطاب اليومي للسياسيين الجدد، التي أزكت مناخا للاحتقان الطائفي، كسياسة متعمدة لجعل الشعب العراقي مشغولا عن فساد قضائه وتسلط حكامه، والهائه بالصراعات الطائفية بين مكوناته، واساسها بان يقوم الخطاب التحريضي على الكراهية وعلى مبادى الإبعاد والإقصاء، وتجييش ترسانة من الكذب، والدعاوى الكيدية الحمقاء والمأفونة المشبعة بالحقد الأسود والتي ساهم القضاء العراقي الجزائي بالترويج لها بقصد متعمد، فالذين يحرضون ويدعون الناس على العنف والكراهية؛ لا يمارسون هذه الجرائم سراً، ولم تعد المسألة مجرد شبهة تقتضي قانون لتتبع ممارساتهم والبحث عن أدلة جرائمهم، حيث هؤلاء يقترفون جرائم التحريض على العنف والكراهية جهاراً نهاراً وعبر وسائل الاعلام، مما افقد الالتزام الصارم بإعمال قواعد المواطنة والمساواة وتكافؤ الفرص بين العراقيين على اختلاف أديانهم ومعتقداتهم ومذاهبهم وافقد حياد الدولة وأجهزتها وقضائها تجاه المواطنين من معتنقي الأديان والعقائد المختلفة وغيرهم.
ان جريمة الكراهية تعني (التحيز الذي ينفذ بطريقة مباشرة ومؤذية ضد شخص أو ممتلكات يختارها المعتدي عن قصد, بناء على العرق أو اللون أو العقيدة او المذهب أو الأصل القومي أو العرقي أو الجنس (ذكر أم أنثى) أو الإعاقة)، ولم ينظر القضاء العراقي (حسب علمنا) الى قضايا من هذا النوع رغم وجود مثل هذه الجرائم في المجتمع العراقي.
ففي دولة الكراهية مثل العراق، هناك متخصصون في غرس كل أشكال الكراهية والبغضاء بين الناس وهم أفراد يحكمهم التعصب وتحركهم الهمجية، في دولة الكراهية هناك قوانين ثابتة لا تقبل النقاش او الاعتراض في مقدمتها العمل على اقصاء الاخر ونفيه وتدميره ان امكن ويجوز لتحقيق ذلك استخدام كل انواع الاسلحة وفي مقدمتها استخدام القضاء في فبركة الاتهامات الى دعاوى كيدية يشوبها الكذب والتضليل والافتراء والتزوير، في دولة الكراهية، هدف رئيسي ينتظم عليه مواطنوها هو نشر الكراهية والبغضاء، وهي ضد المجتمع، وكل مواطن فيها يجب ان يمتلئ قلبه بالكراهية والحقد ضد الاخر، ويجب ان يتقن فنون نشر الاكاذيب والشائعات ضد اي كان، وان يكون محترفا بخلق الاعداء من كل لون وجنس، فكل من هو خارج حدود دولة الكراهية اما ان يكون ارهابيا او وهابيا او ناصبيا او رافضيا او علمانيا او ملحدا, في دولة الكراهية العراقية، يمكنك ان تعلن دون خوف عن كل ما تكرهه مهما كان واي كان دون اي مراعاة لمشاعر الاخرين، وهناك عوامل اخرى لزيادة جرعات العنف والكراهية سياسية واجتماعيه.
في دولة الكراهية العراق، القضاة( خصوصا قضاة المحكمة الجنائية المركزية في الكرخ) لا يخافون الله لكنهم يخافوا قائد عمليات بغداد وقادة الاجهزة الامنية, وهم ليسوا قضاة على شاكلة رجالات الصحابة واهل البيت ومن أعلام العراق الخوالد وانما قضاة لا يحفظوا القسم الإلهي بقدر خوفهم على تمتعهم بجوازت سفرهم الدبلوماسية, في دولة الكراهية اصبح القضاة لا يطبقوا نصوص دستور الشعب وانما رغبات مكتب القائد العام للقوات المسلحة والمعممين والسياسيين ولا يتلذذون إلا من فضلات الحكومة, في دولة الكراهية اصبح القضاة عنواناً للفشل القضائي, ومخاتلين لا يمررون قراراتهم إلا في اجواء محمومة بالحقد والكراهية وبين جحور الأزمات الوطنية, قضاة همهم الوحيد الحكم ببركات الحكومة والاحزاب والمعممين لا باسم الشعب, قضاة حولوا البيئة السياسية الى معمل للمشاكل الحكومية, قضاة (خصوصا قضاة المحكمة المركزية) لا يستعينوا بكل مخلص ومؤتمن، وانما قضاة تعلموا أن لا يقبلوا إلا الكذابين والمنافقين, في دولة الكراهية اصبح القضاة ليسوا شجعان يعيشون مع الناس وانما قضاة جبناء لا يعيشوا إلا مع القتلة والمرتشين والمزورين واللصوص في المنطقة الخضراء, واصبحوا قضاة من أصحاب الرواتب والامتيازات الوزارية لا من أصحاب الذمة والضمير, لقد افتقدنا بفضل المحمود وزبانيته من قضاة المحكمة الجنائية المركزية والادعاء العام وغيرهم، ان نرى ونتيقن بوجود قضاة أذكياء ينتصروا لمعاني الدستور والحق والعدل, قضاة يقضون إجازاتهم في الموصل وكربلاء والبصرة لا قضاة يرفضوا الخروج من معاقلهم الكونكريتية إلا بدروع مسلحة من مطار بغداد الى شوارع إسطنبول وطهران  وعمان, قضاة ينتمون الى بغداد والسماوة والبصرة قبل دبي وواشنطن, قضاة يحترمون ألوان شيباتهم البيضاء قبل أن يلونها بالأسود والأحمر, قضاة ينظرون الى آخرتهم قبل أن يتطلعوا لتراكم عقاراتهم وزيادة اصفار ارقام حساباتهم. 
    المطلوب أن نلجم الاندفاع ونطمر الأحقاد وندرأ هذه المهاوي الرهيبة، ونتحسس موقعنا على الأرض ومن حولنا، حتى لا يَرِينَ طائر البغض والتنابذ والاحتراب والإرهاب وإراقة الدماء وإزهاق الأبدان الأرواح, لا مناص من قبول الغير المختلف واحترام هذا الاختلاف، وتنسيب أفكارنا، أي إسقاط المطلقيه عما نقول.  والجريمة الأكثر جسامة، هي هذا السكوت المخزي للقضاء عن هؤلاء الساسة الذين يتطاولون على شعب بأكمله ويتحدون كل القوانين ويحاولون بهذا التطاول أن يثبتوا لسادتهم وسدنتهم أنهم قد أسقطوا شرعية المؤسسات الدستورية القانونية، وهذا مؤشر يصحبه دليل بائن باشتراك القضاء العراقي خصوصا الجزائي منه( قضاة المحكمة الجنائية المركزية في الكرخ) في تجسيد ظاهرة الكراهية بطريقة بشعة ادت الى وجود بيئة اجتماعية انسانية ملوثة بهواء ورياح الطائفية والكراهية بين مكونات المجتمع العراقي منهم بالأخص السنة والشيعة.
أن القضاء كمؤسسة قانونية، هو عاجز عن أداء دوره لأنه تابع للسلطة التنفيذية والأدلة الدامغة على صدق ما نقوله كثيرة، فكل المساوئ والانتهاكات التي يعاني منها المجتمع العراقي أكبر دليل علي أن القضاء لا يؤدي دوره وعاجز عن اداء مهمته المنوط بها وهي حماية المواطن وحريته، ان استشراء الفساد وجسامة انتهاكات حقوق الانسان وتزوير الانتخابات وصور التعذيب المختلفة رغم وجود القضاء أكبر دليل علي أن القضاء اما عاجز او شريك، فعندما يستشري الفساد في البلاد وتكون مهمة القضاء محاربة الفساد فبالطبع يكون هناك عجز من القضاء عن أداء هذه المهمة وعندما يكون القضاء مشرفا علي الانتخابات ويتم تزويرها هنا يكون القضاء أما يكون عاجزا أو شريكا في التزوير وكذلك عندما تجد الانتهاكات وصور التعذيب المختلفة للمواطن العراقي وبقاء المعتقلين لأشهر وسنوات بدون اكمال قضاياهم واكثرهم ابرياء وتعرضوا للانتهاكات، هنا القضاء عاجز أو شريكا أيضا.
ونؤكد حقيقة غاية في الأهمية فنقول، لو أن القضاء قادر علي أداء مهمته ودوره في المجتمع ما قامت المظاهرات والاعتصامات التي تؤكد مشاركة القضاء العراقي بتفعيل كل صور الكراهية والتعامل بطريقة غير متوازنة مع قضايا المعتقلين من المكون السني حيث ان 90% من المعتقلين والمحكومين هم من المكون السني فالقضاء العراقي متهم بنظر اكثر من ست محافظات بإثارة الكراهية المجتمعية والتحزب المذهبي والطائفي وهذا دليل قاطع على مشاركة القضاء العراقي في مظاهر وممارسات الكراهية وقد نادت هذه المظاهرات والاعتصامات بمحاربة الفساد خصوصا في المؤسسة القضائية واسقاط النظام وتوفير الخدمات.
فالقضاء لن يشهد الاستقلال الا إذا عادت شؤونه لرجاله.
كيف تحل مشاكل العدالة؟ هذا السؤال تصاحبه حقيقة مرة ان الانسان في العراق يفتقد العدل. العدل الذي هو سبب وجود الدولة. فكل منا يستطيع تحمل الجوع والعطش والفقر ولكن لا يستطيع أحد منا تحمل الظلم.
تشكل “الكراهية السياسية” والكراهية الدينية والمجتمعية بين الطوائف ملامح بارزة في العراق، خلفت كراهيات كامنة، وأخرى ظاهرة متعددة المستويات، سواء على أساس ديني أو مذهبي او عرقي أو جغرافي، كما العرب واليهود، والسنة والشيعة، علاوة على امتداد الكراهية لتطال العلاقات بين دول بعينها، وتنامت معها نزعات الانتقام، والإقصاء المتبادل فيما بينها، بل والحشد على أرضية كراهية الآخر المختلف سياسيًّا أو عقائديًّا أو مذهبيًّا أو مناطقيًّا، أضف إلى ذلك، عدم التورع عن تكفير الآخر السياسي، ونزع الوطنية عنه.
وهناك اختلالات محفزة للكراهية،منها انتشار ثقافة التشفي والثأر وغياب التسامح، والعزل لبعض الفئات دون أسانيد موضوعية أو مراعاة لحقوق الإنسان، إلى جانب ذلك، يعد المحفز الإعلامي سواء المرئي أو المطبوع أو الإلكتروني أحد الاختلالات الرئيسية في تحفيز الكراهية، إذ دأبت وسائل الإعلام التي تمترست حول تيارات دينية، على تصوير السنة بانهم ارهابيين ونُظر لهم على أنهم داعمين أساسيين للعنف والإرهاب، والليبراليين على أنهم “متفلتون” و”ضد الإسلام”، دون محاولة التركيز على هوية الاسلام والهموم والسمات المشتركة بين الطرفين، ودون أن يكون هناك إدراك لتعددية الرؤى داخل كل فريق، وأن الأمر ليس بهذا الاختزال المخل، ومن هنا تحول المذيع إلى صاحب رأي، ومناصر لقضية، ويهاجم الضيف إذا اختلف معه، كما تمترست الصحف والقنوات الفضائية حول تيارات بعينها.
من ضمن التهم الضحمة التي اثقلت كاهل مكونات المجتمع العراقي هي ضلوع الادعاء العام، في الوقوف موقف المتفرج في كثير من الاحيان من خلال عدم إزالة المظالم الاجتماعية بكافة أشكالها الفئوية والطائفية والمناطقية، ومشارك(بدون ضميره القضائي) في احيانا اخرى بالسعي إلى إثارة الفتن وبث بذور الخلاف بين أبناء الشعب والعمل بكل مفاهيم الكراهية، وهي فعل محرمٌ، ومعاقب عليه شرعاً ونظاماً!
ولم يتبنى القضاء والادعاء العام أي اجراء في ردع خطاب الكراهية وعليه ان لا ينتظر اقامة شكوى ومن صلب واجبات الادعاء العام  بموجب قانونه ان يقوم بتحريك الدعاوى ضد أية جهة تعتمد الترويج لأية ممارسة تهدد السلم الاهلي، هذا اذا اراد اثبات حسن نواياه وانه غير مشارك بجريمة الكراهية وممارساتها.
وهذه القراءة لما قلته، تفسح المجال أمامنا لطرح التساؤلات التالية :
– هل انبنت مشروعية الدولة على إزالة الظلم وتحقيق العدالة الاجتماعية أم على السكوت على الانتهاكات والسير قدما بتفعيل مظاهر الكراهية والفساد والرشوة واستغلال المال العام ؟
عندما يقوم المذهب او الدين على بغض الاديان الاخرى والمذاهب الاخرى وبمشاركة القضاء، ستكون الكراهية موجودة والبغض والاقتتال، ويصبح الطرف الاخر، خريج أحد معاهد الإرهاب والتكفير والمليشيات، يسدل لحيته او يرتدي عمامته، ليصبح مسؤولا عنها، ويصير عالما يفتي في النواصب والروافض ليتحول هذا الإفتاء إلى قتل فردي وجماعي مبرمج ثمّ يغدوا هذا القتل جهادا او نصرة للمذهب.
ما يحدث الان ليس مباراة رياضية ستنهى بإطلاق صفارة الحكم واعلان الفريق الفائز قد تكون مباراة بلغة الاحصاء لكن مباراة صفرية ستخسر كل الاطراف المشاركة .
فالكراهية مرض عضال ينسف القيم الطيبة ويقضي علي المثل العليا‏,‏ ويهيئ للعنف والدم والرعب‏.
-عندما يفسد القضاء، يتشطر المجتمع وتتخلخل وحدته الوطنية من الداخل ويتجزأ إلى شرائح متصارعة ومتناحرة تعيش في خصومات مستمرة تغيب عنها السكينة، بل وتفقد الإحساس بالمواطنة وبالانتماء للوطن .
-عندما يفسد القضاء تُنتهك جميع حقوق الإنسان وتنتعش فئه صغيرة من الناس تتميز بالجشع الطافح تسعى فقط وراء إشباع متعتها القصوى في الاستحواذ على المال وعلى الجاه وعلى السلطة هدفها الأسمى في الحياة هو الاكتناز والاقتناء؛ وبذلك يحل المال والنفوذ محل العدالة والمساواة أمام القانون وتنحسر النزاهة والعدالة أمام الرشوة والتزوير والغش والكذب.
-عندما يفسد القضاء، يتحول العنف والإرهاب من جريمة إلى مجرد رغبه غريزية لابد من إشباعها والترزق منها من دون خوف من الملاحقة والعقاب .
-وعندما يفسد القضاء ” يتغول ” الفساد على كل شيء وتُصاب بالشلل كل تلك ” الترسانة ” من السياسات والاستراتيجيات والقوانين والإجراءات التي أعدتها الدولة لمكافحة الانتهاكات والفساد وتشمل فيما تشمل تلك المعاهدات والمواثيق الدولية والإقليمية التي أبرمتها الدولة المكرسة لمكافحة الانتهاكات والفساد، وتتحول مؤسسات الدولة وهيئاتها وبرلماناتها وأجهزتها الرقابية والمحاسبية بل والمنظمات المدنية المجتمعية بمختلف مسمياتها إلى جثث هامدة.
والشلل الذي يصيب هذه ” الترسانة ” الضخمة الموجهة لمكافحة الانتهاكات وضياع الحقوق والحريات والفساد يعود إلى أن هذه ” الترسانة ” تعتمد في نشاطها على شيء واحد فقط وهو ” القضاء”؛ فبدون قضاء محايد ومستقل ونزيه تنعدم كل الفرص لمكافحة الانتهاكات والمحافظة على الحقوق والحريات ومحاربة الفساد والوقاية منه مهما اختارت الدولة من رجال أشداء ونزيهين لمقارعته .
واصطلاح ” القضاء” الذي استخدمته في هذا المقال، لا يقتصر مفهومة على ذلك “القاضي الجالس فوق الكرسي على المنصة الأمامية من قاعة المحكمة فحسب، بل هو حلقة واسعة المساحة تضم في دائرتها أولئك ” القضاة الواقفين من محامين، وكذلك رجال التحري والتحقيق ورجال الأمن والمنفذين للأحكام القضائية بل وجميع كتبة المحكمة من أمناء الأرشيف القضائي والمسجلين وحتى أولئك الشهود الماثلين أمام القاضي في القضايا المعروضة عليه . لكل واحد من هؤلاء دور ما في مسيرة أية قضية من القضايا المعروضة على القاضي التي يسهل حرفها بواسطة الفاسدين منهم لصالح الطرف صاحب الاجندات الطائفية وصاحب الجيب العميق أو صاحب ” النفوذ ” .
يقول مثل كيني : ” إذا كان بالمستطاع أن تشتري القاضي، فلماذا تلجأ إلى المحامي ؟” ولكن هذا القاضي الواقف (المحامي) (( معول الشيطان الأول)) يكون في العادة هو الحلقة الأولى في شراء القاضي ويمهد له السبيل في إصدار حكمه ضد صاحب الحق براحة واطمئنان، حتى المحققين وممثل الادعاء العام الفاسد والشهود وكتبة المحكمة الذين يسهل شراؤهم يشتركون جميعهم في وضع ” الشماعة ” للقاضي ليلقي عليها رداء القضاء ويحكم مجرداً من ” الفضيلة والعدالة ” بما يمليه عليه الشيطان !
ليس هناك ظاهرة أكثر قسوة وأكثر اشمئزازاً من ظاهرة فساد القضاء في المجتمع حتى وان فسد رئيس النظام الجمهوري وفسدت معه حكومته فأن أعمدة النظام الجمهوري تضعف ولكنها لا تنهار، فالقضاء النزيه القوي يبقى سنداً لهذا النظام الجمهوري وأنصع مثل أمامنا هو جمهورية مصر التي عاشت فساداً رئاسياً خرافياً ومع ذلك ظلت صامدة بفضل نزاهة وعراقة قضائها المصري .
فساد القضاء يصيب الأمة بأكملها، فالسياسي يشكو فساد الأحزاب السياسية، والوزير يشكو قصور كفاءة وخبرة موظفيه ورجل الدين يشكو ضياع التقوى والفضيلة والأخلاق الحميدة ، والموظف يشكو المحسوبية ومحاباة الأقارب في الوظيفة العامة ، والتاجر يشكو تعسف الحكومة وضياع النظام والقانون .
والأنكى من ذلك…. حتى القاضي الفاسد الذي يلبس مسوح الفضيلة ، هو الأخر يشكو !!
الكل يشكو الكل…. والجميع يقف ضد الجميع !!
والسلطة القضائية العراقية يراد لها ليس فقط الدوران في فلك السلطة التنفيذية, وإنما أن تُكرّس كذلك كجهاز من أجهزتها, لا يميزه عن الأجهزة الأمنية إلا الاسم وبعض الاستثناءات.
وعلى القضاء العراقي أن لا يحمر خجلا من حصيلة أفعاله, حتى ولو كان يرتكب أخطاء جسيمة بين حين وآخر، عليه الاعتراف بأخطائه وعدم السكوت عن عدم استقلاليته، على القضاء الالتزام بالشفافية وقبول الحوار والنقد, عليه قبول حكم المواطنين، فمكانه في حضن المجتمع وليس على هامشه، عليه لإعادة ثقة المواطنين به أن يغير طريقة تعامله معهم على مستوى مهامه ومؤسساته، فاذا قام القضاء العراقي بدوره في مواجهة انتهاكات حقوق الإنسان فإنه يغل يد القضاء الدولي.
فالرأي العام اليوم أكثر من أي وقت مضى شاهد متيقظ على العدالة التي تقاضيه ويدخل كفاعل في النظام القضائي نفسه.
 أن الصمت حيال السلبيات والأزمات الخطيرة هو الجريمة المنكرة التي تعتبر إخلالاً بثوابت الدولة ونهجها العادل الذي قامت أسسها عليه واسقاطا لتراث بلادنا الدستوري والأخلاقي، لقد ساهم القضاء العراقي وبفعالية بزراعة مساحات شاسعة من الاراضي التي تسكنها المكونات بنبتة الكراهية ولا زال يواصل سقيها ورعايتها لتكون مثمرة اكثر.
ابرز انماط الكراهية التي اسسها وساهم بانتشارها القضاء العراقي وخصوصا قضاة المحكمة الجنائية المركزية في الكرخ، يستدعي أن نقرأ منطلقاتها وفق ما يلي:
1- التعامل مع المعتقل المتهم السني بانه ارهابي مسبقا:
من المتابعة الحثيثة والتي صاحبتها مشاهدات ميدانية يرافقها روايات عديدة لمعتقلين وذويهم، جميعها تؤكد ان الاجهزة الامنية وملحقاتها تقوم بالمداهمات والاعتقالات بحق سكان المناطق السنية وتتعامل معهم بطريقة تعلوها الهتافات والكلام الطائفي مع استخدام كافة الوسائل لغرض الانتقاص من معتقداتهم والنيل من رموزهم مع استخدام الضرب والقذف والسب وعدم احترام لشيوخهم ونخبهم وكبارهم وبطرق شيطانية ممزوجة بفتاوى دينية جميعها تصب لأجل النيل من ابناء المكون السني، وزجه في المعتقلات ومحاولة بقائه اطول فترة ممكنة ومن ثم فبركة التهم وتنظيم الدعاوى بحقهم واخذ الاعترافات منهم عنوة وبالإكراه الوحشي، ومن ثم التهيئة لإصدار احكام عليهم من خلال قضاء جزائي فاسد جاهز لتكملة ما قامت به الاجهزة الامنية وتأطير ذلك على الورق لأجل ان تكون الادلة المادية قوية، ويساهم بعد اصدار الاحكام قضاة ايضا فاسدين من محكمة التمييز تتجاذبهم المرجعيات الدينية والسياسية وصوت المكاسب وتتقاذفهم الرياح الطائفية الممزوجة بالحقد والكراهية لأجل تصديق الاحكام، وجميعها تصب بعنوان واحد ان ابناء السنة ارهابيين ويجب اعتقالهم واصدار الاحكام القاسية بحقهم وان ذلك يعد نصرة للمذهب، فالمواطن السني متهم حتى يثبت براءته وما أصعبها وأحوجها للنفاق والذل، والمثير للاستغراب ان كافة اجهزة الدولة الامنية والاعلامية عندما تذكر اعتقال شخص من المناطق السنية تطلق عليه عبارة (الارهابي…) وعندما يكون المعتقل من المناطق الشيعية تطلق عليه عبارة( المشتبه به) مسقطين قاعدة دستورية تقول(المتهم بريء حتى تثبت ادانته بمحاكمة عادلة) اذن الاجهزة الامنية والقضاء الجزائي العراقي يمثلان حلقة متصلة ومتفقة على توطيد كل مظاهر الكراهية بين السنة والشيعة، وتحضرني رواية رواها احد المحامين، بان موكله من عشيرة الجنابات وقد قدم ملفه الى لجنة العفو المشكلة في المحكمة الجنائية المركزية وتم شموله بقانون العفو في وقتها، لكن رئيس لجنة العفو اعترض وبدون ان ينتبه لوجود المحامي بان قال لأعضاء لجنته ما نصه( الم تنتبهوا لعشيرته كيف لكم ان تشملوه بقانون العفو…) فأجابه احد اعضاء اللجنة وهو من القضاة المهنيين، بانهم لم ينظروا للاسم وانما للفعل ومدى شموله بالقانون ولم يوقع على القرار رئيس اللجنة  وصدر بالأكثرية.
كيف لقضاء ان يجسد العدالة بهكذا قضاة يعلوا عملهم الكراهية الطائفية ؟؟؟؟؟؟      
2-  المخبر السري عنصر فاعل في تجسيد الكراهية:
ان المخبر السري  الذي اطر معلوماته على الكذب والتأويل والافتراء في أغلب الإفادات، وشراء الكيد من أفواه الآخرين بدوافع شخصية وأحقاد فردية رخيصة أو ولاءات حزبية أو طائفية أفرزتها المرحلة ما بعد الاحتلال والجدير بالإشارة إن وجود (المخبر السري) في تطويق ورصد الجريمة وملاحقة مسببيها وإنقاذ الأبرياء قبل وقوع الشر تعد خدمة جليلة طالما أنجزت في هذا الإطار، وعمل المخبر في العراق قد اشغل الكثير من رجال الآمن والقضاء وآخرين وهم يخوضون في قضايا لا أساس لها من الصدق، ولكن مع الاسف القضاء العراقي جعل من هذه الظاهرة تنتفخ ويكبر حجمها بطريقة اطلق فيها على العراق(بلد المخبرين) وتحضرني حادثة من جملة حوادث وقعت بالمحكمة الجنائية المركزية في ساعة بغداد، وتحديدا في عملية بشائر الخير في ديالى حيث ذهب في وقتها قضاة من المحكمة المركزية ويروي احد القضاة الذاهبين ان، ضباط الاستخبارات احضر له مخبر يدون افادته امامه والمخبر يذكر امامه (56) اسم لمتهمين وبأسمائهم الرباعية، في قرية (الاسود) في ديالى وهي قرية سنية ، ويقول: طلبت منه ان يذكر لي اسم جاره الثنائي، ولم يجبني فقلت له: انك ملقن تلقين كامل ولم تبقي أي رجل في القرية ولم تأتي بذكره فطردته وعنفت الضابط وقلت له لا تلقونوا المتهمين بهذه الطريقة، ويكمل القاضي: في اليوم الثاني تم نقلي من هيئة قضاة عملية بشائر الخير، وقام القاضي المرحوم (باسم كمر) بإصدار اوامر قبض في يوم واحد لأكثر من اربعمائة امر قبض بناءا على افادات مخبرين، أي قضاء هذا الذي يصدر بيوم واحد ولمحافظة واحدة ومن قاضي واحد هذا العدد الكبير من اوامر القبض، ان قضاة التحقيق وخصوصا في المحكمة الجنائية المركزية يعملون بأجندة طائفية مقيتة ويصدرون اوامر قبض بدون اسماء ويسلمونها للأجهزة الامنية لأجل ادخال الاسماء التي يرغبون بإدخالها عند أي مداهمة وهذا ظلم كبير وانتهاك عالي المستوى لحقوق الانسان ومع العلم ان 90% من دعاوى المحكمة الجنائية المركزية هي بناءا على افادات مخبرين واعترافات منتزعة بالإكراه الهمجي، حيث هناك مخبرين يعملون برواتب مجزية يتأهبون للأدلاء بإفاداتهم الاتهامية، عند أي حملة مداهمات تقوم بها الاجهزة الامنية على المناطق وتكون غالبيتها مناطق سنية، وهناك حادثة لمحامي تم القاء القبض عليه من خلال متهم سعودي استخدمته القوات الامنية للإيقاع بمن يرغبون به، حيث يذكر لي المحامي ان رئيس المحكمة(ف ز) يذكر في كتابه للنقابة بان المحامي( ) لدى القبض عليه في حملة اعتقال البعثيين انه اعتقل معهم واثناء دخوله للسجن تم رؤيته من المعتقل السعودي واخبر المحققين بان هذا المحامي كان من محامي الدولة الاسلامية وتم تحريك شكوى بحقه ولم يطلق سراحه الا بعد اربعة اشهر مع العلم ان هذا السعودي قد ذكراسماء اكثر من سبعمائة شخص وتم اصدار اوامر قبض عليهم ولكم ان تقدروا حجم الضرر الذي اصيبت به هذه العوائل والاشخاص من جراء سوء استخدام المخبر السري، والذي كان من المفترض ان يتم دائما الاستفادة من معلوماته والتحقق من الحوادث التي يذكرها وبعدها يتم استدعاء المتهم او اصدار القاء القبض عليه أي يجب التحقق من الحوادث اولا؛ لكن القضاء العراقي وبعض قضاته وتحت صوت الطائفية والفتاوى الدينية ونصرة للمذهب، قاموا ويقومون بإصدار امر القبض على المتهم وايداعه التوقيف وبعدها يتم التحقق من الحوادث والتي تأخذ شهور وسنوات وبعدها يتم تقرير مصير المتهم وبالرغم من اصدار مجلس القضاء العراقي عدة اعمامات بصدد عدم اصدار اوامر قبض الا بعد التحقق من الحوادث الجنائية، لكن هذه الاعمامات كانت شكلية بدون متابعة تنفيذها وبطريقة قصدية خلفيتها مفاهيم وافكار طائفية دينية مذهبية عنوانها التقية، مما اسست لأجواء الكراهية بين المكونات لان المتهمين وذويهم يشاهدون ان الذي يصدر بحقهم اوامر القبض ويعتقله ويعذبه ويعتمد على افادة المخبر السري، وكأنها كتاب منزل من السماء، هم من مكون بعينه، هذه اسست لأجواء الفرقة والكراهية والبغضاء بين المكونين السني والشيعي، فيكفي سكوتاً وصمتاً ولينال هذا المخبر البغيض من العقاب قضائياً على أفعاله كونه ممكن أن يحول أنسانا شريفاً مبدعاً إلى إرهابي بأخبار كيدي ومنهم من قادته إلى وشاية المخبر السري إلى الموت ومنهم من امتد اثر التهلكة الكيدية إلى عائلته أو أصدقائه.
ان الاحساس بالعدالة لا يوجد في اعماق عموم الناس التي لا تدرك ضرورة العـدل الا حينما يصيبها ضرر، وتظل غير حافلة تماماً بالضرر الذي يصيب حق الغير الا بصورة نسبية قد تكون غير فعالة، للعدالة هرم الضلع الاول قضاء نزيه وعادل والثاني سلطه تنفيذيه تحكمها معايير مهنيه والثالث العدالة الواقفة التي تتمثل بالمحامي، وان اي خلل بالأضلاع الثلاث تتحول من عدالة الى ظلم وتتطور صناعة الكراهية والابتزاز وفن التعذيب وانتهاكات مخزيه لحقوق الانسان ويتحول المحقق الى غول والقاضي الى جلاد والمحامي الى مساوم، وهنا تبدأ مسلسل الظلم، في السابق كانت القاعدة هي أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، اليوم أصبحت القاعدة: “البريء متهم حتى ولو أُثبتت براءته”.
3- ظاهرة البطء العمدي بالإجراءات القانونية والقضائية:
إن من الضمانات الأساسية للمتهمين هو الحق في الفصل في القضية التي قيدت حريته على إثرها في أن يتم الفصل بالسرعة التي لا تخل بضمانات التقاضي أمام المحاكم الجزائية.
إن الحق في سرعة الإجراءات الجزائية لم يقرر لمصلحة المتهم فحسب وإنما مقرر كذلك لمصلحة المشتكي والمجتمع، إذ إن سرعة الفصل في القضية المعروضة أمام القضاء وان كان يضع حدا للآلام النفسية والجسدية التي يعاني منها المتهم نتيجة التوقيف، إلا إنها في الوقت ذاته تحقق للمشتكي او المجني عليه الشعور بالعدالة التي اقتصت من الجاني وولدت له الشعور بالطمأنينة لان من شأن إطالة احد الإجراءات الجزائية أن تخلق لديه شعورا بالملل ذلك إن العدالة البطيئة هي الظلم بعينه، عليه متابعة إجراءات القضية والوقوف على مراحلها تمهيداً لحسمها بالسرعة المطلوبة دون أن يترك الآمر لمشيئة أطرافها، خصوصا هناك بطء عمدي في الإجراءات التحقيقية وتلبية المتطلبات التحقيقية المطلوبة من القضاء وأخذها وقت طويل، اذا كان المعتقل من المكون السني وعكس ذلك اذا كان من المكون الشيعي ولم يكن القضاء متصدياً لذلك بفعالية وفق ما رسمه قانون العقوبات العراقي بالمادة 329 والمادة (40) من قانون أصول المحاكمات الجزائية، بل كان مساهما غالبا وتحت شعارات ومبررات طائفية مذهبية تفوح منه الكراهية، وغالبية الدعاوى التي فيها معتقلين سنة، تحال على الهيئات الجنائية وهي مفتقرة لأبسط أساليب وطرق وسياقات التحقيق لان القائمين بالتحقيق تصطبغ اعمالهم بالطائفية والكراهية والقصدية بالتأخير(بدعم قضائي واضح)، وتنقصهم الخبرة ولا تنطبق عليهم نص المادة (51) الأصولية إضافة إلى تعيين قضاة طائفيين خصوصا من الصنف الرابع  في محاكم جنائية كبرى خلاف نص المادة (50) من قانون السلطة القضائية رقم 160، وتنقص غالبيتهم الخبرة، وتعلوا عملهم الافكار الطائفية فيلتقون مع المحققين والقائمين بالتحقيق في دائرة مغلقة هدفها العمل على الطائفية الكريهة التي ينتج عنها اتخاذ قرارات التدخل التمييزي من الهيئات الجنائية وذلك يؤدي إلى التأخير التعسفي والمؤلم للمعتقل.
4- ظاهرة عدم اطلاق سراح المعتقلين:
وهي ظاهرة لا يحتاج الكلام فيها الى تفصيل حيث ان المعتقل اذا كان من المكون السني يتم وضع امامه كافة المعوقات لابتزاز ماديا، الذي يأخذ صورا وطرق عدة لزيادة رقم المبلغ المدفوع لأجل اطلاق سراح المتهم من المكون السني اما اذا كان من المكون الشيعي فان هذا المبلغ قد يكون صفرا او يتحول من الدولار الى عدة دنانير، والقضاء العراقي ممثلا بالادعاء العام ساهم بهذه الممارسة لأنه يعلم بتلك الممارسات والافعال لكنه عاجز عن فعل شيء لأنه يتغاضى عن ذلك عندما يكون المعتقل من المكون السني ويرفع سيفه عاليا اذا كان من المكون الشيعي وهذه الممارسة ساهمت بتعميق الكراهية بين مكونات المجتمع العراقي، ولا نرد ان نذكر شواهد لأنها بالمئات ولكل معتقل او محامي قصة في ذلك.
5- ظاهرة ممارسات التعذيب وسكوت القضاء العراقي عنها:
ذكر تقرير منظمة هيومان رايتس ووتش الصادر في شهر كانون الثاني 2011 بعنوان «إفلات الجناة من العقاب وحرمان الضحايا من العدالة في قضايا التعذيب» وكان واضحا التقرير، ونجح ومعه تقارير عدة في تسليط الأضواء على مختلف جوانب قضية التعذيب في العراق، سواء ما تعلّق منها بالثغرات القانونية التي تسوغه، أو ممارسات الاجهزة الامنية والشرطة التي تجسّده، أو دور القضاء العراقي الذي يتستّر عليه غالبا ويطمس معالمه، وممارسات التعذيب ووقائعه في العراق كافية الى ان  تحول حياة أي شخص إلى كوابيس مفزعة تلاحقه في الصحو والمنام، وبصمات الهوى الطائفي السياسي والكراهية واضحة في تلك الممارسات والوقائع حيث تمارس مع المعتقل من المكون السني اقسى انواع التعذيب، وتوجه له  العبارات الطائفية وبعض المرات ممارسة الافعال اللاأخلاقية معه بقصد كسر هيبته وشوكته، لأجل انتزاع منه اعتراف يدينه ويجعله مهيا لصدور حكم قاسي بحقه وهذه الممارسات الطرق التعذيبية تشير شكلياتها بانها فارسية طائفية معبأة بريح صفراء، اما المعتقل من المكون الشيعي، فانه يتلقى مجرد ضربات او بوكسات خفيفة وينتهي الامر، لأنه مواطن درجة اولى والمواطن من المكون السني مواطن درجة ثانية، وقد مات العديد من ابناء المكون السني من جراء هذا التعذيب، والنظام القضائي في العراق يتضمن ثغرات كبيرة جدا كما صرحت بذلك مفوضة حقوق الانسان “نافي بيلاي” التي اضافت “النظام القضائي في العراق لا يعمل بشكل صحيح وهناك الكثير من الاحكام التي تصدر استنادا الى اعترافات انتزعت تحت التعذيب وسوء المعاملة او بناء على ما يعرف بالمخبر السري وان المحاكمات في العراق ابعد ما يكون عن المعايير الدولية وان تطبيق عقوبة الاعدام في هذه الظروف غير مقبول بالمرة”.
وهناك تقارير وتصريحات تشير إلى ظاهرة تعذيب النساء بأقسام الاجهزة الامنية والشرطة وإلقاء القبض عليهن كرهائن واحتجازهن دون سند من القانون.
أسئلة من قبيل السؤال فقط:
هل التعذيب لا يزال قاعدة في أقسام الاجهزة الامنية والشرطة أم أنّه أصبح استثناء؟
وهل هي سياسة دولة أم ثقافة اجهزة امنية وشرطة وجيش؟
6- ضعف الادعاء العام وعدم وقوفه وتصديه للانتهاكات:
ان الادعاء العام على وضعه الحالي وبرئاسة الرفيق المناضل( غضنفر حمود الجاسم) المتهيء للتقاعد، لا يعدو ان يكون جهازاً ادارياً تابعاً للسلطة التنفيذية يعزز ذلك سكوته ومشاركته في كل ممارسات التعذيب والانتهاكات الخطيرة لحقوق الانسان وهذا امر ينافي استقلالية الادعاء العام التي هي جزء من استقلال القضاء وحيث ان موقع رئيس الادعاء العام يعد بمركز الامين العام على الدعوى وحارس للأمن الاجتماعي فانه ينبغي الا يسمح بهذه الانتهاكات لكنه بات يتلقى الاوامر من جهات حكومية او دينية او سياسية.
ان تدهور السلطة القضائية والانحطاط الذي اصاب أغلب عناصرها من جراء الخوف والجهل والفساد الى العجرفة والتعالي, ولهذا تحولت قصص الشكاوى والدعاوى التي نطلع عليها ونسمع بها الى قصص وروايات يومية عن انتهاك وتعذيب وتلاعب وإخفاء وتزوير وتسويات لحوادث جنائية وخصومات مدنية وشرعية تجري خارج ساحات القضاء في بيت العائلة والعشيرة والمكتب الحزبي والشرعي ومؤسسات الدولة المختلفة تجنباً لقضاء ملوث بألف داء ووباء, حتى أن بعض القضاة أنفسهم قد مارسوا النصيحة لأهالي الضحايا أو الخصوم باللجوء الى اي وسيلة بدائية عائلية أو عشائرية أو تزويرية تبعدهم من التورط بشكاوى ودعاوى ستتحول الى نوع من أنواع  الجحيم الدنيوي بقضاء وادعاء عام محطم من الراس الى القدم لم يعد قادر على أن يحمي حقوق الدولة والإنسان أو يردع غيرهم أو يجبر ضحية او ينصف مظلوم .
7- ظاهرة قبول محققين قضائيين فاسدين في المعهد القضائي:
ان المحاكم الجزائية والسلطة القضائية بدلاً من أن تستغل عصر ما يسمى (استقلال السلطة القضائية) وتعيد النظر بسياقات عمل قضائية ظالمة وباطلة عملت على قبول محققين فاسدين لحد النخاع وظالعين في كل ممارسات الكراهية والتعذيب والانتهاكات بحق المعتقلين وكانوا من ضمن الادوات والمبررات التي جعلت القضاء العراقي محطة ومحل انتقاد لأكثر تقارير المنظمات الدولية واصبح يشتهر بذلك بفضل هؤلاء المحققين الذين تم قبولهم بكتاب من رئيس الوزراء لمدحت المحمود بالمعهد القضائي وتخرجوا قضاة يحكمون بالعدل والانصاف، وصدر المرسوم الجمهوري المرقم 265 في 23/9/2013 بتعيينهم قضاةن وعلى راسهم المحقق (ضياء) الذي كان ومعه محققي لواء بغداد وجهاز مكافحة الارهاب ومديرية الاستخبارات والامن  مثال صارخ لتجسيد الكراهية الطائفية المقيتة وقد ارتكبوا فضائع بحق المتهمين وذنبهم الوحيد ان الله خلقهم من المكون السني ليس الا وعملهم هذا كان بمباركة وتعضيد ومشاركة قضاة الكراهية والحقد الاسود قضاة المحكمة الجنائية المركزية في ساعة بغداد وفي مقدمتهم القضاة (ماجد الاعرجي وسعد اللامي وعلي قهرمان وضياء العبودي ونجم عبد عون واسعد الحسيني وعماد الجابري وخضير رسن واحمد عبدالسادة وضياء الساعدي وضياء الكناني ومحمود الراوي وغيرهم الكثير) ولي مقالة لاحقا بالأسماء عن المحققين وما يفعلوه،
ان هؤلاء المحققين استساغوا هذه الأساليب غير الشرعية لتتحول هذه السياقات الباطلة الى أصول محاكمات جزائية يتلذذون بها بعض القضاة والقائمين على التحقيق لظلم الناس والتنكيل بهم, كما أشعلت الفساد في الأجهزة الأمنية والقضائية والتي عادت بالعراق كواحدة من الدولة التي تتربع بأعلى مراتب الأمم التي لا تحترم حقوق الإنسان رغم وجود سلطة قضائية(مُستغلة) ووزارة حقوق الإنسان ومفوضية مسيرة ولجان نيابية ومحلية غير وطنية وألاف المنظمات المدنية الدولية والوطنية تأكل وتشرب من ماعون حقوق الإنسان.
واني اسال مدحت المحمود سؤال: متى تنتبه لشيبتك وعمرك وتنصف الناس بقضاء عادل ويل لك من احاديث الرسول الاعظم(ص)
   ( ان الله مع القاضي ما لم يجر، فإذا جار تخلى عنه و لزمه الشيطان)
 ( يؤتى بالقاضي العدل يوم القيامة فيلقى من شدة العذاب ما يتمنى أنه لم يقض بين اثنين في تمرة قط)
 ( من ولي القضاء أو جعل قاضيا بين الناس فقد ذبح بغير سكين)
8- ظاهرة زيارات المعممين والسياسيين للقضاة وعمل بعض القضاة وفق ما يطلبوه:
 ان هذه الظاهرة تجد وقائعها واحداثها لدى اغلب المحامين الذين يتجولون على المراكز الامنية ووحدات الجيش والشرطة والقضاة، حيث لا يكاد يمر اسبوع اذا لم تجد هناك زيارة لمعمم او سياسي او مسؤول الى هذه المراكز والوحدات لأجل تزويد الاجهزة الامنية بالمعلومات المضللة وقد مارسوا دور مخرب في تلويث افكار بعض القائمين بالتحقيق ورؤساء الوحدات والمراكز التحقيقية من خلال فتاوى ما انزل الله بها من سلطان تفوح منها رائحة منطلقة من سراديب الطائفية ومغلفة بالكراهية تجاه مكون بعينه، وقد ادت الى خراب البيوت ومع الاسف كان ولا زال القضاء العراقي الجزائي منفذا لرغبات هؤلاء المعممين والسياسيين وبطريقة مخجلة ادت الى انتشار وباء الكراهية المذهبية والطائفية وبطريقة اسست لمساحات واسعة من التباعد والتناحر والتهيؤ للانتقام، وكان القضاء العراقي الجزائي ملبي لرغبات هؤلاء المعممين والسياسيين، ووصلت زياراتهم وتليفوناتهم الى القضاء العراقي بصيغة اوامر او فتاوى يجب تنفيذها(كما جرى مع القاضي نعمان فتحي بسبب زيارات المعمم حسين الاسدي لمدحت المحمود وغضنفر الجاسم حفظهم الله ورعاهم وطلبه منهم تحريك شكوى جزائية وتم تحريك الشكوى واحاتها الى محكمة مختصة بالإرهاب؟؟؟؟؟؟) وقسم منها بصيغة التهديد اذا لم تنفذ مما فاقم من ظاهرة الكراهية بشكل خطير حيث اصبح هؤلاء المعممين بيئة خصبة للكراهية والحقد الاسود ولا استثني معمم من أي طائفة؛ لأننا وجدنا من خلال عملنا الميداني ان المعممين (مع الاحترام والتقدير للمعميين الذين يعملون بنهج القران والسنة النبوية وال البيت الاطهار) يتعاملون بلغة الدم مع معارضيهم ولديهم مليشيات تقوم بتنفيذ ماربهم الدنيئة تحت ستار الدين ونصرة المذهب وغيرها من مفاهيم بالية دمرت البنية الاجتماعية الانسانية للمجتمع العراقي، في ظل هذه الممارسات، لا يمكن أن نلوم القضاة اللذين اعتادوا هذه الأيام على التأثر والتأثير بمكالمات الهواتف النقالة أكثر من التزامهم بالقوانين والأصول القضائية ويمين القسم القضائي بعدما تلمسوا كيف أن مدحت المحمود لم يتوانى عن شطب مواد الدستور لمجرد أرضاء أصحاب العضلات الحكومية والأمنية, ومحكمة تمييز كانت تعتبر قبلة فقهية توجيهية تنويرية للقضاء وغير القضاء قبل أن تتحول الى محكمة مزاجية بقرارات عائمة هائمة فقيرة تلحس في الشهر الحالي ما أصدرته بالشهر الماضي.
والسيد المالكي واجهزته الامنية، اعتبروا خضوع المحمود وجنوده(عفواُ وقضاته) هو العصى لمن عصى ليضمن بقائه في الحكم الأبدي وتحمي أعوانه ومقربيه من المسائلة.
ان القضاء الجزائي العراقي بات مشوها(خصوصا قضاة المحكمة الجنائية المركزية) وأصبح أحسن دكان يستعين به الفاسدين والفاشلين والمجرمين لتمرير مشاريعهم الإجرامية, بسبب تدخل السياسيين والمعممين ورجال الحكومة وغدا وسيلة السلطة لترهيب الخصوم وإستمالتهم واقصائهم واصدار الاحكام بحقهم, ان الدور الذي لعبه القضاء في المحكمة الجنائية المركزية من خلال توفير اغطية لجرائم خطيرة وجسيمة وطائفية، تنفيذا لرغبات ظالمة طائفية نتنة، وقد صمت عنكم العباد والبلاد خوفا وهلعا من (قوات سواتكم وفرقتكم القذرة ولواء بغداد حاشا بغداد من ان تنسب لمثله وشرطتكم الاتحادية وافواج خاصة لتنفيذ اوامر قبض تصدر وفق اهواء وامزجة المعممين ورجال الحزب الحاكم).
كما أن تمسك القيادات الحكومية والنيابية والقضائية بالسلطة المؤبدة (من المهد الى اللحد)  ليس بسبب عشقهم لمناصب يلعنهم سببها الشعب من الصباح حتى المنام وإنما هذا التحصن بصولجان السلطة مرتبط بعدم ثقتهم بقضاء مزاجي لا يستبعدون معه أن يحولهم من سلاطين وامراء في المنطقة الخضراء الى متهمين وارهابيين ومجرمين  في إحدى معسكرات الجيش في المنطقة الخضراء او مطار المثنى بمجرد تركهم الكرسي النيابي أو الحكومي أو القضائي! ,ونؤكد في هذا المجال، أن اللجان الخماسية والسداسية والوزارية والشرعية والعشائرية التي شكلتها الحكومة لن تجدي نفعاً لإعادة الوئام الاجتماعي للمجتمع العراقي المنكوب إذا لم يتم مراجعة القضاء الجزائي في العراق, وبالخصوص القضاء الذي تحول من مؤسسة نلجأ إليها للقصاص من المخالفين الى مؤسسة محطمة ضاع بها، وبفوضويتها، القاتل والمقتول البريء والمذنب والباطل والحق.
ويقول تشرشل (خسارةُ جيش في الميدان أهون عليَ من هزيمة القضاء, يُرفع المدفع فوراً, يُعاقب آمر الكتيبة, وينقل من منصبه …) هذا هو القضاء في أوربا وأعني هنا في البلدان التي تدين بالنصرانية وفي زمن الحرب فما بالكم به في زمن السلم !!!
قال أحد الشعراء يصف أحد القضاة:
قاض إذا انفصل الخصمان ردهما                                         إلى جدال بحكم غير منفصل
يبدي الزهادة في الدنيا وزخرفها                                         جهرا ويقبل سرا بعرة الجمل
ومما يُحسب للقضاء في نينوى حادثة بليغة في وقائعها، حينما عرض بعض الأشخاص الذي تعرضوا للإبتزاز من قبل جماعات مسلحة أو عصابات لا يعلمها إلا الله مع فلم يوثق عملية الدفع وتسليم المال فما كان من القاضي الموصللي إلا أن أفرج عنهم وبرء ساحتهم ولدى تعرض القاضي للمساءلة القانونية قال قولته الشهيرة : أن الدولة التي لا تستطيع أن تحمي رعاياها فلا يمكن أن تحكمهم …؟؟؟
ما أحوجنا إلى قضاة يتأسون بسيرة أمير المؤمنين علي (عليه السلام) الذي وصفه الرسول الأكرم محمد () بقوله : أقضى الناس علي وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ…. فهل من قضاة يُعيدوا لنا بارقة الأمل ويقتفوا إثر شُريح وغيره من أعلام القضاء في التاريخ الإسلامي.
أن اللغط الذي شاب القضاء العراقي ومحاولات التسييس والخنوع للسلطة التنفيذية التي تنعكس سلباً على ساحة القضاء العراقي خاصة ً بعد أن أوقفت الشرطة ُ الجنائية الدولية (الإنتربول) التعامل مع الأحكام الصادرة من المحاكم الجنائية العراقية وهذا القرار يُعد ناقوس الخطر بإنهيار المؤسسة القضائية العراقية المُفضي إلى أنهيار الدولة برمتها آخذين بنظر الاعتبار أن قرار الإنتربول يحمل في طياته الضوء الأخضر بإنشاء معارضة عراقية مسلحة في الخارج بعيدة عن طائلة القضاء وبمأمن من أي ملاحقة قانونية إذن ما تشهده ساحة القضاء من مظاهر الكراهية والبغضاء ومشاركة القضاء العراقي فيها، يضعنا أمام جملة تساؤلات منها هل أن العراق لديه قضاء ويفتقر إلى قُضاة أم العكس صحيح أم هي ضغوطات تمارس على سلطان القضاء ؟؟؟
أمام هذه المفارقات لابد من وقفة لتنقية القوانين وإلغاء المحكمة المركزية الجنائية بشقيها وإلا أصبح الحال كمن يسفح الدم على رداء أبيض وينادي بالحفاظ على مبدأ استقلال القضاء.
  ورغم كل ما سلف لا زلنا نراهن على قضاتنا الأخيار الذين كنا نباهي الدنيا بنزاهتهم ولا زلنا واضعين نصب أعيننا ما ورد عن سلف هذه الأمة :
( إن الله ينصُر الدولة العادلة وإن كانت كافرة ولا ينصُرُ الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنة)
أن العراقيين يدفعون ثمنا فادحا لسياسات كارثية أرساها الاحتلال ونفذها السياسيين ورجال الدين الجدد والتي تنذر بتقويض أسس العيش المشترك والسلم الأهلي بين ابناء البلد الواحد، وان الوقت قد حان لإصدار قانون خاص بجرائم الكراهية والتحريض عليها, وضرورة بذل الجهود لتضييق وتجفيف منابع ثقافة الكراهية ومحاسبة أي شخص أو وسيلة إعلام أو جماعة تروج أو تنشر مثل هذه الثقافة الخطرة على المجتمع العراقي وإحلال ثقافة الحوار والتسامح ومبادئ حقوق الانسان واحترام القانون وقبول الأخر ونبذ التعصب والتصدي للقضاء الرديف(قضاء العشائر وقضاء التنظيمات الدينية) الذي ينتهك استقلال القضاء، ويضعف من دور الأجهزة الحكومية في الفصل في المنازعات وتنفيذ القانون .
   ومن الموجبات، الابتعاد عن تسييس عمل منظومة تحقيق العدالة وخصوصا القضاء والعمل على عدم محاباته وانحيازه بشكل  يثير الضغينة ويذكي الكراهية الاجتماعية.
يجب ان تنقشع سحب الكراهية وتتلاشى رائحة الموت بين بني العمومة، خصوصا  في عالمنا العربي والإسلامي !!!!!فالأحقاد والتفرقة…. صناعة مزدهرة ومتوارثة وصنّاعها كثر !!!!!والكراهية، تجارة رائجة ورابحة وطلابها كثر أيضاً !!
أترانا ننتهي من دورة الموت المتوارث ؟ ومن فتاوى الدم ؟ والدعوة للكراهية والفتنة والقتل !!! ونتفق على كلمة سواء, وننتج ثقافة عصرية خلاقة غير ملوثة برواسب عصور الظلام والطائفية والسلفية العمياء ؟؟

أحدث المقالات

أحدث المقالات