بعد عام 2003 أصبحت اللاوطنية أو العمالة هي الصفة المميزة للحكم في العراق كونها أصبحت شرطاً جازماً ثمناً وضعته تلك الدول التي اشتركت في إسقاط النظام هناك ليتم من خلال توزيع السلطة والنفوذ على تلك الاحزاب حسب الولاءات والتي تفاوتت شدت نفوذها والسيطرة على صناعة القرار حسب قوة ونفوذ تلك الدول صاحبة هذه العروض، وبهذا تكون المعادلة قد تحققت وكالعادة لم تكن لصالح الوطن لا بل كانت على حساب الوطنية والمواطنة حتى وصلنا لتاريخ هذا اليوم وإذا ما نظرنا الى الخلف في تلك الايام التي مضت والتي انحصرت مابين هاذين التاريخين لوجدنا وبشكل واضح ومؤلم حجم ذلك الدمار والخراب الذي وقع تحت سقف هذا البيت فبعد ما بدأت بإتلاف البنى التحتية لتجعل من الفرد يدور على الدوام في دوامة تلك الحاجة الماسة لمستلزمات الحياة البسيطة والتي بدأت يوماً بعد يوم تتثاقل لتكلفه الشي الكثير من الطاقة الذاتية في عملية الحصول على أدنى مستويات المعيشة الامر الذي اضعف حتى حيلته للتغلب عليها ليصل الى مفترق الطرق والذي هو الهدف الرئيسي من وراء كل ذلك المخطط لهدم ماتبفى من ذلك السقف ألا وهو الانسان الذي يكمن في داخلنا، وهنا حيث نجد ذلك التحول بات مسرفاً في معطياته لنشهد بذلك ولادة اجيال لم نكن نعرفها سلفاً ولكن سمعنا عنها من خلال تلك القصص التي كانت تروى لنا والتي غالباً ما كانت خواتمها تحث على النصح وتأمرنا بالحفاظ على مانملكه من قيم ومثل تتمثل بها إنسانيتنا من تلك التي وهبها الله لنا لتكون عوناً لنا في مواجهة مشقة هذه الحياة.
>
> وللوقوف عند هذه النقطة تتجلى أمامنا مشاهد كثيرة انعكست وعكست السلوك الانساني حتى حولت ماهو غير طبيعي ومانرفضه قطعاً الى أمراً مقبولاً وطبيعياً والأمثلة على ذلك كثيرة فالسرقة مثلاً أو امتلاك أشياء الغير أو من تلك التي تعود ملكيتها للجميع اصبحت محل تفاخر ويشار له بالبنان من يقدم على فعلها، وكذلك هو الحال في الاعتداء على حقوق الآخر حتى وصل الامر الى وضعها تحت أُطر وشرعنتها لتحمل صفة قانونية لايمكن التجاوز على أصحابها وبذلك تكون قد وفرت لأدواتها نوعاً من القوة التي تبطش من خلالها بمعارضيها ، لتستمر عملية الهدم وفِي كل الاتجاهات حتى أخذت معاولها تضرب وبشدة مواطن العلم والاخلاق والترات وغيرها من تلك القيم المجتمعية التي ترقى بها الامم لتصل بِنَا الى مفترق طرق اخر والذي يمكن ان نطلق عليه اسم النتائج والتي تبدأ عملية زرعها هنا على ذلك الركام والخراب لتولد كل ماهو دخيل على القيم الانسانية وكل ماهو رقيع لياخذ دوره ويتبلور تحت مصطلحات حديثة وامراض عصرية قد تكون عاشت في عصور قديمة تحت سقف الجهل فنجد هنا عودة القبلية والطائفية تستشري ليولد من رحمها الارهاب الذي يفتك بكل شيء مولداً هو الاخر صبغة التخلف والابتعاد عن العلمية والعودة للإيمان بالأساطير ليصبح أمراً وارداً ونافذاً وأرضية خصبة لصناعة الآلهة البشرية التي تتمثل في شخصيات الحكام والامراء الذين يقودون الناس كالقطيع الى المجهول.