حتى نعلم طبيعة وحجم المسؤولية التي يُلقيها الغدير على عاتقنا علينا أن نسال أنفسنا ماذا تعلم العالم من الغدير وسبر أسراره العميقة ,فهل هي فرحة بعيد مثل الأعياد التي سبقت حدوثه كعيد الأضحى أوعيد الفطر أوعيد الجمعة أم أنه شيء آخر يختلف ,ولعل الأنسان المميز يفهم أو قد لايفهم أحتمالات واردة ولكن مانريد قوله بان يوم الغدير ليس حادثة وقعت في ذلك اليوم وأُمِر بتبليغها فحسب بل هي تعني الالتزام بهذا الامر من حيث التخلق بهذا اليوم والتمسك به بما له من منهجية راسخة تمثلت في لزوم الطاعة لذلك الشخص العظيم الذي وجب التبليغ له من قبل رسول الانسانية بحيث اقتضى الامر بانه ان لم يُبّلغ فان عمله في التيليغ الرسالي على طول السنين هي سدىً ,فما أعظم هذه الرسالة ,هي رسالة التوحيد والعدل وكل القيم الاخلاقية والعلمية والرسالية تمثلت في هذه الشخصية النادرة , ومن الممكن ان نقول هل يعني ان تعيين الخليفةلاجل الاحكام ام ان هناك شيء اخر؟ولعلنا نعلم بان الاحكام وبيانها قد بينها رسول الانسانية أو انه تعيين الخليفة ملازمة عقلية, اذن فالحاجة للخليفة لكي يطبق القوانيين ويفعلها في العالم الخارجي فالحياة مسيرة هكذا فوضع القوانين مجردة من التطبيق لافائدة مرجوة منها ,وان الاسلام قد وضع اسس نسير عليها وبما أن هناك قوانيين تشريعية فبالتالي نحتاج الى ادوات تنفيذية تُسيّرنا وفق ضوابط الشريعة ,فولي الامر هو المنفذ والموجه وعلى طول الدهور وكما هو الان في عصرنا هذا فولي الامر المتمثل بالمرجع الرسالي الجامع للشرائط التي حددتها الشريعة له هو يكون الفيصل والنتاج الفعلي بحيث يكون فهمنا للغدير يعني تحقيق الرفاهية وتوسيع نطاقها، وبلوغ التقدم والرقي وعمران المجتمعات الإنسانية، الغدير يعني المساواة بين الممسكين بمقاليد الاقتصاد والمال وبين باقي أفراد المجتمع، والقضاء على الطفيلية والعصابات. فثقافة الغدير تستلزم تذكير الحكام المسلمين بمسؤولياتهم الخطيرة تجاه آلام الناس وفقرهم في ظل حكوماتهم، وضرورة إقامة العدل والتعاطف مع آلامهم وعذاباتهم، والسعي بجد من أجل تأمين الرفاهية والعيش الكريم لهم, وهنا تتجلى عظمة الغدير أكثر فأكثر، وتسطع أنوار القيم والتعاليم السامية التي يحملها يوماً بعد آخر، تلك القيم التي تؤمن التوازن السليم بين المتطلبات الروحية والعقلية والمادية والمعنوية للبشر، لتحقق السعادة للجميع أفراداً ومجتمعات حكاماً ومحكومين.