لقد تعودنا على الأنقسام في كل أستحقاق عراقي ،،، وبسبب التناقضات التي تملأ المشهد فأن معظم خلافاتنا تأخذ طابعاً عاطفياً بين مؤيد ومعارض لهذه الفكرة أو تلك ،،تَتَعارَضْ الجهود وتَتَبدد الطاقات بدل أن نتحاور ونتفق على المشتركات لخدمة الفكرة الأمثل ( العراق الأفضل ) الآن بعد كل هذا التَيْه الذي مارستهُ الاحزاب الحاكمة وبالخصوص الاسلامية ( الدعوة والمجلس والتيار ) التي تتحمل المسؤولية الاكبر في أزمة الحكم والكوارث التي حلَّت بالوطن وخلَّفَت فسادا وخراباً وفقراً على كل المستويات وأزمة ثقة مستعصية وقطيعة كاملة بين الشعب والطبقة السياسية ووصلت الأمور الى خط اللاعودة ،،، نحتاج الى حركة تصحيحية شاملة وهذه لن تتم الا بأسترجاع الشعب لسلطتهِ عبر الممارسات السلمية التي يكفلها الدستور … التطور الاخير الذي حصل وأثار جدلاً واسعاً هو التحاق التيار الصدري بالتظاهرات .هذا الموقف الذي ادّى الى انقسام الشارع ،، بين مُشكك بالنوايا ويتهم التيار باقتناص الفرصة والقفز من السفينة الغارقة ،، وبين من تَعوَّد الوقوف على التل تاركاً الاحزاب الحاكمة تستنزف بعضها بعضاً في الصراع على السلطة ( فخار يكسر بعضهُ) ،، وآخرين لديهم أرتباطات حزبية أو موقف مُسبق من التيار وزعيمه هؤلاء لايجيدون غير السب والشتيمة .. وطرف آخر بعثي وأنتهازي ومعادي للوطن التحق بالتظاهرات ودعمها بقوة ليس حبا بالصدريين أو بهدف التغيير بل سعياً لركوب الموجة وأحداث التخريب ،،، كل هذه الاطراف بالأضافة الى جمهور التيار الصدري الذي في أغلبهِ لايتقبل النقد ويعتبر تعليمات سيد مقتدى و بيانات التيار نصا مقدسا غير قابل للنقد والحوار ،،،في وسط كل هذه الساحة الملغومة والمشحونة بالمواقف والعواطف علينا أن نتحرك كمستقلين ونعطي رأياً صريحا ومعتدلاً بتطورات الاحداث ،،،، أعتقد أن أجتماع البعثيين الاخير وبيانهم المحمَّل بالثأرية والأحقاد يُعبِّر عَن إنتهازيتهم ونيَّتهُم ركوب موجة الحراك الشعبي في هذه المرحلة ،، لذا أجد من الخطأ تكرار سيناريو 2004 عندما تُرِك التيار الصدري لوحده في الميدان لتُستثمر تحركاته ويُسرق جهده من أعداء العراق من الجوار العربي والبعثيين الصداميين … علينا ان نتفاعل بشكل أيجابي مع النوايا الحسنة التي أعلنهاالصدريين و مثلما أنتقدنا التيار سابقاًبسبب ممارساتهُِ في السلطة ، مازلنا نعتقد أنَّ قيادة التيار الصدري مُطالبةً بعددِ من الاجراءات لكي تَستَعيد ثقة الشارع وتطمئنهُ حتى نضمن مشاركة مُعظَم الشرائح التَوّاقَة للتغيير ،،،، أهم هذه الاجراءات : ١- التأكيد على سلمية التظاهر والحفاظ على مؤسسات الدولة وعدم الانجرار الى مساحة من العنف مهما حصل من تطاول مقصود أو مُدبر و مدسوس .. ٢- إبعاد كل عناصر التيار المتهمة بالفساد عن التظاهر ،، لايمكن لأدوات الفساد والفشل أن تدعوا لدولة الأنسان …٣- وضع أمن البلد فوق اي أعتبار وأصدار أوامر بوقف خلافات التيار مع فصائل الحشد الاخرى حتى يطمئن الشعب أن معركتهِ ضد الفساد لاتؤثر على جبهة الحرب على الأرهاب .. ٤- التذكير بجرائم البعث وتحالفه القائم مع الارهاب في كل خطبةِ وبيان لكي نُحصِنْ التظاهرات من عناصر البعث المجرمة التي بدأت تتحرك لركوب الموجة حتى تُخّـرِب ماتبقى من الوطن .. ٥- التأكيد في كل البيانات والخطابات على دعم التيار الصدري للدولة المدنية وضمان الحريات والاشارة الى أخطاء تجربة الاسلام السياسي في الحكم ،،٦- على قيادة التيار ان تُطمئِنْ شركائها في التظاهر بأنَّ الأحتجاجات في هذه المرة لن تنتهي كما حصل سابقاً بصفقة أو بتدخل أقليمي للتهدئة و ستستمر إلىٰ أن تتحقق اهدافها المُعلنة بالتغيير السلمي المنشود …هذه الاشتراطات أجدها مهمة لطمئنة الشارع لنوايا التيار ودوره في التغيير المنشود ،،،أتمنى ان تنفتح الاجواء الوطنية للحوار بصوت عالي وبنوايا حسنة دون ان تُحتكر الوطنية من قبل طرف دون الآخر ، وان نلجم الاصوات الحزبية المحنطة من كل الاطراف التي تركت معاناة شعب بكاملهِ واختارت ان تدافع عن الطغاة وعصابات المال السحت . . أعتقد أننا امام مفصل تأريخي مهم يحتم علينا الابتعاد عن الخطاب العاطفي والاستفادة من أخطائناالسابقة ، ،،ظروف البلد صعبة ولا اعتقد انها تُحَل عبر صفحات التواصل الاجتماعي ،، نحتاج أن نتفاعل بشكل حقيقي مع شارعنا السياسي لكي نَستَثمِر كل المستجدات والمُعطيات الجديدة لتصحيح المسار الديمقراطي وأسترجاع حقوقنا المغتصبة ….