8 أبريل، 2024 1:58 ص
Search
Close this search box.

مسؤولية ودور المنبر الحسيني في النهضة القرآنية

Facebook
Twitter
LinkedIn

يعتبر المجلس الحسيني الركيزة الأساسية واهم مصاديق الشعائر الحسينية على الاطلاق ، لما يشكله من المنبر من وسيلة تواصل إعلامية مباشرة لنشر معالم الدين الاسلامي وسيرة وسنة الرسول الاكرم واهل بيته الطاهرين (صلوات الله عليهم) ، بالإضافة الى بيان خصائص المذهب الشيعي والتعريف بالنهضة الحسينية واهم احداث فصولها التاريخية والمأساوية .

وبالمجمل يشكل المنبر والمجلس الحسيني اهم وسائل الاعلام الاسلامي عموما والشيعي خصوصا ، ولذلك حرصت المؤسسة الشيعية الدينية في العقود السابقة على الاهتمام بالمجلس الحسيني ونشر الخطباء في مواسم الوعظ والارشاد في المدن والارياف ، حتى اصبح المجلس الحسيني المادة الأساسية لإحياء المناسبات الدينية ولتي يحرص على احيائها في المساجد والحسينيات والمواكب والساحات العامة من قبل كافة اطياف المجتمع وشرائحه الاجتماعية.

الا ان المنبر الحسيني شهد تراجعا ملحوظا على مستوى الخطابة في السنوات الأخيرة نتيجة لأسباب عديدة يجب مراجعتها والعمل على معالجتها ونذكر منها على سبيل المثال :

1- افتقاد الكثير من الخطباء للمؤهلات الثقافية اللازمة .

2- غياب دور المؤسسة الدينية على مستوى الرقابة والتطوير للخطاب الحسينية والخطباء .

3- عدم المام اولئك الخطباء بأساليب الخطابة الناجحة والتجارب الرائدة في الخطابة المنبرية والاقتداء بروادها .

4- عدم مواكبتهم للأحداث والتطورات وقصورهم عن التفاعل مع تحديات الواقع المعاصر والهجمة الشرسة ضد الاسلام .

5- بالإضافة الى التحجيم المقصود من قبل بعض الجهات الدينية التي تحاول ابراز بعض الطقوس والفعاليات الاستعراضية المثيرة للجدل على حساب دور المنبر وحضوره في احياء ذكرى النهضة الحسينية في شهرين محرم وصفر .

6- واهم تلك الاسباب هي تغييب الحضور الفاعل المطلوب للقران الكريم في الخطاب الحسينية.

وفي ظل هذا التقصير في الخطابة المنبرية ، أكد المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي في عدة خطابات ولقاءات وتوصيات على أهمية الاهتمام بموضوع الخطابة الحسينية وأعداد الخطباء على الصعيدين العقائدي والثقافي ، لما يشكله ذلك من أهمية على صعيد الحضور العام للدين والحوزة في المجتمع الإسلامي ، وكواجهة إعلامية عالمية للإسلام والمذهب الشيعي ، وحرص مؤسساته الدينية على إقامة المؤتمرات والدورات التطويرية للخطباء ، ويبرز سماحته أهمية الخطابة وتأثير الخطيب الناجح جاء ذلك خلال كلمة أرتجلها بجمع من خطباء الجمعة والمنبر الحسيني الذين شاركوا في ورشة لتطوير قابليات الخطباء أقامتها مؤسسة الصلاة والمنبر بمكتبه في النجف الاشرف : ( فنجاح الخطيب أنما هو نجاح للدين والحوزة العلمية والمجتمع) ، كما يؤكد على أن الارتقاء بالمنبر والخطابة الحسينية يكون من خلال ضرورة اهتمام المؤسسة الدينية بهذا الملف المهم (لابد من التكاتف لدعم ملف الخطباء والتبليغ الديني) ، بالإضافة إلى استحضار تجارب المدارس الخطابية المؤثرة .

وأستذكر سماحته نموذجا يحتذى به لكل الخطباء الذين يسعون للارتقاء بالمنبر والخطابة الحسينية وهو نموذج الشيخ الوائلي (رض) وخصائص مدرسته الخطابية ، ومحورية دور القرآن الكريم فيها ، وهو ما أضفى الرصانة والشمولية على خطبه ومجالسه الدينية التي كانت مزيجا من الوعظ والإرشاد والعلم والتوعية الدينية والأخلاقية ، ومنبرا للرد على الشبهات والاشكالات التي تطرح للتشكيك في الإسلام والتشيع ، ويصف المرجع اليعقوبي في حديثه معالم مدرسة الشيخ الوائلي المنبرية بإيجاز بالقول : (من المدارس الخطابية المؤثرة التي لا زالت بركاتها مستمرة هي مدرسة عميد المنبر الحسيني الشيخ أحمد الوائلي (رحمه الله) تعالى ، الذي اعتمد اسلوباً جديداً في وقته وهو افتتاحه المحاضرة بآيات القرآن الكريم ، ويبدأ بشرحها ، وتفسيرها ، وعرض الدروس المستفادة منها ، وصولاً الى موضوعة النهضة الحسينية ، وهو من الاساليب الناجحة )

ان هذا التأكيد والحرص من المرجع اليعقوبي على دور القرآن الكريم في المحاضرات الدينية والمجلس الحسيني على وجه الخصوص ، نظرا لما يشكله ذلك الحضور من أحياء للكتاب الكريم وبيان معانيه ومعالجة القضايا والمواضيع الاجتماعية قرآنيا ، ومواجهة التحديات الفكرية والثقافية التي يتعرض لها المجتمع الإسلامي من الداخل والخارج ، بالإضافة إلى إبراز الهوية والثقافة القرآنية ومحورية القرآن في النهضة الحسينية المباركة ، ولذلك يرى سماحته أن سمة الخطيب الناجح وصفة المنبر الواعي هي ان يكون القرآن الكريم محورا اساسيا في خطابته ويعبر عن ذلك في معرض توجيهاته لخطباء المنبر بقوله : ( فمن يريد النجاح بالمنبر الحسيني عليه ان يجعل القران اساسا لخطابته)..

وفي ظل تكرارا انتهاك حرمة القرآن الكريم والاساءة للإسلام واستفزاز المسلمين في الدول الغربية كالسويد ، وفي معرض بيانه لأساليب الرد العملي على هذه الاساءات في خطابه الموسوم بـ (الرد الحاسم على أعداء القرآن الكريم) بين سماحة المرجع اليعقوبي أن من أهم أدوات ومظاهر النهضة القرآنية المطلوبة للرد على تلك الاساءات هي ( أن يجعل الخطباء مادتهم في المجالس والمحاضرات من تفسير الآيات الكريمة، واستلهام الدروس والعبر منها، وبيان القضايا العقائدية والأخلاقية والاجتماعية وغيرها التي تتناولها، وهو منهجنا في تفسير (من نور القرآن) واخترنا منه أربعين مجلساً قرآنياً في كتاب (المعارف القرآنية والمنبر الحسيني) ( .

أن نشر المعارف والثقافة القرآنية يجب ان يكون من أبجديات المنبر الحسيني واولويات الخطباء خصوصا في الموسم الحسيني في شهر محرم وصفر ، فالقرآن وأهل البيت (عليهم السلام) صنوان لا يفترقان بنص الرسول الاكرم (صلى الله عليه واله) في خطبة الوداع ، والامام الحسين (عليه السلام) ونهضته الاصلاحية الخالدة أنما انبثقت من روح القرآن وآياته الشريفة ، واستجابة لمبدأ وتشريع قرآني حثت عليه السور والآيات في الكثير من مواضع الكتاب الكريم ، في إشارة الى أهمية هذه الفريضة الإلهية وهي ( الامر بالمعروف والنهي عن المنكر) ، ومن أولى بالحسين (ع) للنهوض بها والاستجابة لها ، فالخطيب العاجز عن بيان معاني آيات القران وتوظيفها لاستنهاض وأحياء الاسلام في نفوس المجتمع الاسلامي هو خطيب عاجز ، والمنبر الذي لا ذكر فيه للقرآن ، هو منبر لا يمثل الامام الحسين (ع) ولا يجسد أهداف نهضته المباركة

[email protected]

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب