تنبعث الاحزاب الثورية في المجتمعات كافة من التراب الوطني والقومي لهذه المجتمعات ان كانت شعوب متاخية تعيش على ارض واحدة او من امم حية وغير حية كحركات تحمل اهداف رسالية الغرض منها اعادة تشكيل الواقع المعاش الذي يعاني المشاكل والازمات المزمنة التي تحول دون تحقيق تطلعات جماهير هذه المجتمعات لغد افضل ، وانبعاثها ياتي دائما على يد نخبة مثقفة من ابناء الشعب تمكنت من دراسة الواقع دراسة علمية تحليلية معمقة وعملت على البحث عن البدائل الممكنة والتي تضعها ضمن اهداف ستراتيجية قابلة للتحقق وبما ينسجم مع الواقع المعاش ، يلتحق بهذه الاحزاب الجماهير الشعبية بطبقاتها المختلفة من مثقفين وعمال وفلاحين وعسكرين وطنيين كقوة فاعلة يتم تعبئتها تعئبة نضالية ثورية حقيقية لتحقيق اول الاهداف وهو هدف الانعتاق من اي شكل من اشكال الهيمنة الاستعمارية وطابور المستعمر المنصب رغم ارادة هذه الجماهير والذي يتلاعب بمقدرات البلاد والعباد بمكر وخداع وتحت غطاء المستعمر المباشر وغير المباشر والذي يسرق حصة الاسد من الخيرات ويترك الفتات لطابوره الخامس.
لقد قامت الاحزاب الثورية بدورها الثوري عبر رحلتها النضالية التي انطلقت بعد الحرب العالمية الثانية بعقيدتها وشعاراتها ونضال منظماتها العاملة على امتداد الساحة العربية بتحريك الجماهيرالشعبية وعلى راسها ضباط القوات المسلحة في الاربعينيات والخمسينيات من هذا القرن للقيام بدورها التاريخي الوطني والقومي الذين كان لهم الدور الحاسم في الانتصارات التي حققها الشعب العربي في مختلف الاقطار ضد الاستعمار المباشر ونفوذ العملاء الذين تحكموا بالشعب وقوته معتمدين على سيدهم الاجنبي.
واليوم اذا تتعرض الاحزاب الثورية لاخطار التشويه والاجتثاث بعد ان تمكن الاستعمار بثوبه (الديمقراطي) الجديد من تحشيد قوى الشر العالمية وفي مقدمتها الاسلاموين للنيل من تجارب الاحزاب الثورية ومنجزاتها عبر اكثر من خمسين سنة من الكد والعرق وبوسائل خبيثة اولها التامر على الثورات التي حققت المنجزات على طريق تحقيق الاهداف الستراتيجية بهدف اجهاضها واخرها الاحتلال المباشر والذي سيكون مقدمة لخطوة قادمة وهي تقسيم جديدة اكثر خبثا من تقسيم معاهدة (سايكسبيكو) سيئة الصيت.
ماهو المطلوب اليوم من الاحزاب الثورية في الوطن العربي وهل هي مؤهلة لتحمل مسؤولياتها وخوض شرف المجابهة من جديد ؟
ان مسؤولية الاحزاب الثورية الاساسية اليوم هي الدفع باتجاه المقاومة الشعبية المسلحة واعادة تحريك قوى الشعب الكامنه وتعبئة الجماهير على امتداد الوطن العربي الكبير وفي المقدمة منها جماهير شعبنا في العراق المحتل للنضال وتعميق وعي هذه الجماهير باهدافها وكشف الزييف الذي تتعرض له تطلعاتها في التحرر والانعتاق والتوحد وتحقيق العدالة الاجتماعية ، فالانتصار الشعبي الذي تهدف الى تحقيقه الاحزاب الثورية على امتداد الارض العربية المحتله بشكل مباشر وغير مباشر ياتي عبر نضال شاق وطويل ينبثق عنه وحدة شعبية تناضل بثبات وعزيمة ونكران ذات لتحقيق انتصار على المستعمر الجديد وبجنسياته المختلفة وتحت اي عباءة يختفي وسحق طابوره الخامس الذي لايؤمن بالشعب .
ومسؤولية هذه الاحزاب هي الكشف عن التامر وتحطيم المحاولات التي تستهدف وحدتها وصمودها ، بنفس القوة التي تندفع فيها باتجاه مجابهة المحتل من اجل انتزاع حرية شعبها الكاملة ، والمجابهة التي يجسدها في الواقع مناضلوا هذه الاحزاب تشير الى ملاحمها البطولية وتضحياتها الجسيمة من اجل تحقيق اهداف الشعب في رمي المحتل وتابعيه الى سلة النفايات ، ووتشير الى جهودا دائبة من اجل البناء العقائدي الثوري وتوسيع افاق النضال باستمرار ، فالمرحلة التي تمر بها امتنا تتطلب وعيا نضاليا بمستوى جديد ، تتطلب وعيا لاهمية الاحزاب الثورية في انتصار مقاومتها الشعبية المسلحة ، ويقظتها لاحباط محاولات ضربها من الداخل .
التحية واجبة لكل الثوار في السجون والمعتقلات ، الذين يواجهون ببطولة احكام الموت و يتحملون الام التعذيب والتوقيف ، تصميما على رفع مستوى النضال البطولي ومن اجل الانتصار ، ان الوعي لطبيعة المرحلة التي تمر بها الاحزاب الثورية ، والروح الخلاقة ، والاستعداد الدائم للتضحية هو الطريق الذي يغذي نضالها في المعركة المقدسة وضمان صلابتها وقدرتها على تحقيق الانتصار .