تسع سنوات وتسعة اشهر،عمر سقوط النظام وبزوغ فجر الديمقراطية وارض العراق تسقى بالدماء حتى ادمنت، شاهدنا جميع طرق الموت، تقطيع تثقيب كاتم حارق خارق مذبوح مصلوخ، جميعها، ولم يحجب عن الموت طفلا رضيعا ولا شيخا طاعنا في السن ولا امرأة، ولم تسلم شجرة ولا منارة ولا اجراس ولا الملاهي ولا البارات، وفي جميع مناسبات الموت، وما اكثرها، يطل علينا بعدها المسؤول ليبلغنا بان الارهاب يلفظ انفاسه الاخيرة!!.
الخرق الامني يدل على امرين احلاهما مر، فاما ان يكون الارهاب قادر ومستطيع ويتحرك كيفما شاء وقت يشاء واما ان القوات الامنية عاجزة عن مواجهة الخروقات رغم انتشارها الكثيف وتعطيلها لبعض مظاهر الحياة وتحويلها الى حياة بوليسية صارمة تزداد فيها سطوة العسكر وتقل فيها ظواهر المدنية والتطور، ولم يكن حرمان المواطن من ممارسة حياته بصورة اعتيادية وكاملة بسبب حظر التجوال الذي يقتطع جزء مهما من حياة البغداديين الذين اعتادوا ان يمارسو طقوسا معينة فيه كخروجهم الى التنزه والترفيه عن النفس وارتيادهم الحدائق العامة والخاصة برفقة عوائلهم، مع هذا لم يكن الحظر حائلا دون ردع الارهاب وتقويض الخروقات، كما لم تستطع المليارات التي صرفتها الدولة من اجل استباب الامن كافية للوصول الى مستوى مقنع.
ذكرت بعض وسائل الاعلام الاجنبية شهادة احد المسؤولين لدولة جارة ترتبط مع الحكومة باواصر قوية، ان البعض من المسؤولين العراقيين المعروفين ساهموا بتحقيق اجندة تلك الدولة التي تعلن عداءها للولايات المتحدة الامريكية من خلال اشغال القوات الامريكية بتأزيم الوضع داخل العراق، ويضيف المسؤول المنشق عن حكومته والذي يتخذ من واشنطن مقرا له ان المسؤولين العراقيين يشتركون في صنع القرار السياسي ولهم من التأثير ما يؤهلهم الى تحقيق مبتغى تلك الدولة بسهولة ويسر وحسب ما تشتهي…وللانصاف فان الصحيفة الاجنبية اعلنت التدخل من جانب دولة واحدة والحقيقة ان هنالك دولا، او بالاحرى، لا يخلو العراق من تواجد لجميع دول المنطقة وعلى وجه الخصوص ايران والسعودية وقطر، لما لتلك الدول من عداء مبطن اساسه طائفي فضلا عن الرعب الذي تفرضه ايران على المنطقة واحتمال امتلاكها سلاحا نوويا يهدد الامن والاستقرار.
وما يهمنا في شهادة المنشق كيفية تعاون المسؤولين العراقيين في تدمير بلدهم ارضاء لبلد اخر وتعريض ابناء بلدهم الى القتل والفقر والحرمان، اما ما الداعي في ان يرتضي هؤلاء لان يكونو بيادق بيد تلك الدولة؟ فلانها مصنع الحكومة وبتأييدها ومباركتها تعتلي الشخوص دفة الحكم، وبخلافه يتعرض للأذى الذي قد يوصله الى السجن والمطاردة، وهذه حقيقة لا تزعج الساسة لانهم يعترفون جميعا بوجود تدخل في الشأن السياسي الداخلي ليس المعارض للحكومة فقط بل وحتى الحكومة نفسها تقر بوجود اياد خفية تحرك خيوط اللعبة وتنفذ في جسد القرار العراقي.
وبالعودة الى الملف الامني المرتبك نستطيع الاستدلا على الضعف والارباك في الامرين اللذين تم ذكرهما انفا ويضاف لهما الساسة المرتبطين بالخارج الذي يقع على عاتقهم تنفيذ ما يطلب منهم دون نقاش كي يضمنوا بقائهم في هرم القرار الذي يعود عليهم بفوائد عديدة اهمها الغنى الفاحش.
[email protected]