أفكار الشرفاء والأحرار في العالم، لا يمكن أن تنضب أو تموت، لأن سر خلودهم في دمائهم، التي سالت من أجل الأخرين، لذا كانت المظاهرات، بداية الشرارة لإطلاق صيحات الرفض، للفساد والفاسدين، وإستمرارهم في مناصبهم، وبروجهم العاجية الكاذبة.
المتظاهرون بأصواتهم الواثقة، تستند لتوصيات المرجعية، التي نادت بضرورة مكافحة الفساد بأنواعه، وعليه فمن اللحظة الأولى، شعروا بمدى قباحة السراق، وعليهم تغيير الوضع، نحو الافضل.
الفاسدون المجنحون، بملايين الدولارات، حشروا داخل صندوق مظلم، ولم يتوقعوا مصيرهم الأسود هذا، لأنهم يقولون ما لا يفعلون، وهم جاهلون بما فيه، ولم يدركوا بما في جعبتنا، وكأنهم لا يعرفون القراءة، رغم مكاتبهم العامرة بأنواع الكتب، فكان في أيدينا شيء نرجع به الى أجيالنا، لذا سنحاسبهم بكلام المرجعية، ونحن مسرورون بما سيحدث!
إن ليلة خروج المزامير الحرة، من أزقتها الى الشارع، والمطالبة بالحقوق والخدمات، تعد ثورة بيضاء، من طراز خاص، لأنها رسائل حديدية، بمضمونها القائل: لا يضيع حق وراءه مُطالب، فيجب محاكمة القتلة والسراق، الذين كشروا أنيابهم عقداً من الزمن، وكانوا كلما يدعون الصدق، كلما يكذبون أكثر، لذا فقد أعلنت لحظة الإنتصار!
عندما تؤذن الأرض، بالفجيعة والرحيل، مغلوبة على أمرها، فلا بد لها من رجال شرفاء، يحيوا إرثها، وتطالب بمستقبلها المجهول، والذي عبثت به أجندات الفاشلين والخونة، من حكومات ما قبل التغيير، حيث باتت تعيش كابوساً حقيقياً، ومع وجود نوايا صادقة، سينطلق اليوم الإبداع والصدق في المحاكمة، وعندها سيقبر المفسدون والطغاة الى الأبد!
يبقى الصمت الأعظم، هو محاكمة الفاسدين، ليرتقي العراق بحشده الشعبي، من أجل الأمهات وبحشده المدني من أجل الخدمات!
عبارة صمت قراتها، في إحدى الصحف العربية، وقد راقت لي كثيراً، لأن الممر السياسي في العراق مليء، بالدماء والأشلاء، والسراق يشيدون بؤراً عاجية، لملايينهم المضرجة، بأوجاع الثكالى والأيتام، وكل هذا وهم مندهشون، بأن داعش تتمدد على حساب الأرض، والعرب يتفرجون، واللصوص على راحتهم ينهبون، لكن المتظاهرين قادمون بأصواته،م ومزاميرهم الوطنية!
ختاماً “هناك من يصمت حتى لا يجرح أخيه، وهناك من يصمت لأنه يتألم، وكلامه سيزيده ألماً، وهناك من يعلم، أن الكلام لن يفيد إذا تحدث، وهناك من يصمت وقت غضبه، حتى لا يخسر أحداً” .