22 نوفمبر، 2024 7:14 م
Search
Close this search box.

مزاد الأقاليم والحل السحري ؟

مزاد الأقاليم والحل السحري ؟

بين الرافض والمؤيد لدعوات إقامة الأقاليم في محافظات البصرة ونينوى والأنبار وصلاح الدين وديالى يضيع المواطن في تصويب بوصلته إن كانت مع أو ضد مثل هذه الدعوات، وهل الأقاليم هي الحل السحري لمشاكل العراق والمفتاح الذهبي لبدء صفحة جديدة من حياتهم بعد أن تعكرت بالإرهاب والعنف والجريمة المنظمة ونفذت فيها مافيات سرقة المال العام بطرق مبتكرة وغبية بددت ثروات العراق التي لا تعد ولا تحصى في الحصول على المكاسب الشخصية التي أتخمت جيوب طبقة المنتفعين فيما وسعت مساحة الفقر وعمقت فجوة التقدم الى امام لمواكبة دول العالم وتأمين الحياة الحرة الكريمة لأبنائه.
دعوات إقامة الأقاليم حتى الآن تراوح مكانها إن صح التعبير وهي لما تزل متخندقة في عقول البعض من المتحمسين والداعين لها مدعومين من بعض وسائل الإعلام المتاحة التي تروج لهم وتبث تصريحاتهم الرنانة، وهؤلاء يعتقدون إن الأقاليم هي الحل، في الوقت الذي نرى ونسمع إن عموم الشعب يقف بالضد من تشكيل الأقاليم كفكرة فكيف أذا تجاوزت الحدود الى أبعد من ذلك.
لقد شرعن الدستور العراقي الذي كتب عام 2005 على وجه السرعة لملء الفراغ الحاصل عن تدمير دولة العراق عن بكرة أبيها، شرعن إقامة الأقاليم عبر الأستفتاء وبذلك حث شرائح من الناس على التفاعل مع الفكرة والعمل على تطبيقها كمادة دستورية دون إن تكلف نفسها على التمحيص فيما أذا كانت هذه الأقاليم خطوة بالأتجاه الصحيح أم إنها مقدمة لتقيسم العراق والغائه من الخارطة، أيضا هل ستكون الأقاليم قادرة على أدارة نفسها ذاتيا أم إنها ستقع في شر أعمالها وتدخل حلبة الصراع داخل حدودها مرة ومع الإقليم المجاورة والحكومة الاتحادية تارة أخرى، ثم ما مدى قدرتها على استيعاب وجودها ضمن حدود دولة ديمقراطية اتحادية تلتزم بصلاحياتها على وفق الدستور وتلتزم بقرارات الحكومة الاتحادية.
إن أشد المؤيدين لفكرة الأقاليم من القوى الديمقراطية ومن الطبقة المثقفة والتي يصح إن نسميها وطنية ومخلصة تشكك في إمكانية إعلان أي اقليم في ظروف كالتي يشهدها العراق في الوقت الراهن وهي معروفة للجميع، ومن هنا نجد إن الغالبية العظمى الآن مع تعبئة طاقات الدولة والشعب بأطيافه كافة بوجه التحدي الأكبر في التصدي لمعركة اعادة هيكلة الدولة ومكافحة الفساد واعادة الاعمار وتسديد الديون، وفي المحافظة على النظام الديمقراطي بعد ترميمه من خلال الاستجابة لمطالب الشعب في الاصلاح الشامل ، لذا من المخجل حقا أن يتمادى البعض في الصراخ عاليا لتحقيق أهداف غير واضحة تماما في جو صاخب.
أعتقد أن من الصواب في وضع مشوش كهذا أن يأخذ مجلس النواب المبادرة في تبني مسودة قانون يمررها الى الحكومة والرئاسة توقف مفعول هذه الفقرة لحين تعديل الدستور، لتنهي بذلك جدلا بيزنطينيا بين السياسيين المتحمسين للأقاليم وغالبية الشعب التي ترفضها حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود ويكون العراق قد إستعاد عافيته سياسيا واقتصاديا ويكون الحس الوطني قد غطى على المناطقية والطائفية والقومية والمسميات المشابهة.

أحدث المقالات