23 ديسمبر، 2024 4:37 م

مزاحم الخياط الإنسان والطبيب

مزاحم الخياط الإنسان والطبيب

مزاحم الخياط طبيب عراقي من نينوى،هو من امهر الجراحين العراقيين، لم أنل الشرف بلقائه بعد ،ولكنني اعرفه قدر معرفتي لنفسي،فأينما اذهب أجده حديث الناس بتواضعه وإنسانيته الفائقة ،ورقة مشاعره ، ودفق عواطفه ،مزاحم الخياط يفتح أبواب عيادته المتواضعة في المجموعة الثقافية للفقراء والمرضى منهم ،من لم يستطع دفع أجور العيادة أو العملية دون أن يأخذ منهم فلسا واحدا، ويخصص من جيبه الخاص مبلغا لمساعدة المحتاجين ممن يراجعونه في عيادته لمساعدتهم ،هذا ليس موضوعنا عن مزاحم الخياط فهو كفاءة عراقية استثنائية نادرة ،تعرض قبل أكثر من عامين الى اعتداء وحشي غادر ،استهدفه ضمن مسلسل استهداف الكوادر العلمية والكفاءات الطبية النادرة في العراق لإخلاء العراق منها،وحرمان العراقيين من هذه الكفاءات،إلا أن معجزة إلهية أنقذت حياة الدكتور مزاحم الخياط ،وخرج سالما معافى بأمر الله ،وخذل الله سبحانه وتعالى أعداء العراق والعراقيين،يقول عنه صديقه الدكتور نجمان ياسين أن مزاحم الخياط لشدة حبه للعراق وعمق التصاقه في مدينته رفض مغادرة العراق رغم إن الكثير من محبيه عرضوا عليه مغادرة العراق للحفاظ على حياته، فكان يتعلل بأنه مثل السمك لا يستطيع العيش خارج الماء  ،فكيف يغادر والعراق والموصل توأمه الروحي،يسكنه العراق  كما تسكن الروح الجسد،مزاحم الخياط قامة عراقية سامقة الخلق والعلم وتواضع العلماء ،عاشق للفن والأدب ،وصديق دائم للفقراء،نشير إليه الآن ،ونحن نرى أن مهنة الأطباء قد خرجت من مسارها الإنساني ،في العيادات الخاصة بهم وفي المستشفيات،فأجور بعض الأطباء أصبح خياليا ولا يستطيع المرضى مراجعة عياداتهم ،وقد تحولوا الى قصابين وليسوا أطباء ،وحولوا عياداتهم الى مزاد علني للأجور والتسابق في رفعها والتباهي بها ،أمام محنة المرضى العراقيين الذين تعرضوا الى أمراض قاتلة وخطيرة بسبب الاحتلال الأمريكي الوحشي للعراق،وتداعياته الكارثية على العراقيين من يورانيوم منضب وفسفور ابيض محرم دوليا وإشعاعات نووية سرطنت آلاف العراقيين،مهنة الطب أصبحت مهنة للتجارة  لكل من هب ودب في هذه المهنة الإنسانية ،وصار بعض الأطباء لا يأبهون لمحنة المرضى ويتلذذون لآلامهم أمام العيادات وفي المستشفيات ،فهل ماتت الضمائر الى الحد الذي يتجاهل معاناة مرضاه ،وهناك آلاف الأمثلة الصارخة لتعامل بعض الأطباء مع مرضاهم ،بصيغة الربح والخسارة ،وينسى دوره الإنساني والأخلاقي ، نحن لا نريد أن نغمط حق هذه الشريحة المهمة في المجتمع، ولكن لا نريدهم أن يتجردوا من الحس الإنساني في معاملتهم مع المرضى والمحتاجين إليهم وهم ملائكة الرحمة والرحمة من الله تعالى،فالعراق والعراقي هو أحوج ما يكون الى اختصاصاتهم الطبية في ظرف عصيب سيسجل لهم ولا نريده أن يسجل عليهم كدالة شاذة ،ونحن نقصد بالتأكيد القسم الأكبر من الأطباء العراقيين ممن يعانى من تصرفاتهم وتعاملهم اللاانساني معهم المرضى من ذوي الأمراض الخطيرة والمستعصية، ومزاحم الخياط وقليل غيره من الأطباء العراقيين استثناء من هذا الوصف ،ومن يسال عنه في الموصل سيجد نفس الجواب ونفس الثناء،حيث حدثني عن إحدى مناقبه احد أصدقائي( فقال ذهبت برفقة شقيقتي ذات السبعة أبناء الى عيادة الطبيب مزاحم الخياط وبعد أن فحص الورم الظاهر في رقبتها، كان أول سؤاله لي ماذا يعمل زوجها  فقلت له والله(لباخ بيوت)،فقال مباشرة أن العملية تكلف أكثر من مليون وأنا سأتنازل عن أجوري وأجور كادر العمل معي  ويبقى عليكم أجور المستشفى فقط)،ويكمل صديقي فيقول لم نصدق ما قاله الدكتور مزاحم لشدة فرحنا وزوال همنا وقد نسينا والله العملية ومخاطرها ، ونجحت العملية ولله الحمد ،علما ان مجموع العمليات التي نفذها الدكتور مزاحم في يوم واحد بلغت عشرون عملية جراحية كبرى كانت اغلبها مجانا لفقراء وللمحتاجين من أهل نينوى، وبعض مدن العراق ،هذا هو الجراح العالمي مزاحم الخياط إنسانا وطبيبا ،تحية له وأخرى لمن مثله من أطبائنا العراقيين المهرة ممن يثبتون عراقيتهم وإنسانيتهم يوميا ،لنتعلم منها كيف نخدم العراق ،ونفوت الفرصة على أعداء العراق،حفظ الله مزاحم الخياط ومن يشبهه في التواضع والإنسانية والأخلاق العالية والعلم الغزير لخدمة أهله العراقيين الاصلاء،وخاب فأل أعداء العراق…