23 ديسمبر، 2024 6:49 ص

مريم العذراء .. والتقاطع التأريخي للقرآن

مريم العذراء .. والتقاطع التأريخي للقرآن

القرآن دعاها ” مريم بنت عمران ” ، وقال أنها أم عيسى ، وأخت هارون أخي النبي موسى . وهي وفق الأناجيل ” مريم العذراء ” أم المسيح – القديسة الدائمة البتولية .. ، هذا ما سأبحثه في هذا البحث المختصر مع محاور أخرى .

الموضوع : النص القرآني يسرد آيات حول مريم بنت عمران / البنية النصية مستوحاة من الأناجيل – بشكل أو بأخر ، منها ما ذكر في سورة آل عمران : ( وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ ۞ يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ / 42 – 43 ) و( إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِين / 45 ) . وقد خصص القرآن لمريم سورة كاملة بأسمها / سورة مريم – تضم 98 آية / وقد ذكر أسم مريم بالقرآن 34 مرة ، بها تفاصيل حول مريم ، يمكن أن نقول أكثر مما ذكر في الأناجيل بكثير ! : ” وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا (16) فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (17) قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (18) قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (19) قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20) قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا (21) فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا (22) فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا (23) فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24)” .
التقاطع التاريخي ، المثير للجدل ، هو الذي ورد في الآية التالية ( يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّ / 28 سورة مريم ) ، هذا ما أردت أن أسلط الضوء عليه بالتحديد ! ، مع بعض التفاصيل الأخرى .

أضاءات :
أولا – المقصود بالآية 28 أعلاه ” يا أخت هارون ” أي هارون أخي موسى النبي ! ، ولكن النبي موسى تأريخيا ، ظهر في غير حقبة زمنية ، حيث تقول المصادر ( ظهر موسى ما بين أواخر القرن الرابع عشر وبداية الثالث عشر قبل الميلاد ، وتقتصر المعلومات عنه على ما أمدت به المصادر المقدسة / نقل من موقع المعرفة ) – أي هناك أكثر من ثلاثة عشر قرنا بين ظهور النبي موسى ومريم العذراء ! . ثانيا – المدلسون من أهل التفسير يذهبون دوما الى ” الأتجاه الترقيعي ” ، فيقولون التالي / نقل بأختصار من موقع أسلام ويب – تفسير الطبري ( اختلف أهل التأويل في السبب الذي من أجله قيل لها : يا أخت هارون ، ومن كان هارون هذا الذي ذكره الله ، وأخبر أنهم نسبوا مريم إلى أنها أخته ، فقال بعضهم : قيل لها ” يَا أُخْتَ هَارُونَ” نسبة منهم لها إلى الصلاح ، لأن أهل الصلاح فيهم كانوا يسمون هارون ، وليس بهارون أخي موسى ) ، تفاسير أخرى تبين التالي ( ذكر من قال ذلك : حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق .. عن قتادة ، في قوله ” يَا أُخْتَ هَارُونَ ” قال : كان رجلا صالحًا في بني إسرائيل يسمى هارون ، فشبَّهوها به ، فقالوا : يا شبيهة هارون في الصلاح ) ، تفاسير أخرى تقول ( حدثنا موسى ، قال : ثنا عمرو ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ ” يَا أُخْتَ هَارُونَ ” قال : كانت من بني هارون أخي موسى ، وهو كما تقول : يا أخا بني فلان ) .. أما المفاجأة هو / ما قاله البعض : بل كان ذلك رجلا منهم فاسقا معلن الفسق ، فنسبوها إليه ) !! . ثالثا – أذن كل تفاسير المفسرين لم ولن يتوصلوا الى تفسير واحد مقنع ، وذلك لأنهم أمام مشكلة لا تؤول ولا تفسر ، ولا ترقع ! أيضا ، لذا لم يتفقوا على تفسير واحد مقبول !! . رابعا – ولكن في موقع / المكتبة الأسلامية ، تشدد عائشة زوج الرسول على صحة نسب مريم الى هارون ، حيث جاء في الموقع ما يلي ( حدثني يعقوب ، قال : ثنا ابن علية ، عن سعيد بن أبي صدقة ، عن محمد بن سيرين ، قال : نبئت أن كعبا قال : إن قوله ” يا أخت هارون ” ليس بهارون أخي موسى ، قال : فقالت له عائشة : كذبت ، قال : يا أم المؤمنين ، في ص 187 ، أن كان النبي قاله فهو أعلم وأخبر ، وإلا فإني أجد بينهما ست مائة سنة ، قال : فسكتت ) . * حتى في هذه النقطة ، أن الحقبة التي ذكرها كعبا ” بست مائة سنة ” غير صحيحة لأنها أكثر من ذلك بكثير ! . خامسا – وفي ذات المصدر السابق / موقع أسلام ويب ، يبين ( ” يا أخت هارون ” إنما هو حكاية لتلك المقولة التي صدرت عن قوم مريم ، وإثبات الاسم واللقب لا يدل على أن المسمى واحد . أما معرفة السبب في وصف قوم مريم لها : ” يا أخت هارون ” ، فهذا أمر آخر ، ساكت عنه النص القرآني ، وينبغي البحث عنه فيما وراء ذلك ) . * هنا المفسرون وقعوا في مشكلة معقدة أخرى ، وقالوا : أن النص القرآني لم يبين لم دعيت مريم ب ” يا أخت هارون ” !! ، والموضوع يستدعي البحث . سادسا – أما بالنسبة لمريم ، فالموروث الأسلامي يبين بأن أسمها هو ( هي السيدة مريم بنت عمران بن باشم بن أمون بن ميشا بن حزقيا بن أحريق بن موثم بن عزازيا بن أمصيا بن ياوش بن أحريهو بن يازم بن يهفاشاط بن إيشا بن إيان بن رحبعام بن داود ، وهي التي اصطفاها الله على نساء العالمين ، وأمها حنة / نقل موقعي قصة واقعية وقصص ) . * أما في العقيدة المسيحية ، فبالنسبة لأسم مريم : ( ويعني اسم مريم القادم من اللغة العبرية ” المرارة ” ، وهو من الأسماء الواسعة الانتشار في المجتمع اليهودي القديم ، وكان أول من دعي به في العهد القديم النبية مريم وهي شقيقة النبي موسى / انظر سفر العدد 59/26 ) . * ومن الممكن أن كاتب القرآن أشتبك عليه الأمر بين مريم العذراء ومريم شقيقة هارون . أما بخصوص نسب العذراء فموقع St-Takla.org يبين ما يلي ( ولدت العذراء بمدينة الناصرة حيث كان والداها يقيمان ، وكان والدها متوجع القلب لأنه عاقر . وكانت القديسة حنة أمها حزينة جدًا فنذرت لله نذرًا وصلَّت إليه بحرارة وانسحاق قلب قائلة : ” إذا أعطيتني ثمرة فإني أقدمها نذرًا لهيكلك المقدس”. ، فلما جاء ملء الزمان المعين حسب التدبير الإلهي أٌرسِل ملاك الرب وبشر الشيخ ” يواقيم ” والدها الذي أعلم زوجته حنة بما رأى وسمع ، ففرحت وشكرت الله ، وبعد ذلك حبلت وولدت هذه القديسة وأسمتها مريم .. ) ، أذن والد مريم هو ” يواقيم وليس عمران ” ! . وحول قدسية وبتولية مريم ، أنقل التالي من موقع / مريم ( أن مريم العذراء لم تعرف الخطيئة ، لا الأصلية ولا الفعلية . إنها بتول وأم ، وظلت بتولاً قبل الميلاد وفيه وبعده ، بفعل قدرة الله التي استقرت عليها بحلول الروح القدس ، هذا ما شرحه لها الملاك بعد أن قال لها ” الرب معك ” مؤكداً واقعاً حاضراً فيها ، لا مجرد دعاء . وبذلك هي مثال الأمومة والأبوة الروحية للذين واللواتي يكرسون بتوليتهم لله وللكنيسة بنذر العفة سواء في الحياة الرهبانية أم في العالم ) .
القراءة : 1 . أولا سأهمل ما قاله المفسرون حول دعوة مريم العذراء ب ” يا أخت هارون ” ، وذلك لأن كل التفاسير لا تلمس الحقيقة لا من قريب ولا من بعيد ، بالرغم من أن أحد التفاسير بين في النقطة ” خامسا ” أعلاه ، ما يلي : فهذا أمر آخر ، ساكت عنه النص القرآني ، وينبغي البحث عنه فيما وراء ذلك ! . 2 . ولكني أقول ، أن وفق العقيدة الأسلامية ، أن القرآن هو كلام الله ، هذا من جانب ، ولكن من جانب أخر ، هل الله / وهو الذي كلم موسى ، فهل من المنطق أن الله لا يعرف بأن حقبة موسى كانت قبل العذراء مريم بمئات السنين . فكيف يقول الله لمريم ” يا أخت هارون ” . 3 . أذن ليس الله من قال ذلك ! ، أذن هل أن محمدا هو الذي قال ذلك ، ولكن وفق ما ذكر بحديث عائشة وكعب في ” النقطة رابعا ” في أعلاه ، أرى ان هذا الأمر مستبعد ، وذلك لأن الرسول لا يتكلم من هواه ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾ سورة النجم : 3 ، 4 . 4 . أذن أذا أستبعدنا كلا من ” الله و محمد ” من أحتمالات ذكر ذلك في النص القرآني ، أذن من كتبه ! ، ولماذا هذه الأخطاء : في أسم العذراء ونسبها وفي بعض النصوص التي تتعلق بذاتها ! ، ولماذا الكاتب حشر هذه الأخطاء ! ، فالذي يعرف معظم تفاصيل ولادتها الأعجازية ، هل من الممكن أن لا يعرف أسمها ونسبها وحقبتها الزمنية ! .. هذه مجرد تساؤلات ، من الممكن أن يعقبها الكثير من علامات الأستفهام حول من قال لمريم ” يا أخت هارون ” . 5 . قد وصف القرآن مريم بأعظم الأوصاف منها ( يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ / 42 سورة آل عمران ) و ( وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آَيَةً لِلْعَالَمِينَ / 91 سورة الأنبياء ) ، ولكن يأتي من جانب أخر حديث لعالم دين يقول أن محمدا سيتزوج من مريم العذراء في الجنة ، فقد جاء في موقع / بوابة الشروق : ( أطلق العالم الأزهري د. “سالم عبد الجليل”، الأحد ، تصريحات مثيرة للجدل حين “زعم” إنّ النبي محمد سيتزوج في الجنة من السيدة مريم العذراء إضافة إلى آسيا بنت مزاحم زوجة فرعون ، وكلثوم أخت موسى ) ، علما أنه في موقع / أبن باز ، بين التالي بخصوص هذا الحديث : ( لا أعلم أنه ورد عن النبي حديث صحيح في تزوجه بـمريم ، وتزوجه بـآسية ابنة مزاحم امرأة فرعون ، لا أعلم في هذا حديثاً صحيحاً ) .. وانا أقول أن مريم العذراء هي بتول وفق القرآن ، ( قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا / 20 سورة مريم ) ، ووفق العقيدة المسيحية أيضا ، لأن العذراء أنتقلت الى السماء بالروح والجسد ، ففي موقع www.massi7e.com بين التالي ( أن مـريـم الدائـمـة البـتـوليـة ، بعـد أن أنهـت مـجـرى حـيـاتـهـا الأرضــيـة ، رٌفـعـت بجسـدهـا ونفـسـها إلـى المجـد السمـاوي – إن إعـلان هـذه العقيدة يعبـر بشكل واضح عن إيمان الكنيسة منذ القرون الأولـى للمسـيحـية ، وهـذا الإنتقال كما يقول المجمع الفاتيكانى الثانى عنه هو “علامة رجاء وطيد” .. ) . * والتساؤل كيف لمحمد الذي مات ، وتحلل جسده قبل 14 قرنا ! ، أن يتزوج من السيدة البتول القديسة ! ، وهل يجوز للموتى أن يتزوجوا من الأحياء في عليين جسدا ونفسا – وهي العذراء في الدنيا والأخرة ! .