علاقة بني البشر بالخبز علاقة تاريخية تمتد لآلاف السنين فمنذ أن عرف الخبز عرف معنى الحياة وتذوق طعم الشبع وهو أهم شواغل النفس البشرية ، ، والخبز هو صناعة إنسانية بامتياز بل قد تكون أهم صناعة عرفتها البشرية والتي يمتد عمرها لأكثر من ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد وتفتخر شعوب الرافدين وشعوب مصر القديمة بأنها أول من عرف وطور هذه الصناعة وهاهي ملحمة كلكامش الخالدة تخبرنا بان انكيدو عندما تعلم كيف يأكل مثل سائر بني البشر ( بدلا من إرتضاع الحليب من حيوانات البر ) ، كان أول شيء تعلمه هو أكل الخبز ( كل الخبز ياانكيدو ، بهجة الحياة ) ، والسجلات الاثارية تفيد بان سكان وادي الرافدين القدامى كانوا يصنعون أكثر من ثلاثمائة نوع من الخبز. بل يتعدى الأمر إلى أن صناعة الكعك ( cake ) هي صناعة أكدية حيث كانت تسمى ( كعاتو ) وتطورت التسمية إلى ( الكعك ) .
هذا يعني إن أجدادنا هم من علموا العالم صناعة الخبز فمن غير المعقول أن يحرم الشعب العراقي من الخبز بحجة أو بأخرى ، فتحت أقسى الظروف التي مرت على البلاد في ظل الحصار الاقتصادي في تسعينات القرن الماضي كانت الدولة تعمل بكل قابليتها وقدراتها لتوفير الخبز للشعب وهنا لا احد يتهمني بالدفاع عن النظام السابق لأنني أسوق أمثلة من تاريخ العراق القريب والمفهوم والتي عايشها الجميع .
الذي أريد أن أقوله هو إن الحكومة العراقية الرشيدة بقيادة الدكتور العبادي الذي أتصوره يخطو خطوات لا بأس بها لترتيب وضع البلاد للتخلص من التبعات الكبيرة والسيئة التي خلفتها حكومة المالكي ، قد أوقفت صرف رواتب موظفي الموصل والانبار وصلاح الدين وهذه كارثة بكل المقاييس فشعب هذه المحافظات معظمه نازح ومهجر أو يرزح تحت سيطرة داعش وحرمانه من مستحقاته يدمر حياته ويلغي وجوده والمستفيد الوحيد من هذه الخطوة هي داعش التي ستعمل على استقطاب هؤلاء وتجنيدهم للعمل معها ، لذلك يجب حل هذه الكارثة التي نزلت على رؤؤس هؤلاء لأنهم أولا وأخرا عراقيين ومعظمهم يتطلعون لتخليصهم من شر داعش ، فلا تدفعوا الناس إلى أحضان داعش يا حكومتنا الرشيدة .
الكل يعرف الحديث المروي عن احد أهل بيت النبي ( لولا الخبز ، لما عبد الله ) ويقول الصادق ( بني الجسد على الخبز ) ويقول ( اللهم بارك لنا في الخبز ، ولا تفرق بيننا وبينه ، فلولا الخبز ما صمنا ولا صلينا ولا أدينا فرائض ربنا ) ، ويقول الصاحب في قصيدة له :
لم يشتر الناس ولا باعوا خيرا من الخبز إذا جاعوا
وبما إنكم سيادة الدكتور ومعظم أعضاء حكومتكم الموقرة من ذوي الخلفية الإسلامية وغالبيتكم متدينون وقريبين من الله وتدعون إلى دين الإسلام ولا يرضيكم أن لا يُعبد الله لذلك يجب أن تتحملوا المسؤولية كدعاة ( جايه من حزب الدعوة ) للإسلام وتطلقوا رواتب موظفي الموصل والانبار وصلاح الدين لان ( راح يشوفولهم غير رب أو يصيرون ملحدين لو
يروحون ويه داعش ) وهذا لا تقبله كل الشرائع والدساتير والقوانين الوضعية التي وضعها بنو البشر أو المنزلة من رب السماء .
إذا تم إطلاق رواتب موظفي المحافظات الثلاث ( الموصل ، الانبار ، صلاح الدين ) اضمن لك سيادة رئيس الوزراء أن الشعب في هذه المحافظات سيصفق لك ليل ونهار كون الراتب يوفر الخبز والشاعر الشيوعي يقول ( مرهونة الخبزة إلا بصفكة ) .