23 ديسمبر، 2024 9:44 ص

مركز لالش يحتفي برواية عن تراجيديا الإيزيديين قراءة في رواية شنكالنامة

مركز لالش يحتفي برواية عن تراجيديا الإيزيديين قراءة في رواية شنكالنامة

يوم أمس 3.6.2019 كانت لي قراءة في رواية شنكالنامة، للكاتب ابراهيم اليوسف، في طبعتها الثالثة، حيث قام مركز لالش دهوك مشكوراً بإعادة طبعها ضمن سلسلة مطبوعات الهيئة العليا للمركز…
كان ذلك ضمن أمسية ثقافية أقامها مركز لالش/ فرع خانك.. وسط حضور لفيف من المثقفين والمهتمين بهذا الشأن، وعدد من القنوات الفضائية لنقل الحدث…
رحب ممثل المركز السيد دخيل نايف بالحضور متمنياً لهم أوقاتاً طيبة ومفيده مع الأمسية، ثم تم تقديم كلمة قيمة من قبل رئيس الهيئة العليا لمركز لالش/ دهوك، السيد شيخ شامو حول الرواية وكاتبها….
تلت ذلك كلمة المؤلف إبراهيم اليوسف، قرأها نيابة عنه الباحث داود الختاري.
شنكالنامة ( رسالة شنكال)، الرواية الثانية، للكاتب السوري ابراهيم اليوسف، بعد روايته الأولى” شارع الحرية” التي لاقت رواجا واسعا بعد نشرها… اليوسف يمزج واقعة الشخصي بعلاقاته المتشعبة مع الكورد الإيزيديين في مدينته قامشلي، وتوابعها، مع ماهو متخيل، ليصور كل ذلك بأوجاع لانهاية لها لهذا الشعب المنكوب الذي واجه عبر تاريخه المؤلم اربعة وسبعين فرمانا، كان الفرمان الأخير، غزو داعش لمنطقة شنكال( سنجار) في 3/8/2014.
يقول الكاتب قبل أن يبدأ بروايته على لسان أهل شنكال مخاطبا جبلها، صديق الإيزيديين:
أية إبادة نهائية كانت تنتظرنا لولاك أيها الجبل!..؟
ليتبعها بالصفحة 4 ، بالملحمة الغنائية مدونة سفر آلام الايزيديين وبطولاتهم
إنه الفرمان الرابع والسبعون( أغنية غنائية للشقيقين: تحسين وعلي خضر)
أخي…
لست حزينا الآن على مقتل الشباب
لست حزينا الآن على مقتل عريس ” السنة الواحدة”
لست حزينا الآن على ذبح الأطفال
لست حزينا الآن على أموال وأملاك سلبت
حزين على مصائر بنات ونساء كوجو
يتم بيعهن في أسواق النخاسة في الرقة والموصل
تحت شعار ” الله أكبر”
………
………
يرصد اليوسف جرائم داعش من خلال الراوي الذي يعمل في مؤسسة إعلامية في الإمارات، يبكيه مايجري في جبل شنكال فيقول:
” أهلنا يقتلون أمام أعين العالم الذي بدا متفرجاً”.
الصحافي يلملم ذاكرته ليعود إلى ماضيه ممن يعرفهم من أصدقائة الايزيديين، ومنهم: تيلي شنكالي صديقته الفنانة التشكيلية عرفها عام 1980 في دمشق لترسم له فيما بعد غلاف كتابه، و هكذا بالنسبة إلى أصدقائه من شنكال، وكوردستان، وأوربا… ويشحذ سكينه للمعركة التي تخصه من أجل أبناء قومه الكورد الإيزيديين الذين تخلى عنهم العالم ليقول في ص37:
” أي عالم عديم الأخلاق، هذا. ثمة أبناء ديانة شرقية أصيلة، يبادون أمام أعينهم. بيوتهم تحرق ولا أحد وقف معهم. كان بإمكان طائرة أمريكية واحدة أن ترمي بعض مراكز((جاحش)) في الموصل، أو الرقة، لتقضي على عش الدبابير السوداء الهائجة”.
يعمل الرواي ويحلل لما يجري لهذا الشعب المسكين لتصبح حياته بين ليلة وضحاها، كلها عبارة عن أوجاع ، آلام ، بكاء، عويل، رؤوس تقطع، وفتيات يانعات يسقن إلى سوق السبايا ليبعن مثلما تباع الخراف…يقول في ص46:
“يظهر من كان يمنع هولير بسط سيطرتها على المكان من تنفيذ خطته. ثمة من كان يخطط لهذه الغزوة من بغداد. إنها جزء من اتفاق تسليم الموصل، وكل أسلحتها، وعتادها، لهؤلاء الأفاكين، الأفاقين..!”.
مع فصل رصاصات روكا، يبدأ ماراثون العذاب في قيض آب اللهاب، الجوع والعطش، تناول أوراق الشجر، وشرب الدموع التي لاتقتل الظمأ، التداوي بالاعشاب … دمهات الشاب الشهم ، يضعف حينا، ويستبسل حينا آخر، يقرر في النهاية أن يقاتل مع البيشمركة لتحرير شنكال، إلا أن صديقته روكا التي عقد عليها رسميا في المحكمة تلتحق بالكريللا عندما تدخل كوردستان سوريا، حيث تكتب له ذلك حينما يفتح هاتفه…يصعقه هذا الخبر ليقول ، ص 50
” كانوا يبحثون عن موطىء قدم بين الإيزيديين. أفكارهم طوباوية، يريدون أن يكون كل شيء لهم، ناسين مهمتهم الرئيسة، بالرغم من تضحياتهم”.
الصخور في جبل شنكال كانت تبكي أوجاع أبنائها، جثث تلقى على قارعة الطرق الترابية، اطفال تركوا وحدهم يصرخون. شيوخ وعجائز يندبون حظهم، والجبل يشهد ولادات مع كل العناء، ويحضن شنكال مولوداً جديداً يوصل صرخاته إلى الخالق لعله يستجيب…ص 118
” لاطبيب، لادواء. لامستشفى”
” مأساتنا كبيرة، والحمدلله، رزقك الله بولد، لكن أمه فارقت الحياة..!.”
” آخر ماقالته لنا، وهي تعض أصبعها بقوة: إذا مت، سموه شنكال”
شنكالنامة*، رواية تقع في 350 صفحة من القطع الكبير، بين طياتها فضاء واسع لعشرات القصص الموجعة، استقاها الكاتب من أرض الواقع، والفنتازيا، وطرحها بأسلوب سردي جميل، يدخلك فيها إلى عالم شنكال بجبله وناسه المساكين ، إلى طقوس الإيزيديين، وأساطيرهم ، ليكتب في أسطورة متخيلة أن الشعب الذي صمد أمام 74 فرمانا، لن يموت…
ص 258: ” دخل ثلاثة من هؤلاء. لمحو الطواويس. صوب أحدهم سبطانة رشاشه نحوها، ورشقها بالرصاص. دارت الطواويس حول نفسها. ارتمت في دمها. ثم وقبل أن يقطعوا الأمتار القليلة التي تفصلني عنهم، وجدتها، تجمع ارياشها المتناثرة، وتحلق.”
*رواية شنكالنامة –350 صفحة من القطع الكبير-إبراهيم اليوسف- الطبعة الثالثة- مركز لالش- دهوك2019