8 أبريل، 2024 2:37 ص
Search
Close this search box.

مرض ” اوبك ” اصبح عضالا

Facebook
Twitter
LinkedIn

سبق وان نشرت مقالا في موقع كتابات بتاريخ 02 / تشرين الاول/ 2016 وبعنوان “مرض اوبك والمعروض الوهمي” حول استعراض سبب الانخفاض السريع او “الصدمة” في إيرادات تصدير النفط خلال السنوات الماضية وتبعاتها على الوضع الاقتصادي والسياسي للبلدان المصدرة للنفط, الذي أصبح عاملاً مؤثراعلى الاستقرار السياسي والاقتصادي لمعظم الدول المصدرة للنفط وبتأثير كبير على دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وبتاثير أكبر على الدول المصدرة للنفط في أفريقيا وأمريكا اللاتينية. وسواء كانت هذه الصدمات حقيقية اقتصادية اوافتراضية سياسية, قد يكون هدفها تقويض اقتصاديات بعض الدول المنتجة للنفط والمزعجة للسياسة الامريكية كايران مثلا تزامنا مع قرار العقوبات الاقتصادية الامريكية على ايران في الخامس من شهر تشرين الثاني الجاري. ان اغلبية اعضاء اوبك تعاني الان من مرض “اوبك” والاكثر معاناةً وتضرراً هم الاعضاء من الدول النامية والدول التي عانت جراء حروبها وتبعاته من حصار واحتلال ونزاعات طائفية وفساد. ولم تتعض منظمة اوبك من تجربة الانهيار الاقتصادي لمعظم اعضاءها بعد “صدمة ” عام 2009 ولا من الصدمة الاعنف ” في خريف عام 2014 على ضوء هذه الصدمات باعتماد آلية واضحة لاعضاء منظمتها لاستشعار الوضع السعري لسوق الطاقة العالمي في مراحله المستقرة كانت اوالمتأرجحة بناء على الاستقراء في حجم المعروض الخزني “الوهمي” والذي على ضوء البيانات يتم تصحيح حصة اوبك في سوق الطاقة العالمي لالزام البعض من الاعضاء المنتجين الكبار بسقوف انتاجية محددة لتقليل تخمة المعروض سواء كان حقيقيا او”وهميا سياسيا” لتعديل اسعار النفط في سوق الطاقة العالمي ولتقليل الضرر عن الدول الاعضاء المعتمدة كليا على ميزانيات النفط في تغطية نفقاتها مثل العراق وفينزويلا. بل ان البعض من الاعضاء المنتجين الكبار يصر على المحافظة على حصته التسويقية بنوع للالتفاف على قرارات المنظمة ليكون ضحيتها الاعضاء الاخرين ولتكون اوبك اكثر وهناً واقل نفعاً لهم .
وبالرغم من اعادة هيكلة اقتصاديات بعض اعضاء المنظمة من دول الخليج من خلال تنويع مصادر مواردها بتوظيف احتياطياتها المالية الضخمة في بناء اقتصاد مرن قادر على امتصاص اثار الانهيارات في اسعار النفط ولعدم قدرتها بالدفاع عن قراراتها سياسياً واقتصادياً اصبحت مستعبدة لابتزازات مافيات مستهلكي الطاقة الكبارالتي تناور في استعراض حجم المعروض “الوهمي” لفرض سيطرتها على منظمة اوبك ولأفراغها من قرارتها, فوظف مستهلكي الطاقة الكبار عضو المنظمة والمنتج الرئيس فيها المملكة العربية السعودية باحتياطياتها النفطية الضخمة أن تلعب دوراً أكبرمن حجمها من خلال إغراق سوق النفط العالمي حيث عملت بإغراق سوق النفط في خريف عام 2014 متزامناً مع اتخام في حجم المعروض “الوهمي” النفطي، لتقويض اقتصاد غريمتها ايران التي تعاني اصلا من عقوبات اقتصادية دولية, وكذلك بعض البلدان المنتجة للنفط من خارج منظمة اوبك كروسيا على وجه الخصوص التي لا تملك ايضا اقتصاداً متنوعاً وتستند ميزانيتها الاقتصادية اساساًعلى أسعار محددة للنفط. ان التراجع الحاد لأسعار النفط “الصدمة” قد حقق ما أراده السعوديون ليس فقط لتقويض صناعة النفط الصخري بل لتقويض الاقتصاد الإيراني والروسي الذي من شأنه إضعاف قدرتهم على دعم حلفائهم وأتباعهم لا سيما في العراق وسوريا.
ان هذه “الصدمة ” الجديدة قد تعصف ايضا باقتصاديات بعض منتجي النفط في الشرق الأوسط ، حيث انها ستقيد عائدات النفط المنخفضة قدرة العراق على اعادة اعمار المناطق المحررة من قبضة تنظيم داعش الإرهابي، و ستخفض فيه موازنته المالية التشغيلية وستجمد موازنته الاستثمارية لعام 2019 بعد توقع خسارات شهرية من ايرادات الموارد النفطية بمقدار 2.5 مليار دولار, وسيضطرالعراق للحصول على مساعدات الطوارئ المقدمة من صندوق النقد الدولي وغيرها من المؤسسات التمويلية لترتفع ديونه الخارجية الى ارقام قياسية تتزامن مع صعوبة سداده لفوائده المستحقه, ونخشى ان لايدخل الاقتصاد العراقي في غيبوبة مالية كما حدث لفنزويلا في صدمة خريف 2014. وبالرغم من غياب دورمنظمة اوبك في المساهمة في استقرار سوق الطاقة العالمي, ظهرت اصوات من داخل المنظمة تطالب بتعديل السياسة النفطية للمنظمة وتحصين المؤسسات التسويقية لاعضاء اوبك من مرضها تحسبا لتعرضهم “لصدمات” قادمة قد تكون مميتة, ليلتئم يومي 6-7/ كانون الاول /2018 اعضاء اوبك في مقر المنظمة في فينا وبحضور بعض المنتجين من خارج اوبك وبعض المستهلكين, والتوصل الى اتفاق على تخفيض الانتاج الكلي لاعضاء منظمة اوبك وخارجها بمقدار 1.4 مليون برميل في اليوم, لترتفع اسعار النفط بشكل طفيف بنسبة 5%, بعد ان خسرت بحدود 20 %من معدلات سعره في الاشهر الثلاث الاخيرة.
ان المؤسسات التسويقية النفطية لبعض دول اوبك, ومنها مؤسسة التسويق النفطي العراقي لازالت تعمل بآليات تقليدية تفتقر فيها اعتماد التكنلوجيا الحديثة لاستقراء ومعالجة البيانات السعرية للنفوط العالمية وغير متفاعلة مع قواعد المعلومات وتحليل بيانات المعروض الخزني من مصادره في سوق الطاقة العالمي ومقارنته مع نشرات وتقارير مراكز الدراسات الدولية المتخصصة في الاقتصاد والطاقة. حيث لم يبادرالقطاع النفطي العراقي بانشاء مركز دراسات استراتيجية نفطية واقتصادية متخصصة في تحليل حجم الانتاج النفطي العالمي وتخمين معروضه “الوهمي” ورسم السياسات السعرية وسياسات تسويقه لتكون رافدا مهما في تهيئة بيانات اركان الموازنة المالية للدولة العراقية المتتأرجحة سنويا عند اعدادها, ونبراسا في نفق الاقتصاد العراقي المظلم متهيئا لصدمة مستقبلية قادمة توضحت مؤشراتها في يوم انعقاد اجتماع اعضاء منظمة اوبك, بعد نشر معهد الدراسات الاستراتيجبة الامريكية للاقتصاد والطاقة تقريرا عن رئيسها مايكل لينج بتاريخ 6 / كانون الاول /2018 بتحول الولايات المتحدة الامريكية من المستهلك الاكبر للنفط الخام الى المنتج الاكبر ليعود مكتفيا ذاتيا بعد 75 عاما. وبين التقرير بان على منظمة اوبك ان تاخذ ذلك بنظر الاعتبار. لتكون “الصدمة” القادمة مميتة طالما مرض “اوبك” اصبح مرضا عضالا في ضوء ادارة النظام الدولي الاحادي القطب.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب