17 نوفمبر، 2024 10:31 م
Search
Close this search box.

” مرشح ”  شرط السكين

” مرشح ”  شرط السكين

 اليوم حلّ  علينا ضيوف أعزاء ، وتناولنا الغداء معا وكنت قد  ذهبت للسوق لأشتري  بعض   مستلزمات الوليمة .. خبز عراقي  ورقي ، وخضروات .. والذي ادهشني أن الرجل الذي يعمل في السوبر ماركت  عندما سألته عن صحة اختياري ” للرقية ”  .. أخذها بيده كطفل وربت عليها ” مطبطبا ”  واشار علي  بكلمة ..” نوت باد”  ولكنه أرجع رقيتي الى مكانها وأخذ ” يطبطب ” على الرقيات حتى وجد ضالته .. سلمني الرقية وقال ”  ات از ، بتر آند سويت ” ..  استغربتُ  من التشابه في طريقة فحص الرقي بين شعوب المعمورة والتي تعيش بأستراليا بسلام وآمان وديمقراطية  وحقوق إنسان  ، ورفاهية  ، وفعلا  طلعت الرقية غاية في الطراوة والحلاوة
تذكرت نحن “العراقيون”   كشعب لجوج ومتغير القناعات  ”  واهل الفتن ” ومثيرو الشغب .. كنّا لا نقتنع   بصياح  الباعة عن بضاعتهم ” الرقي ” بأنها حمراء  وعسل ، وقد سمعت يوما وأنا في سوق شعبي في محافظة الحلة ” بابل   ”  أيام حرب الموت العراقية- الايرانية” من  بائع  حليّ  يصرخ  ”  رقي رقي مال أوادم”!! ”
العراقي  لم يقتنع ابدا أن لم تكن ”  الرقية ” شرط  السكين   -ومنعا للإلتباس  المفهومي  القومي ّ!!-  نقول بلسان عراقي مبين  ” شرط السكين ”  تعني: إن البائع  يفتح  الرقية  من خاصرتها ليرسم مثلثا  في جسدها وبحركة مسرحية  يقوم بخلعه ليخرج   ”  شيفا ”  معافى ،  ليري  الجمهور مصداقيته  بكون الرقية حمراء وإمعانا في الثقة ” بالرقي ” يطلب من الزبون  أن يتذوقها  كي يتأكد من كمال أوصافها  ” رقي  أحمر وعسل ” .
وعندما تتم عملية البيع بسلام، يصرخ البائع : ” خل ياكلون  ……..”
………………………………
في موسم  الانتخابات  البرلمانية العراقية ، بل في سوقها  السيء الصيت ، رأيت عجبا حقا ،  اعلانات لمرشحين  أشبه بالفضائح  وهي تمشي على رجلين ، اعلانات   مستهترة  ، غبية ،  فاقدة لمشروعيتها القانونية ، متجاوزة على حقوق الناخب ، متشفية  ببعضها ، متنكرة بالعتمة .
فهذا   ”  أسد الله الغالب” ، وذاك : “حامي ثروة العراق ”  وأخرى ” مدججة بالسواد ، وثانية  زوجها الحاج  أو فلان ، بلا صورة ولا نبذة تعريفية ، سوى انها أما علوية ، او متزوجة من  سيد أو حاج أو شيخ …!
  هناك خلل وفحش سافر في شراء المواطنين واصواتهم .. يبدأ من شراء البطاقة الانتخابية   الالكترونية  لتعطيل المشاركة  أو لكسب اصوات ، وليس إنتهاءً  بمغازلة   الصوت العراقي بأرخص  الاثمان وأخسها  ..
فالنائب   ذو الاصابع  الممهورة بالخواتم الفضية ، يولم  للجياع  ولائم  الذل والخنوع ، وذاك  يُقسم  أن النبي محمد قد دعاه الى الترشيح !
وآخرى  لا مواهب لها سوى  صورة  مغرية  لشبق  الجائع اليها .
سوق بين  باعة متمرسين  على الدهاء وجمهور ”  مخدر ”  مغلوب على أمره ،  جبان ،  متواطيء ، مشارك، مبشر  بالشياطين
ولكن مصيبة العراقي   ترك بوصلة المعرفة فلا هو
 مطبطب” ولا هو يبحث  عن  ”  شرط السكين “
وهذا ما زادهم  عنجيهة واستهزاء  حتى وصل سعر الصوت العراقي  الى  ”  دجاجة مشوية ” !!!.
……………………..
 في زحمة هذا  اللغط  وسوق الصفافير ، سنجد  السمين والطيب والشريف والحقيقي ، والنزيه ،  والوطني العراقي ، والمتنور ، والتكنوقراط  ، الذين  هم  الذين يضعون اليد على  الجرح وبيدهم المشرط  والعلاج  ، كفاءات وطنية عراقية  متحزبة ومستقلة ، ديمقراطية حقا وتؤمن بالانسان العراقي وحقوقه  ، نخب  تستطيع الاطمئنان لها  ، سنجد  صوت العراق الخافت في ضوضاء باعة الضمير  والشرف والوطن ..
أصوات  لا َتعد بالجنة ، بل  تذهب الى  التذكير بالمستقبل  كجرس إنذار  لما يحلّ   في العراق من كوارث  ..
هذه الاصوات وأن خلت من ” ذات اليد ، ويسر السحت الحرام ”  ، فإنها قادرة على  فعل  ما يجب أن يكون .. لان العراق  لديه كل مقومات النهوض المدني  بثروته الهائلة ، بعقول  نخبه  ، بطاقات المخلصين  لمستقبل عراقي يليق بنا جميعا .
هؤلاء  ضمانة المستقبل وصمام آمان  العراق ، هم الذين   لابد من منحهم فرصة   وطنية    لبناء العراق  بعدما كشف  النواب  ”  عفنهم ” وعدم صلاحياتهم ” لدورة قادمة  لرسم مستقبل العراق ..
……………….

أحدث المقالات