23 ديسمبر، 2024 3:17 م

لم يُطِق المرشحون لانتخابات مجالس المحافظات صبراً، فسبقوا موعد انطلاق الدعاية الانتخابية، كما عِيل صبر المفوضية المستقلة للانتخابات فقدّمت الموعد، والنتيجة بين عشية وضحاها: انشقت الارض وانطلقت منها آلاف الاسماء، معظمها يبرز للساحة لأول مرة. ملايين الدنانير اُنفقت في سباق للفوز، ومع الأموال هناك الشعارات البراقة، والوعود، التي ستفتقد حتماً لموجبات تنفيذها.
سبق المرشحون موعد انطلاق الحملات الانتخابية، وبدل أن يتقيدوا بالمواعيد المحددة ليكونوا حضاريين أو ليوهمونا بذلك، اشتغلوا على «الحيلة القانونية»، ونشر البعض منهم صورهم مدبجة بتهاني زعماء العشائر وابناء القبائل، وربما تشاركت عشيرة واحدة بتهنئة عدة مرشحين في وقت واحد، والعديد من هذه العشائر تهنئ مرشحين ليسوا من أبنائها. صدقاً كان ادعاؤهم أو كذباً، فقد اخترقوا شروط المفوضية جهاراً نهاراً، شرعاً وقانوناً. ولتحفظ هذه المفوضية ماء وجهها قدّمت موعد انطلاق الحملات الدعائية، فالسادة المرشحون لا يستطيعون الصبر.
مرشحو اليوم يشاركون في مشهد شهدناه قبل 4 سنوات، ويومها كان الأمل فيه بقية، والممارسة الديمقراطية لم تبلَ فلسفتها بعد. ويومها تحدث الموجودون الآن في مجالس المحافظات عن العلل والحلول، وترقبنا جميعاً فوائد اللا مركزية. وايضا قبل السنوات الاربعة امتلأت الشوارع والأزقة بالصور الفاخرة، وصرفت ملايين لا عدّ لها. التاريخ لايعيد نفسه مع السادة المرشحين، بل انها الوجوه والبرامج نفسها، ربما تغيرت الشعارات فقط، فقد بقي واقع الخدمات على حاله، ولم يكلف المرشحون انفسهم بإزالة اعلاناتهم، التي تجاوزت على الشوارع والساحات.
اليوم كما الامس، يبدون وكأنهم يجبروننا على رؤية صورهم، يزرعونها على جانبي الشوارع وفي جزراتها، والمتنزهات، وملاعب الاطفال. سنتذكر اسماءهم لبرهة، ثم ننساها وسط مشاغل الحياة. الدعاية الانتخابية دلالة سوء، لأن فيه إهمالاً للقواعد الحضارية العامة في الدعاية، وهم ـ أي السادة المرشحون ـ يعلمون أن لا قوة ولا ضوابط كفيلة بمحاسبتهم، وإذا تسلمت الثلة القليلة من بينهم مناصب الإدارة والمراقبة، لن تحرك ساكناً، لانها جزء اصيل من هذه العشوائية واللا مبالاة.
ما زالت بعض دعايات الدورة الانتخابية الماضية موجودة، على الرغم من تغير لونها وضياع معالمها، ومعظم هذه الدعايات لمرشحين خاسرين..