18 ديسمبر، 2024 11:47 م

عموماً، تنشط الاحزاب في مواسم الانتخابات، لذلك تستعيد فعاليتها وتمسح الغبار عن برامجها وآيديولوجياتها، السبات يستمر طوال المدة الانتخابية، اربع او خمس او سبع سنوات، ففي الولايات المتحدة و بريطانيا لا أحد يسمع بالحزبين الرئيسين تقريباً إلا في أيام الانتخابات. إذن، قد تكون الحالة طبيعية، لكن هذه الأحزاب تستمر بالمراقبة والمحافظة على علاقاتها المتعددة مع مؤيديها، تناقش دائماً الوضع العام خسرت أم انتصرت في الانتخابات. وكذلك فهي تراجع سجلاتها ومفكراتها واجنداتها الداخلية والخارجية، لان هذه الاحزاب خُلقت من واقع ومتطلبات، ووُلدت ضمن تسلسل طبيعي للأحداث، قرارتها توصف بالمؤسساتية لانها تصدر بعد مرورها بسلسلة من المراجع والمصادر التي تتحسس القواعد الشعبية.
في كل موسم انتخابي في العراق، تتشكل كمية كبيرة من الاحزاب، تنطلق بأسماء جديدة وألوان حديثة، وإذ نفدت الأسماء الصالحة للعمل السياسي اتجه الحزبيون الجدد الى عناوين سريالية ورومانسية، تصلح للافلام والروايات اكثر منها للسياسة. هذه الاحزاب تدخل مزاد الانتخابات ومعظمها لايحمل قيمة مادية أو فكرية، المهم ان يدخل السباق بأكبر حجم من الوهم، معتمداً على فن التسويق، او فن الخداع. وحسب النظام الموجود فان القوائم تعتمد على الائتلافات بين الاحزاب عموماً، وهناك ائتلافات واسعة جداً تضم أحزاباً كثيرة، معظمها حديث الولادة بلا أي ملامح، ولاتحتاج الى معالم واضحة، فكل ما تحتاجه هو يقظة ونشاط في موسم الانتخابات.
ستركن الأحزاب الخاسرة في الانتخابات الى زاوية النسيان، وسيتفرق شمل أعضائها، وستنتظر الموسم الجديد لتنطلق باسماء جديدة، ولن تتواصل مع جمهورها، او تخطط للمرحلة المقبلة، أو تدرس أسباب الفشل. لانها تعلم أنها تستند الى الفراغ، وان موسم الانتخابات مثل موسم القنص، بعض الحزبيين يبدون صيادي فرص أكثر من كونهم سياسيين متحزبين. هذا على العكس مما تفعله الاحزاب العريقة في بقاع الارض الاخرى، لان ديمومتها وضرورتها تفرضها الوقائع لا المصالح، وهنا تبدو الانتخابات وسيلة لاكتشاف القاعدة التي تستند اليها.