الانتخابات فرصة لكي يقول الشعب كلمته ويختار من يمثله في الحكم ،إن كانت رئاسية أو برلمانية أو محلية ،وهو إجراء ديمقراطي رائع في كل العالم ،إلا في الدول العربية التي تشهد انتخاباتها اغرب أنواع التزوير والرشا والعراك بالأيدي والتسقيط والتهديد والتخوين وغيرها،ولكن في العراق (الجديد)،نرى طرقا مبتكرة إضافة الى ما سبق ذكرها أعلاه ،وتتلخص بكثير من العجائبية الغرائبية وفيها الكثير أيضا من قلة الأدب واستغفال الآخر واهانته والضحك على ذقنه ،أسوق هذا الكلام وأنا أرى شوارع العراق، وقد امتلأت باللافتات والجداريات الملونة والصور الكبيرة وكلها تتحدث عن برامج خيالية، ووعود وطنية وأحلام وردية في الخدمات والمشاريع التي لا توجد إلا في مخيلتهم فقط،فالكتل ومرشحوها يتحدثون عن إنقاذ العراق من الفساد والاستبداد والظلم والتهميش ومحاربة الطائفية ،وهم (كلهم) يمارسون الطائفية يوميا في سلوكهم، وعملهم الإداري وجلساتهم ومضايفهم ودوائرهم ،ويعملون على تقسيم البلاد وتفتيته طائفيا وفدراليا وإقليميا ،ومن سخريات القدر على العراقيين إنهم يعانون من غياب برنامج وطني خالص ،بعيدا عن الأحزاب والتكتلات والشخصيات العشائرية التي تعمل ليل نهار لإقامة الفدراليات والأقاليم لمنافع خاصة بها تتسلط فيها على شعبها وسرقة ثروات البلاد من خلال السلطة والجاه التي يحققها لها الإقليم أو الفدرالية ،ونعود الى نكات نقراها على جداريات ولوحات ولافتات وبرامج بعض المرشحين ،فهذا المرشح يوزع البطانيات وذاك يوزع الدجاج واسم المرشح ،والآخر يقوم بإرسال رسائل عبر الموبايل برصيد (دسم) للآخرين ممن يعتقد أنهم سينتخبونه،في حين يكثر آخرون من الولائم والعزائم أيضا الدسمة في المطاعم أو المضايف والبيوت ،وقد قرأت على الفيس بوك (لأحدهم)واسمه( برهان)،وقد وضح الآية الكريمة (بسم الله الرحمن الرحيم ..يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا )،في طريقة ساذجة وموغلة في التخلف والجهل وقلة الذوق ،وهناك من علق لافتاته في المقابر لتذكير الموتى واستدرار عواطف ذويهم للمرشح الهمام وهناك عشرات القصص الغريبة المضحكة والمبكية والمليئة بالسخرية والتخلف انعدام الذوق ،واستغفال الناخب ،لظن عقيم متخلف أن هذه الطرق تستطيع أن تستحوذ على اكبر عدد من الناخبين ،ولم يدر هذا المرشح الخائب ،أن وعي العراقيين وذكاءهم يفوق تصور هؤلاء الجهلة والمتخلفين الذين يريدون قيادة البلد بعقلية سطحية ،فالعراق يجب أن لا يقوده هؤلاء وان من الواجب الوطني ،والشرف الوطني ،والأخلاق الوطنية أن لا ينتخب العراقي غير الرجل الصادق الأمين ،الذي يضع نصب عينيه ،وحدة العراق وأمنه وسيادته ،والولاء له والعمل على حفظ أرضه وشعبه وتاريخه ،وعدم التفريط بوحدته ،فمن ينظر الى الخارطة السياسية الآن يرى غير ذلك تماما ،وهذا هو جوهر المأساة،مرشحون وأحزاب ترفع الشعارات الطائفية وتدعو الى التقسيم والتفرقة وتزيد من التأجيج الطائفي والاحتقان الاجتماعي والسياسي ،وفي خضم هذا الجو المشحون بالترقب والتداعي والانفلات الأمني والصراع السياسي الطائفي ينتظر العراقيون انتخابات مجالس المحافظات ،وهم يتطلعون الى نزاهتها ،وظهور شخصيات تنقذ البلاد من الأحزاب الطائفية التقسيمية ،التي تأتمر وتخضع لأوامر خارجية لا تريد الخير والوئام للعراق والعراقيين ،أما هؤلاء المرشحون والأحزاب الذين يضحكون على أنفسهم،فنقول لهم ألاعيبكم مكشوفة وبضاعتكم فاسدة فساد عقولكم ،ودعاياتكم صارت عبارة عن نكات يتداولها المواطن العراق في الشارع وعلى الفيس بوك ،ونقول للمواطن العراقي شكرا لك لأنك كنت واعيا وذكيا كما عهدناك دائما …ونقول للعراقيين اضحكوا على هؤلاء …اضحكوا عليهم ….