بدأت ملامح تدهور الدولار امام الدينار تتوضح في الشارع العراقي ، ويعزو اقتصاديون محليون وعرب اسباب هذا التطور الذي رحب به المواطنون ، الى الجهد الحكومي ممثلا بالمتابعة الجادة ، والشخصية من قبل رئيس الوزراء السيد محمد شياع السوداني ، بعد ان عجزت الجهات المختصة ، عن وقف نزيف الارتفاع المخيف للدولار الذي تسبب بانكماش السوق التجارية لصغار التجار وباعة المفرد ، وتذمر العوائل ، ولاسيما الفقيرة منها ، وقد لمستُ شخصيا ، الفرح المجتمعي للتدخل الحكومي المباشر في السعي الى استقرار اسعار الصرف ..
وهنا ، يبرز السؤال ، ويتسع في المحيط العراقي ، لماذا يركن اصحاب المسؤولية في الدوائر المعنية الى القنوط امام فشلهم ، بأعذار واهنة تنم عن عجز تام باتخاذ القرارات الصائبة ، منتظرين اجراءات الحكومة ، لإنقاذ فشلهم ، ثم يعزون تلك الاجراءات اليهم من خلال تصريحات هشة ، لم تعد تجد صدى!
وليس بخاف على احد كان لارتفاع سعر “الورقة الخضراء” أثر واسع، ليس على مخرجات الدولة في سياستها الاقتصادية والنقدية والمالية ، انما اعطى صورة ضبابية للعراق في المحافل الدولية ، ولاسيما في الاقتصاديات والمنتديات المتخصصة في العالم ، فالدولة التي تعجز عن لجم الارتفاع المجنون للدولار ، هي دولة تفتقر الى العقل الاقتصادي ، بينما العراق مليء بالكفاءات المالية والاقتصادية والنقدية .
ومع توقعاتي باستمرار منحى هبوط الدولار قياسا ، عن المدة السابقة نتيجة التدخل الحكومي المباشر ، فان الانتعاش الاقتصادي المحلي سيزداد قوة ، وصلابة ، وينعش الامل المجتمعي في عودة الحياة الى طبيعتها ، بعد فترات من التذبذب الذي حصل في الفترة الماضية ، فمرحى لهذا الجهد الذي يحسب لرئيس الوزراء في تعزيز القيم المجتمعية التي تزعزعت ، لولا انتباهه الى الطريق الوعرة في المعالجات المبتورة .. ولعل قراراته الصائبة الاخيرة خير دليل ، حيث وجه بالعمل على جملة من المشاريع المهمة لضمان عدم تأثر الفئات الفقيرة ومتوسطة الدخل من فارق الصرف ، ودعا وزارتا التجارة والصحة للعمل على استيراد المواد المهمة وتوفيرها بالدينار العراقي وبأسعار مستقرة ومثالها مشروع السلة الغذائية ( الساندة بأسعار مستقرة ) والسلة الدوائية والسلة الانشائية وسلة المواد الاحتياطية لقطاع النقل ، وبعضا منها بدأ العمل عليه منذ مدة .
من المعروف اقتصاديا وماليا ، ان ارتفاع قيمة الدولار في السوق المحلية عن السعر الحقيقي المعلن ، يعني ان هناك تحدياً للدولة ولقراراتها ، كما أنه يلقي بظلاله الثقيلة على الأسر والمعامل الاهلية الصغيرة ذات الانتاج المحلي البسيط التي تعتمد في انتاجها على مواد خام وسلع وسيطة ، حيث ترتفع كلف انتاجها ، مثل معامل النجارة والحدادة والخياطة والمستلزمات الزراعية و التجهيزات الغذائية وامثالها بالمئات .. وهي بعيدة عن المنصة الاستيرادية المعتمدة ..
مرحى للجهد الحكومي الذي يقوده السيد السوداني .. فخطواته اثلجت القلوب .